الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

النكبة في عامها الـ74.. ذاكرة تشهد وأجيال فلسطينية تتمسك بحق العودة

النكبة في عامها الـ74.. ذاكرة تشهد وأجيال فلسطينية تتمسك بحق العودة

Changed

إطلالة محارب وعبدالفتاح عبر الجزء الأول من وثائقي "العربي" بعنوان نكبة فلسطين (الصورة: غيتي)
أينما حلّ الفلسطينيون الذين هجّروا إبان النكبة؛ إلى مناطق أخرى داخل بلادهم أم إلى مخيمات اللجوء في دول الشتات، يدركون أن حقهم بأرض غادروها قسرًا لا يسقط بمرور الزمن.

تعرف الأجيال الفلسطينية النكبة التي لحقت بشعبها، وتتمسك بحق العودة، وإن باعدتها 74 عامًا عن مسقطها، وأمعن الاحتلال في جرائمه وخططه التوسعية الاستيطانية.

أينما حلّ الفلسطينيون، الذين هجّروا إلى مناطق أخرى داخل بلادهم، أم إلى مخيمات اللجوء ودول الشتات، يدركون أن حقهم بأرض غادروها قسرًا لا يسقط بمرور الزمن.

يُبقي كثر على مفتاح لا يطاله صدأ الأعوام، ويحتفظون بذكرى الأهل والديار. يتوارثون حب فلسطين، ولهجات قراها، ويتناقلون وصايا حفظ الذاكرة، وآمال استرجاع ما سلبهم إياه الاحتلال.

بمرور عقود على النكبة، تبقى الصورة حية في أذهان من عايشوا جرائم العصابات الصهيونية عام 1948. تشيخ ملامح الوجوه، وتأبى الذاكرة أن تسقط تفاصيل المأساة.

يقول الحاج ياسين علي، الذي هُجر من اللد الفلسطينية: إن العصابات الإسرائيلية طوّقت حينها البلدة من ثلاث جهات، وأخرجت المصلين إلى منطقة قريبة وراحت تطلق النار عليها. 

ويلفت إلى أن كثيرين من سكان البلدة اتجهوا جنوبًا، وفي مغارة كبيرة تُسمى طور الزاغة، تجمع ما لا يقل عن 300 أو 400 فلسطيني. ويضيف أن العصابات الإسرائيلية شعرت بوجودهم هناك، فلم تكتفِ بقتلهم بل أحرقتهم أيضًا.

يشدد علي على أن الفلسطينيين شعب جبار، ولو أُتيحت لهم الفرصة أن يقاوموا في ذلك الحين أو يجدوا من يدعمهم، "لما حصل ما حصل.. لكن يا خسارة".

بأسف يقول: إن "الأمور لو ظلّت على ما كانت عليه قبل النكبة لكنا نعيش الآن في اللد، ولكان أحفادي يحرثون الأرض ويزرعونها". ويختم بالتأكيد "أننا سنرجع إليها إن شاء الله في يوم ما".

للحاج يوسف خليل النجار، وهو من مهجّري قرية الدوايمة الفلسطينية إلى غزة، قصته أيضًا مع التهجير و"أخذ أرضه منه غصبًا عنه" عام 1948. مثله أم محمد جابر التي تقيم في رام الله، ولا تغيب عن ذاكرتها النيران التي أطلقتها العصابات الصهيونية على أهالي قرية عنابا، قبل أن يتم تهجيرهم منها.

وكما ذاكرة البشر، تُبقي بعض القرى الفلسطينية المهجرة، مثل لفتا والغباسية، على أطلال من أبعدوا قسرًا عنها. بيوت حجرية، وأراض يرتفع فيها العشب الأخضر، كانت قد عملت فيها معاول الفلاحين الفلسطينيين وزرعتها خيرًا أثمر.  

مراحل النكبة عسكريًا

وكان الشعب الفلسطيني قد تعرّض للنكبة على مراحل، يُوجز أبرزها عسكريًا على الشكل التالي:

المرحلة الأولى، واستمرت من ديسمبر/ كانون الأول 1947 حتى أبريل/ نيسان 1948؛ ارتكبت خلالها العصابات الصهيونية مجازر في مناطق مختلفة من فلسطين.

من ناحيتها، تواصلت المرحلة الثانية من أبريل حتى يوليو/ تموز من العام نفسه، وبدأ خلالها تطبيق الخطة "د"، والتي نصت على تهجير مدن وقرى عربية بعد احتلالها.

أما المرحلة الثالثة، فاستمرت من 9 حتى 18 يوليو 1948، أو ما يُعرف بحرب الأيام العشرة بعد تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار الأولى.

وفي ما يخص المرحلة الرابعة، فقد أعقبت سقوط الهدنة واستمرت حتى العام 1949، وتم خلالها إحكام السيطرة على المدن المحتلة والعمل على بلورة حدود لدولة الاحتلال.

رواية إسرائيلية كاذبة

من جانبه، يواصل الاحتلال الإسرائيلي الذي يمعن في التغوّل داخل الأراضي الفلسطينية، بموازاة ما يرتكبه من مجازر وما يشنّه من حروب وما يسعى إليه من تهويد للإرث الفلسطيني، في إنكار جرائمه، بما فيها تلك التي قام بها إبان النكبة، وسط دعم دولي ودون أفق للمحاسبة.

فبموازاة الرواية الفلسطينية الواضحة التي تؤكد السياسة التي اتبعها الاحتلال بغرض الاحتلال والإحلال، تقول إسرائيل: إن تهجير الفلسطينيين حصل طواعية، وفي أحوال أخرى قام به جيش الإنقاذ العربي لا العصابات الصهيونية.

وبشأن المجازر، فتلك لا تعترف بها أيضًا، حيث ظلّت تعزوها إلى أخطاء فردية لا إلى خطة عسكرية شاملة وُضعت من قبل قيادات بعينها عشية النكبة بهدف تغيير الديمغرافيا الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، كان تحقيق صحفي أجرته صحيفة "هآرتس" عام 2019، أكد وجود طواقم إسرائيلية سرية تابعة لوزارة الأمن هدفها السيطرة على الوثائق العسكرية الإسرائيلية سواء على مذكرات المقاتلين أو محاضر جلسات للقيادات العسكرية. 

ويهدف هذا المسعى إلى طمس الجريمة، في محاولة لإضعاف الرواية الفلسطينية ومن ثم تكذيبها، وبالتالي منع فتح صفحة المحاسبة عما جرى في النكبة.

وتقول إحدى الوثائق التي اطّلعت عليها الصحيفة واختفت لاحقًا ما نصه، أنهم أمسكوا بـ52 رجلًا وقيدوهم الواحد بالآخر، وحفروا بئرًا وأطلقوا النار عليهم.

وتثبت وثيقة أخرى أن 70% من العرب غادروا فلسطين بتأثير من العمليات العسكرية اليهودية، ما يناقض بشكل تام الرواية الصهيونية الإسرائيلية.

ويذكر الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات محمود محارب، أن الحركة الصهيونية وضعت لها هدفين أساسيين منذ تأسيسها؛ الأول تهجير اليهود من جميع أرجاء العالم إلى فلسطين، والثاني إقامة دولة يهودية في فلسطين.

ويلفت إلى أن هؤلاء كانوا يدركون منذ البداية أن إقامة دولة يهودية في فلسطين لا يمكن أن يتم إلا بتهجير العرب الفلسطينيين من وطنهم فلسطين.

من ناحيته، يوضح الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح، أن الرواية الإسرائيلية الكاذبة ما زالت تقول إن فلسطين كانت بلا شعب وأن الفلسطينيين تركوا البلاد بناء على نداءات القيادات العربية آنذاك.

ويشدد على أن الحقيقة أن فلسطين تعرّضت لغزو كولنيالي كلاسيكي، مثلما تعرض الكثير من الدول في العالم لغزو أوروبي.

ويشرح أن الحركة الصهيونية حركة أوروبية غزت فلسطين في السياق الاستعماري، مشيرًا إلى أن إسرائيل تكشف وتعيد كل يوم كشف نفسها دون أن تقصد، على أنها دولة كولنيالية استعمارية استيطانية ونظام فصل عنصري يهدف إلى تثبيت أركانها هنا في هذا الشرق.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close