تستعد العاصمة المصرية القاهرة لافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو أضخم متحف للحضارة المصرية القديمة. حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.
وسيكون نصف هذه القطع الأثرية معروضًا في المتحف، بينما يُحفَظ الباقي في مخازن أو مستودعات، ما يجعل منها أكبر مجموعة في العالم مخصصة لحضارة واحدة، شهدت مرور 30 سلالة على مدى خمسة آلاف عام.
ويتوقع أن يحضر حفل الافتتاح نحو 80 وفدًا رسميًا، من بينها 40 وفدًا يتقدمها ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات.
20 عامًا لبناء المتحف المصري الكبير
واستغرق بناء المتحف المصري الذي يغطي مساحة تقارب نصف مليون متر مربع أكثر من 20 عامًا. وبلغت تكلفته أكثر من مليار دولار. وكان قد افتُتح بشكل جزئي للعامّة في أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
وأُطلق مشروع المتحف في 2002 في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، وتأخر بناؤه كثيرًا. كما أرجئ افتتاحه الرسمي مرارًا بسبب عدم الاستقرار السياسي المرتبط بالربيع العربي، وجائحة كوفيد-19، ثم التوترات الإقليمية.
ويضم المتحف الكبير أبرز القطع الأثرية من عصر الفراعنة: تماثيل ضخمة، وتوابيت، وأدوات، ومجوهرات. كانت موزّعة في أنحاء مختلفة من البلاد، وباتت معروضة في مساحة تزيد عن 50 ألف متر مربع.
وصممت شركة "هينغان بينغ" الإيرلندية الواجهة الحجرية والزجاجية لـ"أكبر صرح ثقافي في القرن الواحد والعشرين" كما تصفه السلطات المصرية، لتكون "الهرم الرابع" لهضبة الجيزة، بالقرب من أهرام خوفو وخفرع ومنقرع.
وتجاوزت كلفة بناء المتحف مليار دولار، واستغرق بناؤه أكثر من عشرين عامًا. ومع توقع أن يستقبل خمسة ملايين زائر سنويًا، يهدف المشروع لتعزيز إيرادات السياحة الحيوية لدعم الاقتصاد.
حضور لتمثال رمسيس الثاني الضخم
ووُضع في المتحف تمثال الملك "رمسيس الثاني" الضخم، الذي يزن 83 طنًا ويبلغ ارتفاعه 11 مترًا، عند مدخل ردهة المتحف الفسيحة.
وحكم رمسيس الثاني قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام (1279–1213 قبل الميلاد). ويُعد هذا الفاتح والباني من أشهر ملوك الفراعنة، فقد جاب تمثاله العالم مرتين ضمن جولتين استقطبتا ملايين الأشخاص، الأولى في 1986، والثانية بين 2021 و2025.
وسيكون المتحف المصري الكبير المقر الأخير للتمثال، بعدما تنقل مرارًا منذ اكتشافه في 1820 قرب "معبد ممفيس" جنوب القاهرة. وقد رُفع التمثال أمام محطة القطار المركزية في العاصمة بين عامي 1954 و2006، قبل أن يُنقل في موكب مهيب إلى جوار أهرامات الجيزة.
"توت عنخ إمون" الشخصية الأعظم في مصر القديمة
وفي المتحف أيضًا، قاعة مخصصة لـ"توت عنخ آمون"، تضم كنوز الفرعون الذي يعد الشخصية الأعظم في مصر القديمة.
ويُعرض فيه أكثر من 4500 قطعة جنائزية من أصل خمس آلاف قطعة اكتشفها عالم الآثار البريطاني هاورد كارتر في 1922، في مقبرة سليمة في وادي الملوك.
ومن أشهر هذ الكنوز، قناع "توت عنخ آمون" الجنائزي الذهبي المُرصّع باللازورد، وتابوته الحجري المصنوع من الكوارتز الأحمر، والذي يحتوي على ثلاثة توابيت مُتداخلة، أصغرها مصنوعٌ من الذهب الخالص، ويزن 110 كيلوغرامًا.
وبعد سنواتٍ من الجدل بشأن سبب وفاة الفرعون الشاب في التاسعة عشرة من عمره (في 1324 قبل الميلاد)، عزت اختبارات جينية ودراسات إشعاعية أُجريت في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وفاته إلى الملاريا المُصحوبة بمرضٍ في العظام.
واجهة بانورامية تطل على الأهرامات
وصُمم في المتحف المصري مبنىً منفصل بمساحة 4000 متر مربع خصيصًا لاستضافة المركب الشمسي للفرعون "خوفو"، والذي يُوصف بأنه "أكبر وأقدم قطعة أثرية خشبية في تاريخ البشرية".
وبُني المركب، المصنوع من خشب الأرز والأكاسيا، قبل نحو 4600 عام، ويبلغ طوله نحو 43,5 مترًا، وقد اكتُشف في 1954 في الركن الجنوبي من أكبر الأهرامات الثلاثة.
ويمكن للزوار عبر جدار زجاجي، مشاهدة أعمال الترميم الدقيقة الجارية على مركب شمسي ثانٍ اكتُشف في 1987، ونُقل في أوائل العقد الثاني من القرن الـ21 قرب الهرم نفسه.
وبُني المتحف المصري الكبير حول درج ضخم مُزيَّن بتماثيل ومقابر ضخمة، يؤدي إلى واجهة بانورامية واسعة تُطل على الأهرامات.
وفي الطابق العلوي، تُعرض في 12 قاعة، قطع من تاريخ الحضارة الفرعونية، ممتدة على 50 قرنًا من التاريخ عبر ثلاثين أسرة، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وحتى الحقبة اليونانية الرومانية.
ويضم المبنى أيضًا مخازن مفتوحة للباحثين، ومختبرات وورش ترميم، ومكتبات، ومركز مؤتمرات، ومطاعم، وأروقة تسوق.