السبت 13 أبريل / أبريل 2024

النظام يستهدف المدنيين بعد فشل هجومه العسكري.. إلى أين يتجه التصعيد في درعا؟

النظام يستهدف المدنيين بعد فشل هجومه العسكري.. إلى أين يتجه التصعيد في درعا؟

Changed

درعا
أسرت المعارضة العشرات من جنود النظام بعد السيطرة على حواجز عسكرية ونقاط أمنية في محافظة درعا (أرشيف - غيتي)
دفعت إيران أعتى فرق قوات النظام السوري التي تدين لها بالولاء، للسيطرة على درعا بشتى الطرق، في ظل صمت روسي حيال التصعيد الأخير.

ردّت قوات محلية ومقاتلون سابقون في فصائل المعارضة السورية على محاولة قوات النظام اقتحام منطقة "درعا البلد" وقصفها عددًا من المناطق، بأسر العشرات من جنود النظام بعد السيطرة على حواجز عسكرية ونقاط أمنية في محافظة درعا.

ولم تعرف محافظة درعا الهدوء منذ عام 2011 حين رفض الأهالي محاولة النظام قمع الاحتجاجات وأطلقوا المقولة الشهيرة: "الموت ولا المذلّة". وهي تشهد أخيرًا تطورات متسارعة، فما الذي يحدث في درعا؟

عزل الأهالي

في الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي، فرضت قوات النظام السوري حصارًا مطبقًا على درعا البلد جنوبي سوريا، أدى إلى عزل نحو 50 ألف مدني من أهالي المنطقة وحرمانهم من الكهرباء والمياه النظيفة، إضافة لمنع إدخال الأدوية وحليب الأطفال.

وبحسب مراسل "العربي"، فقد أتى ذلك بعدما رفضت عناصر من المعارضة السورية طلبًا من قوات النظام السوري يقضي بتسليم سلاحها الخفيف، وتهجير عدد من أفراد المعارضة المطلوبين للنظام إلى الشمال السوري. 

واعتبر الأهالي والمعارضة في درعا أن طلب النظام يمثّل خرقًا للاتفاق الموقع عام 2018، الذي نص على تسليم المعارضة السورية سلاحها الثقيل والمتوسط بضمانة روسية، وإعادة مؤسسات النظام السوري إلى مدينة درعا ورفع علمه على المؤسسات الحكومية، على أن تحتفظ المعارضة بسلاحها الخفيف وتنسحب من العديد من المناطق الحساسة.

جذور التصعيد

ويرجح العديد من نشطاء جنوبي سوريا أن قضية تسليم السلاح الخفيف ووضع الحواجز الأمنية داخل درعا البلد ليست إلا ذريعة يسوقها النظام السوري للسيطرة على المدينة، وإنهاء الحراك المدني والعسكري المعارض داخلها، لا سيما وأن المظاهرات المناوئة للنظام السوري لم تتوقف طوال السنوات الماضية في المدينة، رغم امتداد سيطرة النظام على جل مناطق الجنوب.

إلا أن الاتفاقات الدولية منعت قوات النظام السوري من التحرك ضد أهالي المنطقة، لا سيما وأن هنالك رفضًا روسيًا لتهجير أهالي المنطقة نحو الشمال خوفًا من اتساع رقعة هيمنة الميليشيات التابعة لإيران في الجنوب.

كل ذلك لم يوقف النظام السوري عن سعيه للتصعيد انتقامًا بالدرجة الأولى، كما يقول نشطاء درعا، من امتناع جل مناطق الجنوب - ومنها درعا البلد - عن المشاركة في عملية انتخاب رأس النظام السوري بشار الأسد، التي تمت في مايو/ أيار 2021، وقيامهم بإضراب عام في يوم الانتخابات.

النظام يزيد وتيرة التصعيد

ودفع الحصار المفروض على مداخل ومخارج درعا البلد لنحو شهر المعارضة السورية في المدينة للقبول بشرط قوات النظام السوري، الذي يفضي إلى تسليم السلاح الخفيف، حيث توصلت لجان التفاوض في أحياء درعا البلد إلى اتفاق مع النظام السوري، في الثالث والعشرين من يوليو/ تموز الجاري، على أن تُنفذ بنوده في خلال عدة أيام.

ونص الاتفاق على رفع الحصار عن منطقة درعا البلد من قبل قوات النظام السوري وإزالة الحواجز العسكرية من مداخل ومخارج المدينة، مقابل تسليم جزء من الأسلحة الخفيفة.

كما نص على إنشاء قوات النظام السوري ثلاث نقاط عسكرية في درعا البلد ضمن شروط وضعتها المعارضة، منها أن تكون العناصر المنتشرة في هذه النقاط من أهل المدينة، وأن لا تحمل الحواجز ثقلًا عسكريًا كبيرًا، إضافة إلى قيام النظام بتسوية أوضاع عشرات الشبان الذين لم يجروا عملية التسوية عام 2018.

لكن على الأرض، ظل النظام السوري مصرًا على اقتحام المنطقة، وحشد لذلك بحسب نشطاء محليين آلاف العناصر من قواته، عمادها الفرقة الرابعة المدعومة من إيران.

وفي الأيام التي تلت اتفاق التسوية، نقض النظام التزاماته وقام بمحاولة لاقتحام المدينة.

فقد بدأت قوات النظام هجومًا عسكريًا يوم الخميس الماضي، قوبل برد فعل عنيف من قبل قوات المعارضة السورية، التي سيطرت على العديد من الحواجز التابعة لقوات النظام وأسرت من بينها عشرات العناصر.

ورد النظام السوري بعنف شديد مستهدفًا الأحياء المدنية في درعا البلد بالصواريخ والمدفعية. كما قامت قواته باستهداف مدينة جاسم وبلدة اليادودة، الأمر الذي أدى إلى سقوط 15 قتيلًا مدنيًا، من بينهم أطفال، وإصابة آخرين.

من يمسك الأرض؟

حجّم الاتفاق المبرم عام 2018 إلى حد كبير من سيطرة المعارضة وأعطى للنظام السوري صلاحيات واسعة في المنطقة؛ أهمها عودة مؤسسات النظام المدنية للعمل في جميع المناطق.

كما عادت مخافر الشرطة التابعة لوزارة الداخلية في النظام السوري للعمل في كافة مناطق المعارضة، لكن المنطقة ظلت تحتفظ بحالة خاصة بسبب عدم السيطرة العسكرية الكاملة لقوات النظام، الأمر الذي حاول تغييره من خلال فرض الحصار الشديد على درعا البلد، لكسر إرادة أهلها، ومن ثم من خلال حشد قواته للسيطرة على المنطقة.

وغيّرت المعارك الحالية بين قوات النظام السوري وما تبقى من معارضة مسلحة في درعا الواقع على الأرض تغييرًا طفيفًا، إذ سيطرت قوات المعارضة على العديد من النقاط الجديدة وقطعت طريق دمشق عمان الدولي.

درعا إلى أين؟

بحسب مراسل "العربي"، تشير المعطيات الأولية إلى شرخ في وجهات النظر بين الجانبين الإيراني والروسي حول حل قضية درعا.

ففي حين تدفع إيران أعتى فرق قوات النظام السوري، التي تدين لها بالولاء، وهي الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري لمحاولة السيطرة على درعا بشتى الطرق، يطرح الصمت الروسي وعدم تدخله لمواجهة تصعيد النظام عدة تساؤلات حول مصير المنطقة.

وعلى الرغم من الهدوء الحذر الذي ساد أمس الجمعة معظم مناطق محافظة درعا، بعد تعليق النظام عمليته العسكرية إثر فشل محاولة الفرقة الرابعة اقتحام درعا البلد، يرى البعض أنّ كفة الميزان ستميل إلى من تقف روسيا في صفه.

وبحسب مجريات الأيام القليلة الماضية، امتلكت المعارضة ورقة ضغط جديدة في مفاوضات التسوية الجارية، من خلال سيطرة مقاتلين من المنطقة على بعض حواجز النظام بما فيها من عتاد عسكري، بالإضافة إلى أسر العشرات من القوات الأمنية والعسكرية التابعة لجيش النظام والميليشيات الداعمة له.

وتبقى احتمالات التصعيد مفتوحة، لا سيما وأن المعارضة السورية في الجنوب، رفضت مطالب النظام السوري الأخيرة التي تقضي بسيطرة شبه كاملة أمنية وعسكرية على درعا البلد، وطالبت في حال حصول ذلك أن يتم تهجير جميع أهل المنطقة إلى أماكن آمنة.

وسيصبّ هذا الأمر الذي لا يقع في صالح روسيا، بالدرجة الأولى في صالح إيران التي ستصبح لها اليد الطولى في المنطقة، بحسب مراسل "العربي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close