الثلاثاء 16 أبريل / أبريل 2024

النزاعات القبلية تشرد الآلاف في السودان.. ما أبعاد الاقتتال المتجدد؟

النزاعات القبلية تشرد الآلاف في السودان.. ما أبعاد الاقتتال المتجدد؟

Changed

برنامج "للخبر بقية" يلقي الضوء على دلالات النزاعات القبلية التي برزت مجددًا في المشهد السوداني وأبعادها مخلّفة قتلى وجرحى (الصورة: أرشيفية غيتي)
يشير تقرير حديث صدر عن الأمم المتحدة إلى أن النزاعات القبلية في السودان أسفرت العام الحالي عن مقتل أكثر من 900 شخص وإصابة نحو ألف وتشريد 300 ألف آخرين.

عادت الاشتباكات والنزاعات القبلية لتفرض سطوتها على المشهد السوداني، حيث ارتفعت حدتها خلال الأيام والأسابيع الماضية مخلّفة عشرات القتلى والجرحى.

ولأسباب مختلفة أبرزها عرقية، تدور رحا الاشتباكات الحالية في درافور بين مجموعات عربية وأخرى إفريقية.

ويشير تقرير حديث صدر عن الأمم المتحدة، إلى أن النزاعات القبلية في السودان أسفرت العام الحالي عن مقتل أكثر من 900 شخص وإصابة نحو ألف وتشريد 300 ألف آخرين.

مزيج من التداخلات

إلى ذلك، يعتبر خبراء أن الصراعات القبلية في السودان، لا سيما جنوبي البلاد، ظاهرها النزاع على الموارد والأراضي الزراعية، ولكن باطنها أعمق من ذلك بكثير.

ويرون أنها مزيج من تداخلات تاريخية واجتماعية وثقافية وسياسية وعرقية، حيث عوامل تشتت وانقسام ليست طارئة على بلد يتكون من 18 ولاية.

وهذه الولايات تنتشر فيها قبائل ومجموعات عرقية تتحدث لغات عدة، وتتفرع منها مئات اللهجات المحلية.

وفي مقاربة أمنية للواقع، يقول سياسيون: إن النزاعات القبلية تتصاعد بسبب الفراغ الأمني. وقد تجلى ذلك واضحًا في إقليم دارفور، الذي انتهت فيه قبل عامين مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وتصاعدت وفق قولهم عقب انقلاب العسكر في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، حيث عملوا وفق معارضيهم على استدعاء أصوات المكونات القبلية والجهوية والعشائرية لشرعنة ودعم الانقلاب. 

ودفع هذا الأمر البعض إلى التشكيك في توجه الجيش لفرض الأمن في جنوب السودان، لا سيما قوات الدعم السريع التي يعتبرها كثيرون طرفًا في النزاعات القبلية وعاملًا مؤججًا لها.

"تحتاج إلى عقل إستراتيجي"

ويشير مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية حسن شايب دنقس، إلى نظرية تفيد بأنه كلما اتسعت رقعة الدولة وتعددت فيها الإثنيات والعرقيات، وحينها إما أن تكون الدولة قوية أو ضعيفة. 

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من الخرطوم، أن رقعة البلاد والإثنيات الموجودة فيها وكثرتها إذا ما شكلت عنصر قوة، يعني ذلك حصول تفاعل حقيقي واستخدام أمثل للموارد البشرية.

ويلفت إلى أن الواقع السوداني يقول إن الرقعة الجغرافية والتعدد الإثني والثقافي لم يكن عنصر قوة كبير جدًا، الأمر الذي انعكس على إقليم دارفور وغيره من الأقاليم.

ويعتبر أن الصراعات التي يشهدها إقليم دارفور متجددة وتطرأ من حين إلى آخر بالسيناريوهات الموجودة نفسها، سواء أكانت في ولايات غرب أو جنوب أو وسط أو شرق دارفور.

وبينما يرى أن المشكلة واضحة المعالم، يقول: إن كيفية حل هذه الأزمات تحتاج إلى عقل إستراتيجي من داخل الدولة السودانية.

"لا يرتبط بفترة زمنية معينة"

من ناحيته، يلفت الباحث السياسي محمد عبد الله ود أبوك، إلى أنها ليست المرة الأولى التي يندلع فيها مواجهات ذات طابع قبلي. ويذكر في حديثه إلى "العربي" من الخرطوم، باشتباكات حصلت وشهدت سقوط ضحايا في صراع عربي عربي.

ويقول: صحيح أن هناك إشكالات حقيقية بين القبائل: العربية العربية، والعربية الإفريقية، والإفريقية العربية، مؤكدًا أنه "لا يمكن تصنيفها بهذا البعد العنصري أو العرقوثقافي".

ويشير إلى أن هذا الصراع لا يمكن القول إنه مرتبط بفترة زمنية معينة في الأعوام الأخيرة، وإنما كان موجودًا في زمن الرئيس جعفر النميري..

إلى ذلك، يلفت إلى أن "قوات الدعم السريع وقائدها، وبحكم الأدوار الكبيرة التي تؤديها، هناك قبائل تطلب تدخلها لتوفير الأمن والاستقرار، بينما توجه لها في مناطق أخرى الاتهامات".

ويضيف: "الصحيح من خلال هذه الأحداث، أن قائد الدعم السريع وقف على طبيعتها وأصدر توجيهات بأنه يتحفظ على كل القوى التي كانت موجودة في المنطقة، وأنه لن يتساهل في هذا الموضوع..".

"من أدوات اللعبة السياسية"

بدوره، يؤكد رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية عثمان الميرغني أن دارفور وحتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي لم تكن تعاني أي مشاكل أمنية.

ويذكر في حديثه إلى "العربي" من الخرطوم، بأن القبائل نفسها التي تُسمى الآن عربية وإفريقية كانت بالمسميات نفسها وأفرادها نفسهم، يعيشون في سلام، وكان يمكن لسيارة صغيرة أن تجوب كل أنحاء دارفور دون أن تتعرض لأي حادث في منطقة شاسعة تساوي مساحة فرنسا.

وفيما يسأل: ما الذي تغير الآن؟، يشير إلى أن الحديث عن فوارق بين عربي وإفريقي أكذوبة تستخدم، نافيًا وجود هذه الحواجز.

ويوضح أن الحقيقة المرة أنها أداة من أدوات اللعبة السياسية، حيث تستخدم هذه الفوارق المتوهمة نوعًا من أنواع اللعبة السياسية.

ويرى أن الصراع الذي يدور الآن في دارفور وربما في غيرها.. هو صراع سياسي، وليس هناك في تلك المناطق، بل هنا في المركز.

ويتحدث عن خطاب كراهية يُبث عبر الآليات السياسية وسط السياسيين، في محاولة لاستقطاب كل طرف ضد الطرف الآخر لصالح سياسي معين، مشيرًا إلى أن اللعبة هذه سائدة الآن في كل السودان. 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close