السبت 22 مارس / مارس 2025
Close

المقابر الجماعية في حلب.. صور جوية ودلائل تكشف معطيات جديدة

المقابر الجماعية في حلب.. صور جوية ودلائل تكشف معطيات جديدة

شارك القصة

مقابر جماعية في حلب
كشف فريق التلفزيون العربي بالصور والدلائل كيف توسعت ثلاث مقابر في حلب في عهد نظام الأسد
الخط
أجرى فريق التلفزيون العربي بحثًا عن المقابر الجماعية في حلب عبر صور الأقمار الاصطناعية وأدلة موثقة، لتظهر معطيات جديدة في هذا الملف.

كشف تحقيق للتلفزيون العربي وصور للأقمار الاصطناعية أدلة خطيرة على وجود مقابر جماعية في حلب، وكان طرف الخيط من مقبرة الحسينية.

وقام فريق التحقق باستخدام المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي بتكثيف البحث عن مثل تلك المقابر الجماعية. فكشف بالصور والدلائل كيف توسعت ثلاث مقابر أخرى في حلب في عهد نظام الأسد، ورصد مؤشرات وجود مقابر جماعية فيها، وحلل مدى ارتباطها بمقار أمنية تابعة للنظام آنذاك.

أول هذه المقابر، هي مقبرة حلب الجديدة التي تبعد حوالي كيلومتر ونصف الكيلومتر المربع عن مركز البحوث العلمية التابع للجيش من الجهة الجنوبية الشرقية ويفصلها عن حلب القديمة حوالي 6 كلم.

 مقبرة حلب الجديدة
مقبرة حلب الجديدة

وبحسب صور الأقمار الصناعية، تظهر المقبرة التي تبلغ مساحتها حوالي 30,000 م2 خالية تمامًا قبل عام 2015، لكن التسلسل الزمني يظهر التغير الجذري الذي حل بها من توسع وتزايد في أنشطة الحفر، وذلك بين عامي 2015 و2023.

وفي تحليل أكثر دقة كشف فريق "العربي" عن تفاصيل هذا التحول، ففي أكتوبر 2015 بدأت القبور تظهر في الموقع إلى جانب أعمال تحضيرية وتسوية للأرض، حتى بلغت مساحة الدفن فيها 4800 م2.

تكثيف أعمال الحفر

وفي عام 2016 شهدت المقبرة أكبر توسع فيها، حيث تضاعفت مساحتها في شهر مارس إلى 8906 م2، وذلك بزيادة قدرها 85% عن عام 2015.

كما ظهرت آلات ثقيلة في الموقع كدلالة على تكثيف أعمال الحفر هناك.

وفي يونيو من العام نفسه توسعت مساحة الدفن من جديد بنسبة 96% خلال ستة أشهر، قبل أن تصل إلى التشبع في أغسطس 2017، حيث بلغت مساحة الدفن 19461 مترًا مربعًا، بزيادة 10% عن نهاية عام 2016، وهي المساحة الأقصى لها، إذ لم يلاحظ فريقنا أي تغير جوهري عليها حتى عام 2023.

هذا بالنسبة لتوسع أماكن الدفن، ولكن ماذا عن احتمالية وجود مقابر جماعية؟

الشكوك تظهر هنا في الجزء الشمالي من المقبرة، حيث ظهرت بعض الأنماط غير الاعتيادية، خاصة مع كثافة أعمال الحفر الملاحظة في شهري أكتوبر ونوفمبر 2016، والتي تحتاج إلى المزيد من التحقيقات المعمقة.

لذلك وجه فريق التلفزيون العربي اهتمامه إلى مقبرة البيئة في ريف حلب لدراسة الحركة هناك، والتي تشابهت إلى حد كبير مع التطورات في مقبرة حلب الجديدة.

وتقع مقبرة البيئة شمال مديرية البيئة في محافظة حلب على مقربة من مركز الأبحاث العلمية العسكرية. وقد شهدت توسعًا هائلًا في مساحة الدفن وصل إلى 92% من مساحتها الإجمالية خلال الفترة الممتدة بين سبتمبر 2013 ومارس 2016.

وأبرز تفاصيل هذا التوسع كانت في بدايته عام 2013 حيث بدأت الأشغال مع ظهور شاحنات وآليات بالإضافة إلى ظهور حفر وأكوام من التراب، وهو ما يعزز الشكوك بوجود مقابر جماعية هناك.

مراحل توسع المقابر الجماعية في حلب

ومن أبريل 2014 شهدت المقبرة زيادة في أعداد القبور بشكل مستمر حيث بلغت مساحة القبور 5400 م2 قبل أن تصل إلى مرحلة الإشباع في عامي 2015 و2016، مع بلوغ مساحتها 24,000 م2.

أما المقبرة الثالثة التي قام فريق "العربي" بتحليلها فهي المقبرة الإسلامية الحديثة في قرية النقارين التي تبعد حوالي 3 كلم شمال مطار حلب الدولي، والتي تشير وسائل إعلام سورية إلى اكتشاف مقابر جماعية فيها، حيث قدرت السلطات الجثث بحوالي 1500.

وبحسب صور الأقمار الصناعية التي رصدها فريق البحث للمقبرة، يلاحظ أنه لم يحدث أي تغير ملحوظ عليها قبل فبراير 2017، حيث بدأت مساحتها في الازدياد ووصلت إلى 3109 م2.

مقابر جماعية في حلب
المقبرة الإسلامية الحديثة

ومنذ ذلك التاريخ بدأت مرحلة توسع مساحة المقبرة لكن بشكل ملحوظ ولافت، إذ تضاعفت مساحتها بحلول أغسطس من عام 2017، أي خلال ستة أشهر فقط. واستمر التوسع مسجلا نسبته الأكبر بين عامي 2018 و2019 بنسبة 83.9%. ومنذ ديسمبر 2021، تراجعت وتيرة التوسع، لكنها حافظت على نمط ثابت بمتوسط حوالي 20% سنويا، حتى تصل مساحة المقبرة في يونيو 2024 إلى 68 ألفًا و959 مترًا مربعًا. 

مقابر قريبة من الأفرع الأمنية

إذًا، بحسب نتائج التحليل يلاحظ تشابه واضح في توسع مساحة المقابر الثلاث، كما أنماط الأعمال هناك، والأهم من ذلك كله موقعها الجغرافي، إذ تقع المقابر في محيط مدينة حلب مما يجعلها قريبة من عدة أفرع أمنية تابعة للنظام السابق.

ولا تفصل مقبرة النقارين أو المقبرة الإسلامية الحديثة عن سجن حلب المركزي سوى 9 كيلومترات، وتبعد بـ10.5 كيلومترات فقط عن فرع المخابرات الجوية، بينما لا تبعد المقبرة عن فرع الأمن السياسي سوى 5.6 كلم فقط، و8 كلم عن فرع أمن الدولة التابع للنظام السابق.

بينما في مقبرتي البيئة وحلب الجديدة، نجد أنهما تبعدان 15 كلم فقط عن سجن حلب المركزي، و4.2 كلم عن فرع المخابرات الجوية، وحوالي 6.7 كلم عن فرع الأمن السياسي، و1.7 كلم عن فرع الأمن العسكري.

مقابر جماعية عدة في حلب
مقابر جماعية عدة في حلب

وقرب هذه المواقع من الأفرع الأمنية يعزز فرضية وجود مقابر جماعية فيها، إذ تشتهر هذه الأفرع بسجل حافل بالانتهاكات الإنسانية من قتل وتعذيب في السجون وتعذيب للمعتقلين والمعارضين في مراكز المخابرات.

ويعتبر فرع الأمن العسكري القبضة الحديدية لقمع المعارضة، وتشير تقارير حقوقية إلى انتشار التعذيب الممنهج والمفرط داخل أسواره.

ويشكل تاريخ النظام السابق الحافل بالانتهاكات وأنماط توسع المقابر التي حللها فريق التلفزيون العربي، بالإضافة إلى مواقعها الجغرافية من الأفرع الأمنية، وكذلك المشاهد التي يوثقها المواطنون ووسائل الإعلام كل يوم، دلائل تشير إلى وجود مقابر جماعية في حلب لضحايا حكم الأسد.

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة