أكّد الرئيس رجب طيب أردوغان أن بلاده لن ترضخ لـ "إرهاب الشارع"، وذلك في وقت تستعد فيه تركيا اليوم الجمعة ليوم ثالث من الاحتجاجات وسط تصاعد الغضب بسبب توقيف رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو بشبهة "الفساد و"الإرهاب".
وأوقف إمام أوغلو الذي يحظى بشعبية ويعتبر أكبر منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان، فجر الأربعاء قبل أيام قليلة من ترشيح حزب الشعب الجمهوري، أبرز أحزاب المعارضة، له رسميًا لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2028.
وندد حزبه بتوقيفه بوصفه "انقلابًا" وتعهد بمواصلة التظاهرات التي بحلول الخميس كانت قد امتدت إلى 32 محافظة على الأقل من أصل 81 محافظة في تركيا، وفقًا لتعداد أجرته وكالة "فرانس برس".
وحض زعيم المعارضة أوزغور أوزيل المواطنين في أنحاء تركيا على النزول إلى الشارع الساعة 17:30 ت غ، رغم تحذير وزير العدل من أن مثل تلك الدعوات "غير قانونية ومرفوضة".
وأعلن أردوغان الجمعة أن "تركيا لن ترضخ لإرهاب الشارع" بعد دعوة حزب الشعب الجمهوري المعارض لاحتجاجات في وقت لاحق الجمعة.
إغلاق طرق رئيسية
وبعد ظهر الجمعة أمر حاكم اسطنبول بإغلاق جسري غلاطة وأتاتورك اللذين يعبران مصب القرن الذهبي وهما الطريقان الرئيسيان المؤديان إلى شبه الجزيرة حيث يقع مبنى البلدية. وتحدت حشود كبيرة قرارًّا بمنع التظاهرات وتجمعت أمام مبنى بلدية اسطنبول دعمًا لرئيس البلدية فيما مددت السلطات الجمعة القرار ليشمل العاصمة أنقرة ومدينة إزمير الساحلية الواقعة غربًا.
وأطلقت الشرطة ليل الخميس الرصاص المطاط والغاز المسيل للدموع خلال مناوشات مع الطلاب قرب مبنى البلدية، بحسب مراسلي "فرانس برس".
وفي أنقرة، استخدمت شرطة مكافحة الشغب رذاذ الفلفل والرصاص المطاط وخراطيم المياه لتفريق قرابة 1500 شخص، بحسب مراسل آخر.
وأوقفت الشرطة 88 متظاهرًا على الأقل بعد إعلان وزير الداخلية علي يرلي كايا على منصة "إكس" توقيف 53 شخصًا.
وأضاف الوزير أن 16 شرطيًا أصيبوا بجروح وأوقف 54 شخصًا آخرين بسبب منشورات على الإنترنت اعتُبرت "تحريضًا على الكراهية".
وقلل أردوغان مساء الخميس من أهمية التظاهرات التي تعد الأسوأ منذ سنوات. وقال إن "مساعي المعارضة لتصوير مشاكلها مع القانون على أنها أكبر مشكلة تواجه البلاد هي قمة النفاق". وأضاف أن تركيا "ليس لديها وقت تضييعه على تمثيليات المعارضة".
غير أن أوزيل حذر أردوغان الخميس من أن المعارضة تعتزم مواصلة احتجاجاتها، وقال: "من الآن فصاعدًا لا يتوقعن أحد أن يمارس حزب الشعب الجمهوري العمل السياسي في القاعات أو المباني، سنكون في الشوارع والساحات".
بدوره، أعلن حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد عزمه الانضمام للتظاهرة في اسطنبول الجمعة.
"تنديد بالنزول إلى الشارع"
وحذر وزير العدل يلماز تونتش الجمعة في منشور على "إكس" من أن الدعوة للتظاهر "غير قانونية وغير مقبولة. يتعين على المسؤولين توخي مزيد من الحذر في تصريحاتهم".
وليلًا ندد وزير العدل يلماز تونتش بالذين يدعون المتظاهرين للنزول إلى الشارع. وكتب على إكس في ساعة مبكرة الجمعة أن "الدعوات للتظاهر في الشارع بناء على تحقيقات قضائية جارية، أمر غير قانوني وغير مقبول".
وقال: "يتعين على المسؤولين توخي مزيد من الحذر في تصريحاتهم"، موقف ردده يرلي كايا.
ويقول مسؤولون إن رئيس بلدية اسطنبول يخضع مع ستة أشخاص آخرين لتحقيق بشبهة "مساعدة منظمة إرهابية" هي حزب العمال الكردستاني المحظور.
ويخضع أيضًا لتحقيق بتهمة الفساد إلى جانب نحو 99 مشتبهًا بهم آخرين.
وأفادت تقارير بأن المحققين بدأوا إجراءات استجواب إمام أوغلو بعد ظهر الجمعة، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية مضيفة أن جميع المشتبه بهم سيمثلون أمام المحكمة صباح الأحد.
ورغم توقيف إمام أوغلو تعهد حزب الشعب الجمهوري المضي قدمًا في الاقتراع الذي سيجريه الأحد والذي سيعلن فيه رسميًا ترشيحه لخوض انتخابات 2026.
وقال الحزب إنه سيفتح العملية أمام أي شخص يرغب في الاقتراع، وليس فقط أمام أعضاء الحزب، مؤكدًا "تعالوا إلى صندوق الاقتراع وقولوا "لا" لمحاولة الانقلاب".
وقالت رئيسة برنامج الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن غونول تول لوكالة فرانس برس: "إذا صوّت عدد كبير من الناس لإمام أوغلو، فسيُضفي ذلك شرعية أكبر عليه في الداخل". وأضافت: "قد يدفع ذلك الأمور في اتجاه لا يريده أردوغان".
وبحلول صباح الجمعة كانت القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي والوصول إلى الإنترنت منذ اعتقال إمام أوغلو قد رُفعت، بحسب موقع إنغيليويب (EngelliWeb) المختص بمراقبة الوصول إلى الإنترنت.
وتسبب توقيف إمام أوغلو بانهيار حاد في الأسواق المالية التركية وسدد ضربة قوية للعملة المحلية.