شهد المغرب ليلة ساخنة بعد تدفق المئات إلى حدود سبتة في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري. وقد سمّيت بليلة "الهروب الكبير" بعد حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي دعت إلى هجرة جماعية عبر الحدود إلى سبتة، لكنهم صدموا بعد وصولهم بانتشار عناصر أمنية في المنطقة ما أدى إلى صدامات وعراك مع قوات الأمن.
بدأت القصة منذ أيام، عندما انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم. وكانت عبارات مشفرة مثل "نلتقي في 15/09" كافية لتحريك المئات نحو مدينة الفنيدق.
وجاء هؤلاء الشباب من كل حدب وصوب، من مدن مختلفة، يتشاركون الحلم نفسه: عبور الحدود بأي ثمن. ولم يكن يردعهم انتشار قوات الأمن ولا نقاط التفتيش ولا حتى التحذيرات الصارمة.
إنزال أمني
كانت المدينة مكتظة واختلط صدى الأصوات المرتفعة والصفارات الأمنية بالضجيج. وكان غالبية هؤلاء المغامرين قصّرًا، وصلوا من مختلف مدن المغرب، بعضهم حملتهم الحافلات، وآخرون فضّلوا القدوم سيرًا على الأقدام، متسلِلين بين الأزقة بحثًا عن فرصة للهروب.
وعلى الجانب الآخر، عزّزت قوات الأمن المغربية وجودها في سبتة في أكبر إنزال أمني شهدته المنطقة، بعد تجمع عشرات الشباب على تلال مدينة الفنيدق القريبة من حدود سبتة لمنعهم من التقدم باتجاه الحدود الإسبانية.
كما سيّرت دوريات أمنية على شاطئ البحر لمنع المهاجرين من السباحة إلى إسبانيا، كما حدث في الأيام الماضية بعد محاولة نحو 300 مهاجر السباحة إلى سبتة مستغلين حالة الطقس التي تحجب الرؤية بسبب الضباب، وفق ما أفادت صحيفة "أوك دياريو" الإسبانية.
توقيف عشرات "المحرضين"
والأربعاء، أعلنت السلطات المغربية توقيف 60 شخصًا للاشتباه في تحريضهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على تنظيم عمليات هجرة غير نظامية. وقالت المديرية العامة للأمن الوطني في بيان آنذاك: "إنها باشرت عمليات أمنية في مدينتي طنجة وتطوان لمكافحة المحتويات الرقمية التي تحرّض على تنظيم الهجرة".
ونقلت وسائل إعلام محلية، أنّ السلطات المغربية قامت مؤخرًا بطرد 39 شخصًا، معظمهم من المواطنين الجزائريين والتونسيين، الموجودين بشكل غير قانوني في الإقليم والمشتبه في رغبتهم دخول سبتة المحتلة بوسائل وطرق غير شرعية.
ووصف محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، ما حصل بأكبر إنزال أمني شهدته الفنيدق، وذكر أن السلطات تعمل بشكل استباقي عن طريق وضع سدود قضائية في الطرقات المؤدية لشمال المغرب. وأضاف: "تم نقل المئات من الراغبين في الهجرة السرية بعيدًا عن الفنيدق".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تفاعل كبير مع حصل في مدينة الفنيدق المغربية. وقال مدني زاكوري: "شباب صغار وأطفال المستقبل نراهم اليوم يهربون ويفرون من بلادهم لأنهم رأوا آبائهم وأمهاتهم يُستغلون ليلًا ونهارًا بدون حقوق وبأجرة قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع.. لذا دفعهم اليأس وعدم الثقة في هذه الحكومات المتعاقبة في الإصلاح ورد الاعتبار للمواطن".
وقد أسهم التعاون بين المغرب وإسبانيا في التصدي للهجرة بمنع أكثر من 45 ألف مهاجر من العبور خلال عام 2024، بحسب "رويترز". ودفع ذلك بالمهاجرين إلى خوض الرحلة الأكبر خطورة والأطول عبر المحيط الأطلسي وصولًا إلى جزر الكناري.