شهدت سوريا مع سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول عام 2024 تغيّرات جذرية، لامست معيشة المواطنين اليومية، وشملت جميع مناحي الحياة، من أبسطها إلى أعظمها، إذ لم يكن التغيّر سياسيًّا فحسب، بل كان اقتصاديًّا وخدميًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا. وإن كان إيجابيًّا بمجمله، فإنه لم يخلُ من الصعوبات والتحديات التالية لمرحلة إعادة بناء الدولة ونظامها وخزينتها من الصفر.
مما أثمره هروب بشار الأسد من البلاد بصورة مجملة، ارتفاع قيمة الليرة السورية أمام العملات الأخرى، وعلى رأسها الدولار الأميركي، وانخفاض أسعار مختلف المواد، وغياب مشهد الطوابير في محطات الوقود، وانتهاء معارك الركوب في المواصلات، وانفتاح البلاد على دول الجوار والمنطقة والعالم، ورفع جزء من العقوبات المفروضة على سوريا، وارتفاع سقف الحرية والنقد، وعودة مئات آلاف اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، ومحاربة الفساد في دوائر الدولة وأجهزتها الأمنية، وتعطيل القوانين المعيقة لحياة المواطنين، وبث الروح في المناطق المدمرة والمعالِم المهملة، وانتهاء استخدام الدولة للأسلحة المحرمة عالميًّا ضد شعبها، وفتح السجون على مصراعيها، ودخول الجامعات السورية تصنيفات عالمية، وإعادة تأهيل مراكز صحية ومستشفيات، وقدوم قوافل إغاثية برًّا وبحرًا وجوًّا.
لكنَّ انتعاش البلاد انعكس سلبًا على سوق العقارات، فارتفعت إيجارات وأسعار المنازل والمحال، وسط دمار واسع شهدته المناطق والمدن السورية، مع تعثّر إعادة الإعمار، كما واصلت مخلّفات الحرب من ألغام وذخائر غير منفجرة حصد أرواح السوريين، فيما أدى انتشار العصابات الخارجة عن نطاق القانون إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، إما على أيديهم أو على أيدي عناصر تابعة لقوات الأمن السوري خلال ملاحقتهم أو برصاص اشتباكات أثناء وجودهم قربها، بينما ارتفعت أسعار بعض المواد الأساسية وسط خزينة فارغة استلمتها السلطات السورية.
20 تغيُّرًا شهدته سوريا بعد سقوط الأسد
وإن كانت التغيّرات متشعبة لدرجة أنها أكثر من أن تُحصى وأعقد من أن تُحصر، فقد رصدنا أبرزها مما يرتبط بمعيشة السوريين وحياتهم ارتباطًا وثيقًا.
1. المواد الأساسية.. انخفاض عام لا يخلو من ارتفاع
انخفضت أسعار الخضار والفواكه واللحوم انخفاضًا كبيرًا بعد سقوط نظام الأسد، وسط ارتفاع قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي وغيره من العملات الأجنبية، بينما ارتفع سعر الخبز والغاز المنزلي، لكن مع توفّرهما دون انقطاع وتحسّن جودتهما وانتهاء معاناة الحصول عليهما.
2. البنية التحتية.. حلول بديلة
لم تشهد خدمات الكهرباء والماء والإنترنت المنزلي والاتصالات تغيُّرًا ملحوظًا بعد سقوط نظام الأسد، على اعتبار أن البنية التحتية المتهالكة تحتاج إلى إصلاح واسع وشامل للوصول إلى تغييرات عظيمة، لكنَّ التحسَّن في هذا الملف متمثلٌ بخلق بدائل.
ومن هذه البدائل بدء تركيب إنترنت هوائي وفضائي في مدن سورية مختلفة عوضًا عن الإنترنت المنزلي ذي السرعات المحدودة، إضافةً إلى انخفاض أسعار ألواح الطاقة الشمسية ومستلزماتها بشكل ملحوظ، وتوفّر الوقود المشغّل للمولّدات الكهربائية، حيث يستخدمها السوريون بدلًا من الكهرباء المنزلية ذات الانقطاعات المستمرة.
3. رواتب الدولة.. من الفتات إلى الكفاف؟
ارتفعت قيمة رواتب الموظفين بعد تحسّن الليرة السورية أمام العملات الأخرى، لكنّها بقيت دون مستوى الحياة المعيشية، مع قرار حكومي صدرَ عقب سقوط نظام الأسد برفع الرواتب بنسبة 400%، لكنّه لم يدخل حيز التنفيذ، وسط عقوبات متعلقة بالقطاع المصرفي لم تُرفع عن سوريا بشكل كامل إلى الآن.
4. النفط والمواصلات.. وداعًا للطوابير
عاشت سوريا خلال السنوات الماضية أزمةً في توفير النفط، تسبَّبت بطوابير طويلة على محطات الوقود، وازدحام خانق لركوب وسائل النقل العامة، لكن الحكومة السورية الجديدة تمكّنت من توفير المازوت والبنزين، ليغيب مشهد الطوابير تمامًا بعد سقوط نظام الأسد.

5. إغاثة الشعب السوري.. جسور برية وبحرية وجوية
يعاني الشعب السوري أوضاعًا معيشية صعبةً، حيث أثّرت الحرب على حياة الناس وأرزاقهم، ليصبح 90% منهم تحت خط الفقر.
ولكن ما إن سقط نظام الأسد، حتى بدأت قوافل المساعدات تُرسل إلى سوريا، من مواد غذائية وطبية وغيرها، لتصل إلى البلاد عبر المعابر البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية.
رغم ذلك، فإن المساعدات لم توقف معاناة الشعب السوري المعيشية المستمرة منذ 14 عامًا.
6. استيراد بجمركة معقولة
من مشاهد التضييق التي مارسها نظام الأسد ضد شعبه فرضه مبالغ عالية لجمركة المواد المستوردة، تفوق أحيانًا سعر المنتج نفسه، ولكن مع سقوطه انخفضت قيمة الجمركة عن مختلف المواد القادمة إلى سوريا، مما أدى إلى هبوط أسعار المركبات والهواتف النقّالة والحواسيب المحمولة وغير ذلك من أجهزة إلكترونية وكهربائية وبضائع متنوعة تحتاجها البلاد.
7. انتهاء عهد ابتزاز الدولة للمواطنين
تعرّض الشعب السوري خلال حكم الأسد لمختلف أنواع الابتزاز من مؤسسات الدولة، فلا ينجز المواطن مُعاملة بلا رشوة، ولا يتجاوز نقطة تفتيش بلا "إكرامية"، ولا ينقل بضائع عبرها بلا إتاوة.
فقد كان المواطن السوري يضطر إلى دفع رشوة لنقاط التفتيش التابعة لقوات نظام الأسد حتى تسمح له بالعبور من منطقة إلى أخرى، كما يضطر سائقو الشاحنات المحمّلة بالخضار والفواكه إلى دفع إتاوات على بضاعتهم حتى يتمكنوا من إيصالها إلى وجهتهم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد، كذلك كانت دوائر الدولة تُعيق معاملات المواطنين، فلا يؤدي الموظف عمله إلّا بعد أن يتلقى رشوة مباشرة من المُراجع أو يعطّل إنجاز المعاملة حتى يضطر صاحبها إلى اللجوء لوسيط (سمسار) متعامل مع ذلك الموظف، فيدفع له مبلغًا كبيرًا عادةً حتى تسير أموره.
هذه المظاهر اختفت مبدئيًا مع سقوط نظام الأسد، حيث عملت الحكومة السورية على إلغاء دور السماسرة في إنجاز المعاملات، عبر إتاحة طرق لحجز المواعيد، ومراقبة عمل الموظفين من خلال توفير أرقامٍ للشكاوى.
8. الجامعات السورية تدخل التصنيفات العالمية
دخلت جامعة دمشق لأول مرة تصنيف التايمز للتخصصات، الصادر بتاريخ 22 يناير/ كانون الثاني عام 2025، لتكون أول جامعة سورية تدخل ضمن هذا الجزء من التصنيف بعد أن حققت شروط العتبة العلمية المعرفية والتعليمية.
وشهدت الجامعات السورية حالات فساد وفضائح خلال السنوات الماضية، لكن ذلك لا يلغي عراقتها وتخريجها طلابًا تشهد لهم أسواق العمل في أوروبا والخليج والعالم.
9. القطاع الصحي.. هل يتعافى؟
شهد القطاع الصحي تدهورًا كبيرًا خلال حكم الأسد، ورغم أن مشاكله لم تنتهِ بسقوط النظام، إلا أن البلاد شهدت تغيّرات ملموسة على طريق التعافي، تمثّلت بتجديد مراكز صحية ومستشفيات، وتزويدها بأجهزة حديثة وإصلاح القديمة، وإعادة هيكلة الكوادر العاملة، وإنشاء نقاط طبية متنقلة، وإجراء المسؤولين جولات تفقدية مستمعين إلى شكاوي المواطنين ومطالبهم.
لكن ورغم هذا التغيير الحاصل، فإن القطاع الصحي في سوريا منهك ويحتاج إلى تغييرات جذرية وتطويرات واسعة.
10. إلغاء التجنيد الإجباري
كان السوريون يُساقون إلى الموت، في معركةٍ خاسرةٍ ضد سوريين آخرين اختاروا صف الثورة، فكان بعضهم يُدرك خطورة ذلك فيختار طريق الانشقاق، بينما اختار قسم آخر مغادرة البلاد قبل سوقه للخدمة العسكرية، ليكون بعدها مضطرًا إذا أراد العودة إلى سوريا لدفع بدلٍ قد يصل إلى 10 آلاف دولار.
لكنَّ قانون التجنيد الإجباري الذي صار كابوسًا للسوريين أُلغيَ بعد سقوط نظام الأسد، ليحل بدلًا منه خيار التطوّع في أجهزة الأمن، وليوقف هروب السوريين الجماعي من البلاد، ويعيد آلاف الهاربين منها إليها.
11. لم شمل مُعاكس
بعد اندلاع الحرب في سوريا هرب نحو 7 ملايين مواطن من البلاد باتجاه مختلف الدول والقارات، حيث استقر العدد الأكبر منهم في دول الجوار.
وعوضًا عن تفكيرهم بالعودة إلى وطنهم، سعى معظمهم إلى استقدام عائلاتهم ولم شملهم بهم، وذلك مع خطر الرجوع إلى سوريا، حيث بلغ عدد المطلوبين لنظام الأسد أكثر من 8 ملايين شخص -أي نحو ثلث الشعب السوري- وذلك حسبما كشف خالد العبد الله، مدير المكتب الخاص لوزير الداخلية في الحكومة السورية.
لكنَّ هذا الخطر تلاشى مع سقوط النظام، حيث عاد نحو 400 ألف لاجئ إلى سوريا، وفقًا لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
12. إيقاف التغيير الديموغرافي
طوال السنوات الـ14 الماضية تعرّض أهالي مختلف المناطق السورية للتهجير، وبينما كان سكان بعضها ينتسب للقومية الكردية، وبعضها الآخر ينتسب لأقليات أخرى كالشيعية مثلًا، فإن النسبة الساحقة من النازحين البالغ عددهم نحو 6.8 مليون نازح ينتمون للطائفة السنية.
عمليات التهجير هذه، الممتدة على مدار سنوات الثورة، صاحبها حجز واسع للممتلكات ورافقها توطين عائلات شيعية أجنبية في عدة مناطق سورية، لتعيش بذلك البلاد تغيُّرًا ديموغرافيًّا صارخًا خلال حكم الأسد.
لكن معركة ردع العدوان وضعت حدًّا لهذا التغيُّر، متمثلًا بعودة نحو مليون نازح إلى مناطقهم، وانتهاء نفوذ إيران وأذرعها في البلاد إلى حد بعيد.

13. تأهيل المناطق المدمرة وإنعاش المعالِم المهملة
عانت المحافظات السورية ومعالِمها الرئيسة ومناطقها المدمرة من إهمالٍ واسع طوال السنوات الماضية، فالأنقاض تسد الطرقات، والأوساخ تملأ الأنهار، والثكنات تخنق المتنفَّسات، ودور العبادة بلا تجديد ولا تطوير.
ولكن ما إن سقط نظام الأسد، حتى عملت فرق الدفاع المدني على إعادة الحياة للمناطق المدمرة، فرفعت الركام وفتحت الطرقات وأزالت مخلّفات الحرب، ونُظِّمت الحملات لتنظيف نهري بردى والعاصي، وترميم ساعتي حمص وحماة، وتبديل زجاج السيف الدمشقي، وتغيير سجاد المسجد الأموي، والسماح للزوار بدخول جبل قاسيون وشاطئ صليب التركمان، ليفتح جميع ما سبق بابًا من أبواب السياحة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
14. الإيجارات.. ارتفاع يفوق التوقعات
ما إن سقط نظام الأسد، حتى عاد مليون نازح إلى مناطقهم، ونحو 400 ألف لاجئ إلى بلدهم، لتنفجر أسعار الإيجارات والعقارات بصورة جنونية تفوق التوقعات، وخاصة في العاصمة دمشق، وسط دمار واسع شهدته البلاد، مع تعثّر إعادة الإعمار بسبب العقوبات المفروضة على سوريا.
15. تصريف العملات.. انتهاء عهد التشفير
كانت حيازة العملات الأجنبية وتصريفها والتعامل بها وتداولها وتحويلها جريمةً يُعاقب عليها القانون بالغرامة والحبس، فأصبح السوريون يُطلقون على عملة الدولار أسماء أخرى من مبدأ التشفير، كالأخضر والبقدونس وغير ذلك، لكن هذا العهد انتهى مع سقوط نظام الأسد، حيث سُمح بالحوالات المالية دون قيود، وانتشرت نقاط تصريف العملات في الشوارع، وذلك بعد تجميد القوانين المقيّدة لذلك.

16. حرية التعبير.. ليست حبرًا على ورق
كانت حرية التعبير خلال حكم نظام الأسد حقًا يكفله الدستور، ولكنه بقي داخل صفحاته دون أن ينعكس على أرض الواقع، فهوجمت المظاهرات بالرصاص الحي، واعتُقل النشطاء ثم تم إخفاؤهم قسرًا ثم قُتلوا تحت التعذيب ودُفنوا في مقابر جماعية بسبب آرائهم، ومُنعت وسائل الإعلام من تغطية الحقائق، حتى احتلت سوريا المركز 179 في ذيل المؤشر العالمي لحرية الصحافة من أصل 180 دولة ومنطقة في العالم، وفق تقرير أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود منتصف عام 2024.
لكن سقوط نظام الأسد رفع سقف الحرية في البلاد، حيث شهدت ساحة الأمويين مظاهرةً مطالبةً بدولة مدنية، كما نظّم موظفون مفصولون من وظائفهم وقفات احتجاجية تُطالب بإعادتهم، فيما شهدت محافظة السويداء تجمعات لمجموعة من النشطاء تطالب بإسقاط الحكومة السورية، كذلك خرج من الساحل السوري بيان يهدد بطلب حماية من فرنسا.
17. الأسلحة المحرمة دوليًا.. لا تدمير بعد الآن
ألقت قوات الأسد نحو 82 ألف برميل متفجر ونفّذت قرابة 252 هجومًا بذخائر عنقودية، وشنّت 217 هجومًا كيميائيًا، واستخدمت أسلحة حارقة خلال قصفها المناطق الخارجة عن سيطرتها، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لينتهي عهد استخدام الدولة للأسلحة المحرمة عالميًّا مع سقوط نظام الأسد، بينما وثّق أحد مقاطع الفيديو لحظة تنفيذ قصف على إحدى مناطق الساحل السوري خلال عمليات ملاحقة فلول نظام الأسد، دون تسجيل وقوع أضرار خلال ذلك.

18. مخلّفات الحرب تواصل القتل
ارتفعت وتيرة القتل بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة بعد سقوط نظام الأسد، حيث قُتل خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 230 مدنيَّا إثر ذلك، تزامنًا مع عودة مئات آلاف النازحين إلى أراضيهم ومنازلهم، وسط انتشار أعداد كبيرة من الألغام في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة قوات الأسد والقريبة من خطوط الاشتباكات.
من جهتها، نشرت وزارة الدفاع السورية كاسحات ألغام متطورة مؤخرًا لتفكيك مخلّفات الحرب وتعطيلها، كما تواصل فرق الدفاع المدني عملها في إزالة الذخائر غير المنفجرة وإقامة جلسات توعوية حول خطورتها ونشر تحذيرات من خطر الاقتراب عند حقول الألغام.
19. الساحل السوري.. نيران المعارك تُشعله
طوال سنوات الثورة السورية كانت محافظتا اللاذقية وطرطوس -في مجملهما- بمنأى عن المعارك والاشتباكات، فكان الساحل السوري بعيدًا عن الحرب بسبب موقعه وحساسية دخول فصائل المعارضة إليه، حيث يُعد معقلًا للطائفة العلوية.
لكنه بعد رحيل الأسد احتضن في جباله ووديانه آلاف العناصر التابعين للنظام السابق، فصاروا ينفّذون كمائن فردية ضد قوات الأمن السوري، إلى أن خاضوا معارك واسعة في 6 مارس/ آذار عام 2025، سيطروا خلالها على مراكز مدن رئيسة، وقتلوا مئات العناصر والمدنيين الذين ينتمون للطائفة السنية، فاستنفرت الدولة السورية وجماعات أخرى رديفة لها، لتستعيد السيطرة على تلك المناطق، فيما وقعت عمليات قتل على أساس طائفي، دفعت الحكومة لتأسيس لجنتين، إحداهما للحفاظ على السلم الأهلي، والثانية للتحقيق بأحداث الساحل.
عمليات القتل تلك كانت نتيجة احتقان طائفي عاشته سوريا خلال السنوات الماضية، ويُخشى أن يتوسّع أكثر في المرحلة المقبلة على وقع أحداث متنقّلة بين المناطق، تتقاطع بطابعها الطائفي والمذهبي.
20. مأساة المصير المجهول.. على طريق الكشف؟
عاش الشعب السوري خلال السنوات الماضية مأساة المصير المجهول، حيث استخدم نظام الأسد مع السوريين سلاح الاعتقال والإخفاء القسري، ليقع ضحية ذلك أكثر من 135 ألف معتقل ومختفٍ قسريًّا قبل سقوط النظام.
ولكن بعد انطلاق معركة ردع العدوان، وسيطرة الفصائل المعارضة على المدن وفتحها السجون، عاد الأمل إلى الأهالي، حيث خرج من المعتقلات نحو 24 ألفًا، بينما بقي نحو 115 ألفًا في عداد المفقودين، مع ترجيحات بمقتلهم تحت التعذيب، تزامنًا مع اكتشاف مقابر جماعية واسعة، لينفتح باب المصير المجهول بعد رحيل الأسد، لكن إغلاقه قد يحتاج لسنوات، حتى العثور على آخر جثمان أو معتقل.
"المهم سقط".. خاتمة دردشات السوريين
رغم جميع التغيرات الحاصلة برحيل الأسد، إلا أن الشعب السوري لا يزال بمجمله يعاني الفقر وضعف الدخل، كما يحتاج النازحون واللاجئون للمأوى وفرص العمل. وبالتالي، فمن الوهم الاعتقاد بأنّ المعيشة في سوريا انقلبت بكبسة زرّ، بين ليلة وضحاها.
مع ذلك، فإن تحرر السوريين من نظامٍ استخدم معهم أشنع طرق القتل وأعنفها جعلهم رغم جميع الصعوبات والتحدّيات يختمون محادثاتهم اليومية عن حال بلادهم المنهكة بعبارة "المهم سقط".