يعود فرقاء التفاوض حول الملف النووي الإيراني هذا الأسبوع إلى فيينا لمتابعة الجولة الثامنة من مفاوضات العودة إلى اتفاق عام 2015. واعتبرت واشنطن أن على الأطراف اتخاذ بعض القرارات السياسية الأكثر حساسية مع بدء نفاد الوقت.
وفي هذا الإطار، حذّر مسؤولون أميركيون من أن البرنامج النووي الإيراني "متقدم للغاية" مقارنة بما كان عليه عند إبرام اتفاق 2015، وأن أي صفقة بفترة اختراق تقلّ عن ستة أشهر يمكن أن تُضعف قدرة واشنطن على الردّ على تكثيف مفاجئ لبرنامج إيران النووي.
وبينما تركز مفاوضات فيينا على العودة إلى الاتفاق النووي، يصرّ المسؤولون الأميركيون على ضرورة إقحام ملف أربعة مواطنين أميركيين محتجزين لدى طهران في المحادثات، فيما تؤكد واشنطن أن محادثات في هذه القضية تجري بشكل مواز للمفاوضات النووية.
قلق حول "فترة الاختراق"
وفي ما يتعلّق بالمفاوضات، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن الإدارة الأميركية تتوقّع أن التوصّل لاتفاق سيترك إيران قادرة على تكديس ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة نووية في غضون أقلّ من عام، وهو إطار زمني أقصر من ذلك الذي ترتب على اتفاق 2015.
وكان وقت الاختراق الذي حُدّد بـ 12 شهرًا أحد المبادئ الأساسية لاتفاق عام 2015 الذي توصّلت إليه إيران مع الولايات المتحدة، على الرغم من عدم ذكر ذلك صراحةً في الاتفاقية. واستندت الفترة إلى تحليلات مفادها أنه إذا ألغت إيران القيود التي فرضها الاتفاق، فستظلّ بحاجة إلى عام لتطوير وقود كافٍ لقنبلة واحدة، مما يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها الوقت للردّ.
لكن بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب أحاديًا من الاتفاق عام 2018، وإعادة فرض عقوبات شاملة على طهران، سرّعت الجمهورية الإسلامية برنامجها النووي، وقلّصت وقت الاختراق إلى بضعة أسابيع، وفقًا لمسؤولين أميركيين.
وأشار المسؤولون الذين تحدّثت معهم الصحيفة الأميركية إلى أن مسؤولين في إدارة بايدن "توصّلوا إلى نتيجة في أواخر العام الماضي، مفادها أن البرنامج النووي الإيراني تقدّم بشكل كبير، لإعادة ما يسمّى بفترة الاختراق لاتفاقية 2015".
وعلى الرغم من ذلك، تمضي الولايات المتحدة قدمًا في المحادثات. وقال المسؤولون إنه "يجب التوصّل إلى اتفاق معدل قريبًا، لإعطاء الولايات المتحدة وحلفائها وقتًا كافيًا للرد على التعزيزات النووية الإيرانية".
صفقة أطول وأقوى؟
وستعتمد "فترة الاختراق" على الخطوات التي تُوافق عليها طهران "لتفكيك مخزونها من اليورانيوم المخصّب، وشحنه للخارج أو تدميره، والحدّ من إنتاج الوقود النووي، وقدرة تصنيع أجهزة الطرد المركزي".
وتُثير هذه المخاوف شكوكًا جديدة حول قدرة إدارة بايدن على التفاوض حول ما وصفه المسؤولون الأميركيون بأنها "صفقة أطول وأقوى من شأنها تقييد مسار إيران باتجاه الأسلحة النووية".
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن "واشنطن سترفع الجزء الأكبر من العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، إذا عادت إيران للانضمام للاتفاق".
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق للصحيفة على تفاصيل مدة الاختراق، مؤكدًا للصحيفة أن "الإدارة الأميركية واثقة من أن الصفقة ستُعالج مخاوفنا الملحّة بشأن منع الانتشار النووي".
وأكد المتحدّث أن "أمامنا أسابيع قليلة للتوصّل إلى تفاهم، وبعد ذلك ستجعل وتيرة التقدّم النووي الإيراني العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة مستحيلة".
مصير أربعة أميركيين
إلى ذلك، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن الولايات المتحدة تصر على أن المحادثات لتأمين إطلاق سراح الأميركيين الأربعة المسجونين في إيران أو الممنوعين من مغادرة البلاد، "مستمرة بشكل مستقل عن المفاوضات النووية".
We call on Iran to immediately release all wrongfully detained U.S. citizens including Siamak and Baquer Namazi, Emad Shargi, and Morad Tahbaz (also a UK citizen). Iran must account for Bob Levinson and others abducted by Iran. pic.twitter.com/AczQWgvotR
— U.S. Special Presidential Envoy Roger D. Carstens (@StateSPEHA) April 3, 2021
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية في إفادة للصحافيين الإثنين: "نحن نتفاوض بشأن إطلاق سراح المحتجزين بشكل منفصل عن خطة العمل الشاملة المشتركة".
والمسجونون الأربعة هم: سياماك نمازي، وهو رجل أعمال أميركي-إيراني يبلغ من العمر 50 عامًا، كان يعيش في دبي عندما تم اعتقاله أثناء زيارته لأقاربه في إيران عام 2015. وحكمت محكمة إيرانية على نمازي بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التعاون مع حكومة أجنبية معادية. وهو الآن محتجز في سجن إيفين سيئ السمعة في إيران، حيث يقول أفراد أسرته إن صحته تدهورت بعد أن أمضى بعض الوقت في الحبس الانفرادي.
وباقر نمازي، وهو والد سياماك نمازي (85 عامًا)، وهو أيضًا مواطن أميركي-إيراني. واعتقلته السلطات الإيرانية عندما سافر إلى هناك في أوائل عام 2016 لزيارة ابنه في السجن. وحكمت محكمة في طهران على باقر بالسجن لمدة 10 سنوات في نفس اليوم الذي حكم فيه على ابنه وبالتهمة ذاتها. أُطلق سراحه، حيث كان يعاني من مرض في القلب ومشاكل صحية أخرى، بعد أن منح إجازة طبية مؤقتة عام 2018.
عام 2020، خفّف القضاء الإيراني عقوبته، لكن طهران رفضت تجديد جواز سفره أو السماح له بمغادرة إيران. وخضع لعملية جراحية في طهران وصفها محاميه المقيم في الولايات المتحدة بأنها "انسداد في شرايين دماغه يهدّد حياته".
ومراد طهباز، وهو ناشط في مجال الحفاظ على البيئة ورجل أعمال يحمل الجنسية الأميركية والبريطانية والإيرانية يبلغ من العمر 66 عامًا. تم القبض عليه في إيران في أوائل عام 2018، مع ثمانية نشطاء آخرين من مؤسسة "التراث الفارسي للحياة البرية"، حيث شغل منصب الرئيس التنفيذي لها.
عام 2019، حكمت محكمة إيرانية على طهباز بالسجن 10 سنوات بتهمة التجسس العسكري، وأيدت الحكم عام 2020. تخرّج طهباز من كلية كولومبيا للأعمال عام 1983. وهو أيضًا أحد الناجين من مرض السرطان، وعانى من مشاكل صحية في السجن.
وغرّد روبرت مالي، المبعوث الأميركي الخاص لإيران، على تويتر الشهر الماضي: "لمدة 4 سنوات، احتجزت الحكومة الإيرانية مراد طهباز، مواطن بريطاني-أميركي في سجن إيفين"، مضيفًا: "مراد أب وخبير بيئي وضحية لمرض السرطان، وعلى إيران إطلاق سراحه على الفور".
وأخيرًا عماد شارغي، وهو مواطن أميركي-إيراني (56 عامًا)، اعتُقل لأول مرة في إيران أوائل عام 2018، بعد حوالي عام من انتقاله هو وزوجته إلى طهران من الولايات المتحدة. احتُجز لعدة أشهر، لكن أُطلق سراحه في ما بعد، وبُرّئ من تهمة التجسّس وتهم أخرى تتعلّق بالأمن القومي التي ساقته لها محكمة إيرانية.
ومع ذلك، لم تعد السلطات الإيرانية جواز سفره الأميركي له. وفي أواخر عام 2020، أبلغته المحكمة أنه حُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة التجسّس و"جمع المعلومات الاستخبارية العسكرية".
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن شارغي اعتُقل بعد ذلك عند نقطة تفتيش بالقرب من الحدود العراقية أثناء محاولته الفرار من البلاد. وقالت زوجته، إنه محتجز أيضًا في سجن إيفين شمال طهران، وتمكّن في بعض الأحيان من الاتصال بالمنزل.