المقاومة عثرت على أجهزته.. الاحتلال يعاني من "أزمة تجسس" في غزة
كشف مصدر من المقاومة الفلسطينية في غزة للتلفزيون العربي عن معلومات حصرية، تتعلق بمخططات تجسس الاحتلال واستهدافه الفلسطينيين وعناصر المقاومة في القطاع.
فقد زرع الاحتلال معدات تنصت وتتبع بصري على الطرقات وبين الركام، كشفتها المقاومة، وفككت عددًا منها.
تفكيك عدد من أجهزة التنصت والتتبع البصري في غزة
أحد الأجهزة المفككة كان عبارة عن حجر بناء مخفي، في داخله جهاز تنصت صوتي، وكاميرا متصلة تكشف بصمة الوجه، إضافة إلى كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء ووحدة تسجيل وإرسال.
وللتمويه وضع الاحتلال جهاز التنصت المخفي في حجر البناء، وقد اكتشف على حافة حائط في أحد مفترقات الطرق بالقطاع، حيث يمر المدنيون والنازحون بشكل مستمر نتيجة موجات النزوح القسري وهو ما يجعلهم عرضة للرصد.
جهاز تنصت آخر كان مخفيًا داخل أنبوب معدني ملقى بجوار سور تابع لإحدى المؤسسات الحكومية في القطاع، وقد كشفته المقاومة، بحسب ما أكده المصدر للتلفزيون العربي.
كيف زرعت هذه الأجهزة؟ وكيف تعمل؟
تُزرع هذه الأجهزة الاستخبارية عبر مسيّرات "كواد كوبتر" التي تستخدم لأغراض عسكرية لتعقب الأهداف المتحركة والثابتة، أو عبر عناصر بشرية، أو عبر قوات جيش الاحتلال خلال التوغلات البرية.
تسجل الأجهزة الصوت والصورة من الأماكن المثبتة باتجاهها، ومن ثم ترسلها مباشرة إلى قواعد استخبارات الاحتلال.
وترسل هذه الأجهزة الصوت والصورة إلى "الوحدة السمعية 8200"، المختصة بالاستخبارات الرقمية وفك الرموز والشفرات.
إضافة إلى "الوحدة البصرية 9900" التي تجمع المعلومات الاستخبارية المرئية من مصادر متنوعة، مثل الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار.
تقوم الوحدتان بتحليل هذه المعلومات المجمعة، بالتعاون مع وحدات "الشاباك"، لتزويد سلاح الجو الإسرائيلي بأهداف محددة، حتى ينفذ القصف والاستهدافات والاغتيالات بحق الفلسطينيين في غزة.
فشل إسرائيلي في تجنيد العملاء
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل التلفزيون العربي من القدس المحتلة أحمد درواشة، بأن المعلومات التي حصل عليها التلفزيون العربي تظهر نوعين من التجسس؛ الأول "بصري" يستند إلى طائرات تجسّس وصور أقمار اصطناعية، وتعد الوحدة 9900 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي المسؤولة عنه.
والنوع الثاني، بحسب مراسلنا، هو "سيغن" وتختص به الوحدة 8200 التي تعنى عادة بأدوات التجسس الإلكترونية في قطاع غزة، حيث تزرع أجهزة لتتجسس على هواتف الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعاني من أزمة في التجسس في قطاع غزة، موضحًا أن الأزمة الأساسية تسمى "هيومان" وهي البشرية، إذ لا يوجد أي مصدر بشري، بحسب ما أقرت تقديرات نشرها جيش الاحتلال، لذا لجأ إلى هذا النوع من الاستخبارات عبر زرع أجهزة تجسس.
ولفت مراسلنا إلى أن أدوات التجسس التي اكتشفت تبيّن أن الجيش الإسرائيلي بدأ يثق بشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" التابعة له بصورة أكبر من الأدوات المتوفرة لدى جهاز الشاباك.
وقبل الحرب على قطاع غزة، لم يكن من الواضح لدى قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، من هي الجهة التي يفترض أن تقدم المعلومات الاستخباراتية النهائية، لأن الجهة التي تقدم المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والنهائية هي الجهة المخولة بإعطاء المستوى السياسي الإسرائيلي إنذار الحرب، وفقًا لمراسلنا.
وكذلك أشار إلى أزمة يعاني منها الاحتلال تتعلق بالمعلومات الاستخباراتية، فحتى الأدوات التي فعّلها لم يكن قادرًا على تحليل موادها بشكل دقيق.
وتحدث عن تقديرات لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن حركة حماس كانت متنبهة بشكل كبير جدًا لتحركات الاحتلال الاستخباراتية في القطاع.
كيف طورت المقاومة أساليبها لكشف طرق التجسس الإسرائيلي؟
وتعليقًا على المعلومات التي حصل عليها التلفزيون العربي، أوضح الكاتب والباحث السياسي إياد القرا، أن المقاومة راكمت خبرة وأصبحت متمرسة على الأدوات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي والاستخبارات العسكرية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من غزة، أضاف القرا أنه ليس جديدًا استخدام مثل هذه الأجهزة وإن كانت متطورة.
وذكر باكتشاف القوة الإسرائيلية الخاصة شرق خانيونس عام 2018، وكانت حينها تسعى إلى زرع أجهزة تنصت مشابهة لما تم اكتشافه والإعلان عنه عبر التلفزيون العربي.
وأضاف أنه كانت هناك محاولة لزرع هذه الأجهزة على أجهزة الاتصالات الداخلية الخاصة بحركة حماس، في محاولة للتنصت عليها.
وأضاف القرا أن كتائب القسام استطاعت بعد ذلك فك رموز استخدام هذه الأدوات، بما فيها آليات الاتصال التي تستخدمها القوات الخاصة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي كان قد أقر بأن حماس استطاعت أن تعرف شيفرات معينة مرتبطة بالأدوات التي يستخدمها.
ولفت القرا إلى أن المقاومة تعتمد على أمرين حيال التعامل مع أجهزة التجسس، الأمر الأول "وعي المواطن" في التعاطي مع مثل هذه الأجهزة، وأن يبلغ عنها للجهات الأمنية في المقاومة.
والأمر الثاني، بحسب القرا، أن المقاومة لديها خبراء وأهل اختصاص، وقد نجحت بشكل كامل في قطع يد إسرائيل من الوصول إلى المعلومات.