الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

اللبنانيون في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت.. بحث عن عدالة غائبة

اللبنانيون في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت.. بحث عن عدالة غائبة

Changed

"العربي" يواكب الذكرى مع بعض أهالي ضحايا الانفجار (الصورة: غيتي)
دشن اللبنانيون وسومًا عدة على مواقع التواصل لاستعادة الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت الذي لا تزال آثاره النفسية والاجتماعية راسخة في قلب العاصمة وبيوتها.

يستعيد اللبنانيون اليوم الخميس الذكرى السنوية الثانية لانفجار كمية كبيرة من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس/ آب من عام 2020، الذي أدى لمقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة الآلاف بجروح. 

وينظم أهالي الضحايا، الذين يخوضون رحلة شاقة من أجل تحقيق العدالة، في بلد تسود فيه ثقافة الإفلات من العقاب منذ عقود، ثلاث مسيرات تنطلق بدءًا من الثالثة عصرًا بالتوقيت المحلي من ثلاثة مواقع ذات رمزية في بيروت وصولًا إلى المرفأ، الذي تلتهم النيران مخزون الحبوب في إهراءاته المتصدعة منذ أسابيع.

ودشن ناشطون وسومًا عدة على مواقع التواصل، كـ"4 آب" و"مرفأ بيروت" و "لن ننسى"، استعادوا من خلالها صور ولقطات الفيديو المروّعة التي سجلتها هواتفهم آنذاك. 

وتنطلق المسيرة الأولى من أمام قصر العدل، بينما تنطلق الثانية من مقرّ فوج الإطفاء، مجسّدة الرحلة الأخيرة لتسعة عناصر من فوج الإطفاء هرعوا إلى المرفأ قبل وقت قصير من وقوع الانفجار. وتنطلق الثالثة من وسط بيروت، قلب التظاهرات الشعبية المناوئة للطبقة السياسية المتهمة بالتقصير، والإهمال والفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.

الذعر المتجدد

ويتناقل الناشطون على مواقع التواصل، شهاداتهم حول ذلك اليوم، لا سيما الذين كانوا على مقربة من الانفجار، الذي دمر مساحة كبيرة من العاصمة بيروت، وتضرر أكثر من 77 ألف بيت، ومئات المستشفيات والمراكز الصحية، بما في ذلك المدراس والجامعات المحيطة بمنطقة الانفجار. 

ويأتي إحياء الذكرى بعد أيام من انهيار جزء من الصوامع الشمالية، أعقب أسابيع من حريق مستمر نجم وفق مسؤولين وخبراء عن تخمّر مخزون الحبوب جراء الرطوبة وارتفاع الحرارة. ويحذر خبراء من خطر انهيار وشيك لأجزاء إضافية في الساعات المقبلة.

وحذّر الخبير الفرنسي إيمانويل دوران، الذي يراقب معدلات سرعة انحناء الصوامع عبر أجهزة استشعار، أمس الأربعاء من أن الانهيار التالي "يمكن أن يبدأ في أي وقت" وسيشمل "على الأقل أربع صوامع وما يصل إلى عشر في دفعة واحدة"، ما سيولد غبارًا وضوضاء ويثير الذعر على نطاق واسع.

وفي أبريل/ نيسان المنصرم، اتخذت الحكومة قرارًا بهدم الإهراءات خشية على السلامة العامة، لكنها علّقت تطبيقه بعد اعتراضات قدّمتها مجموعات مدنية ولجنة أهالي ضحايا انفجار المرفأ التي تطالب بتحويل الإهراءات إلى معلم شاهد على الانفجار وتخشى تخريب موقع الجريمة.

عودة القوى الحاكمة

وتحل الذكرى المؤلمة على ذوي الضحايا، وسط إحباط شعبي أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مايو/ أيار الماضي، التي أعادت نائبان ادعى عليهما طارق بيطار خلال تحقيقاته إلى داخل البرلمان، في حين استطاعت غالبية أحزاب السلطة الحاكمة آنذاك الحفاظ على مقاعدها في المجلس الجديد. 

وكانت نترات الأمونيوم التي تكدست بالعنبر رقم 12 دون أي إجراءات وقاية، السبب الأساسي لقوة الانفجار، بعد اندلاع حريق داخل العنبر لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقًا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنًا.

يوم "النووي"

ويُعدّ الانفجار الذي وصلت أصداؤه لحظة وقوعه إلى جزيرة قبرص، من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم. وأحدث دمارًا واسع النطاق، شبيهًا بالدمار الذي تسبّبه الحروب والكوارث الطبيعية. وأوقع أكثر من 200 قتيل، وأكثر من 7000 جريح، وأصيب 150 شخصًا بإعاقة دائمة، وشرد قرابة 300 ألف لبناني، الأمر الذي أغنى مواقع التواصل بشهادات مؤلمة، تعكس المآسي الذي تعرضت لها آلاف العائلات اللبنانية. 

وما عزز حالة الإحباط الشعبي، هي الأزمات المتكررة جراء الانهيار المالي التاريخي الذي يعصف بالبلاد، الذي خلف ثمانية من كل عشرة أشخاص فقراء، واعتبره البنك الدولي واحدًا من أسوأ ثلاثة انهيارات مالية في العصر الحديث.

وبعد عامين من الانفجار، لم تستعد بيروت عافيتها مع بنى تحتية متداعية ومرافق عامة عاجزة عن تقديم الخدمات الأساسية لا سيما الكهرباء والمياه. وتغرق العاصمة ليلًا في ظلام دامس فيما ملامح الدمار حاضرة في المرفأ والأحياء المجاورة.

"لا نتيجة" 

ويثير التحقيق في انفجار المرفأ انقسامًا سياسيًا مع اعتراض قوى رئيسية أبرزها حزب الله على عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار واتهامه بـ"تسييس" الملف.

ويقول مصدر قضائي مواكب لمسار التحقيقات لوكالة "فرانس برس": إنّ "البيطار واثق بأن التحقيق سيصل إلى نهاياته" بعدما "بلغ مراحل متقدمة جدًا".

وينتظر البيطار، وفق المصدر ذاته، "البتّ بالدعاوى ضده" ليستأنف في حال ردها تحقيقاته، ويتابع "استجواب المُدعى عليهم" تمهيدًا لختم التحقيق.

ودعت 11 منظمة حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء بعثة لتقصي الحقائق. وقالت في بيان مشترك الأربعاء: "من الواضح الآن، أكثر من أي وقت مضى، أنَّ التحقيق المحلي لا يمكن أن يحقق العدالة".

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close