الثلاثاء 15 أكتوبر / October 2024

المدينة الفلسطينية الحديثة قبل النكبة.. فكر وثقافة وصناعة وتجارة

المدينة الفلسطينية الحديثة قبل النكبة.. فكر وثقافة وصناعة وتجارة

شارك القصة

برنامج "قراءة ثانية" يتناول ملف ذاكرة المدينة الفلسطينية قبل النكبة (الصورة: العربي)
من نتائج الاستعمار الإسرائيلي تدمير المدينة الفلسطينية ومؤسساتها وطمس معالمها العمرانية والعمل على إسقاطها من الذاكرة الجماعية وتحويل أكثر من نصف الفلسطينيين إلى الشتات.

شكلت المدن الفلسطينية قبل النكبة حاضنة للمشروع الوطني، حيث تشكلت مدن مركزية تشهد حياة حضرية.

كما تطورت مدن ساحلية مثل حيفا ويافا اللتين تحولتا إلى مركز للصحف والحركات الثقافية وتجمعات القرويين المهاجرين والتجار والمصرفيين وأصحاب المشاريع الصناعية والعمال ونشطاء النقابات والاتحادات المهنية.

وفي ثلاثينيات القرن العشرين أصبحت هاتان المدينتان أهم مدينتين ساحليتين في فلسطين ومثلتا وجهًا جديدًا لحداثة المجتمع الفلسطيني فيما حافظت القدس على مكانتها الدينية والسياسية والسياحية.

طمس معالم المدن

وكان من نتائج الاستعمار الإسرائيلي تدمير المدينة الفلسطينية ومؤسساتها وطمس معالمها العمرانية والعمل على إسقاطها من الذاكرة الجماعية وتحويل أكثر من نصف الفلسطينيين إلى الشتات.

ومن نتائج هذا الاستعمار أسرلة بعض المدن مثل بئر السبع وطبريا وصفد وبيسان، إضافة إلى تحويل العرب إلى أقلية مقهورة في مدن أخرى مثل يافا واللد وحيفا وعكا، وتشويه المدن الفلسطينية وفق سياسات ممنهجة وتهويدها في مناطق 48 وفي القدس.

فقبل النكبة عاش 120 ألف فلسطيني في يافا، إلا أنهم تحولوا بعد النكبة وبفعل التهجير القصري والتطهير العرقي إلى 3900 نسمة جرى تجميعهم في حي العجمي وتم بناء جدار شائك حديدي ومكثوا تحت الحكم العسكري الذي فرضه الاستعمار.

أما حي المنشية، فقد سكنه 10 آلاف نسمة وواجه تدميرًا جزئيًا في النكبة ثم هدمًا كليًا في حقبة الستينيات.

وتمثلت آليات السيطرة في تجزئة الفلسطينيين جغرافيًا واجتماعيًا وسياسيًا، وعزل التجمعات الفلسطينية بعضها عن بعض وإخضاعها للحكم العسكري والرقابة الصارمة على المدن والأرياف وتفتيت الحيز المكاني وتهجير السكان قسريًا أحيانًا وتعزيز تبعية الفلسطينيين للأغلبية اليهودية والاقتصاد الإسرائيلي والاستخدام المكثف لجهاز التعليم في أسرلة الفلسطينيين في مناطق 48.

تطور المدن الفلسطينية

الباحث والمؤرخ الفلسطيني عادل مناع يشير إلى أن أواسط القرن 18 شهدت تطور مدينتين هامتين في شمال فلسطين هما طبريا ثم عكا، حيث باتت كل منهما لفترة من الزمن عاصمة إدارية وسياسية وعسكرية لحاكم الجليل ظاهر بن عمر الزيداني.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من القدس إلى أن الزيداني توسع في حكمه إلى مناطق أخرى حيث أقام منطقة حيفا الجديدة، وكان له دور في إعمار فلسطين وبخاصة شمالًا.

ويضيف أنه منذ أواسط القرن 18 أخذت المدن الفلسطينية تنمو وتتطور على غرار مدن الساحل، إضافة إلى مدن أخرى عديدة في الداخل.

ويلفت إلى أن بعض الروايات الاستشراقية والصهيونية التي تتحدث عن فلسطين كبلد خال من سكانه قبل الاستيطان هو أمر بعيد جدًا عن التاريخ والحقيقة.

ماذا تبقى من مدينة حيفا الفلسطينية العربية؟

الباحث والمؤرخ الفلسطيني جوني منصور يرى أن ما تبقى من مدينة حيفا الفلسطينية العربية هو الذاكرة لدى عدد ليس بكبير من سكان المدينة، لافتًا إلى أن عدد من بقوا في المدينة عام 1948 لا يتجاوز 3 آلاف من أصل 75 ألفًا.

ويشير في حديث إلى "العربي" من حيفا إلى أن المعالم التي بقيت في المدينة تصل إلى ما بين 20 إلى 30% من المعالم العمرانية العربية الفلسطينية قبل عام 1948 لأن معظم المباني والأحياء تم طمسها.

ويقول إن السكان الذين بقوا في المدينة إضافة إلى الذين توافدوا إليها للعمل والعيش ولإعادة بناء النسيج الاجتماعي، يحاولون منذ العام 1948 إعادة بناء وتشكيل وبلورة الذاكرة الجماعية الفلسطينية للمدينة من خلال إبراز الدور الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعمراني الذي لعبته المدينة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close