الجمعة 11 تموز / يوليو 2025
Close

الهجوم على البرنامج النووي الإيراني.. ما مخاطر التلوّث على المنطقة؟

الهجوم على البرنامج النووي الإيراني.. ما مخاطر التلوّث على المنطقة؟

شارك القصة

العدوان الإسرائيلي على إيران
أعلن مصدر مطلع أن مجلس التعاون الخليجي في حالة تأهب قصوى لمراقبة أي تلوث بيئي محتمل بعد الهجمات- غيتي
الخط
أوضح خبراء أن الهجمات الأميركية على منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران لها مخاطر تلوث محدودة مع عدم تسجيل أي زيادة في مستويات الإشعاع.

بعد ضربات عسكرية جرت في ساعات مبكرة من يوم الأحد، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن المواقع النووية الإيرانية الرئيسية "انمحت"، بما في ذلك منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض، مع انضمام الولايات المتحدة إلى الهجمات على إيران التي بدأتها إسرائيل في 13 يونيو/ حزيران.

وأكد خبراء أن الضربات العسكرية على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية تُشكّل مخاطر تلوث محدودة، كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الأحد عدم تسجيل أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج المواقع عقب الهجمات الأميركية.

لكن ما هي المواقع النووية الإيرانية التي تعرضت للقصف حتى الآن؟

أضرار في منشأة نطنز 

هاجم الجيش الأميركي مواقع في فوردو ونطنز وأصفهان. وصرح ترمب بأن منشآت التخصيب النووي الرئيسية في إيران "انمحت تمامًا". وتأتي هذه الهجمات في أعقاب هجمات إسرائيلية أُعلن عنها سابقًا على مواقع نووية في نطنز وأصفهان وآراك، وحتى في طهران نفسها.

وتزعم إسرائيل أنها تهدف إلى منع إيران من صنع قنبلة نووية، بينما تقول الولايات المتحدة إنه لن يُسمح لطهران بامتلاك مثل هذه الأسلحة. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

موقع نطنز الإيراني
موقع نطنز الإيراني- غيتي

وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق أن أضرارًا لحقت بمنشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، وفي المجمع النووي في أصفهان الذي يضم منشأة لتخصيب اليورانيوم، وفي منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي في كرج وطهران.

واستهدفت إسرائيل موقع آراك، المعروف أيضًا باسم خُنداب. وذكرت الوكالة أن الضربات العسكرية الإسرائيلية أصابت مفاعل خُنداب للأبحاث الذي يعمل بالماء الثقيل، وهو قيد الإنشاء ولم يبدأ تشغيله بعد، وألحقت أضرارًا بالمحطة القريبة التي تُنتج الماء الثقيل.

وأكدت الوكالة أن المفاعل لم يكن قيد التشغيل، ولا يحتوي على أي مواد نووية، وبالتالي لم تُسجل أي آثار إشعاعية. يمكن استخدام مفاعلات الماء الثقيل لإنتاج البلوتونيوم، والذي يُمكن استخدامه، مثل اليورانيوم المخصب، لصنع قنبلة ذرية.

مخاطر ضرب المنشآت النووية

وفي حديثهم مع وكالة "رويترز" قبل الضربات الأميركية، قال خبراء إن هجمات إسرائيل تشكل مخاطر تلوث محدودة حتى الآن.

وقال بيتر براينت الأستاذ بجامعة ليفربول في إنكلترا والمتخصص في علوم الحماية من الإشعاع وسياسات الطاقة النووية، إنه لا يشعر بقلق بالغ بشأن التداعيات النووية الناجمة عن الضربات حتى الآن.

وأشار إلى أن موقع آراك لم يكن يعمل بينما تقع منشأة نطنز تحت الأرض، ولم ترد تقارير عن أي تسرب إشعاعي. وقال: "المسألة تكمن في السيطرة على ما حدث داخل تلك المنشأة، لكن المنشآت النووية مصممة لذلك... اليورانيوم لا يشكل خطورة إلا في حال استنشاقه أو ابتلاعه أو دخوله الجسم بمستويات تخصيب منخفضة".

وذكرت داريا دولزيكوفا، كبيرة الباحثين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، بأن الهجمات على المنشآت في بداية دورة الوقود النووي -وهي المراحل التي يُحضر فيها اليورانيوم للاستخدام في المفاعل- تُشكل في المقام الأول مخاطر كيميائية، وليست إشعاعية.

وأضافت أنه في منشآت التخصيب، يُشكل سادس فلوريد اليورانيوم مصدر القلق "عندما يتفاعل سادس فلوريد اليورانيوم مع بخار الماء في الهواء، فإنه يُنتج مواد كيميائية ضارة".

وأوضحت أن مدى انتشار أي مادة يعتمد على عوامل منها الظروف الجوية "في حالة الرياح المنخفضة، ويتوقع أن تستقر معظم المواد بالقرب من المنشأة، أما في حالة الرياح القوية، فستنتقل المواد لمسافات أبعد، ومن المرجح أيضًا أن تنتشر على نطاق أوسع".

ويكون خطر الانتشار أقل في المنشآت الواقعة تحت الأرض.

وقال سايمون بينيت، الذي يرأس وحدة السلامة والأمن المدني بجامعة ليستر في بريطانيا، إن المخاطر البيئية ستكون ضئيلة إذا قصفت إسرائيل منشآت تحت الأرض لأن "المواد النووية ستدفن في آلاف الأطنان من الخرسانة والأتربة والصخور".

وضع المفاعلات النووية

لكن مصدر القلق الرئيسي يتمثل في توجيه ضربة لمفاعل بوشهر النووي الإيراني.

وانتشرت مخاوف من وقوع كارثة في الخليج في 19 يونيو/ حزيران عندما أعلن الجيش الإسرائيلي قصف موقع في بوشهر، ليُعلن لاحقًا أن هذا الإعلان كان خطأ. وتؤكد إسرائيل أنها تريد تجنب أي كارثة نووية، حسب قولها.

ويقول ريتشارد ويكفورد، الأستاذ الفخري لعلم الأوبئة في جامعة مانشستر، إنه في حين أن التلوث الناجم عن الهجمات على منشآت التخصيب سيُمثل "مشكلة كيميائية في الأساس" للمناطق المحيطة، فإن إلحاق أضرار جسيمة بمفاعلات الطاقة الكبيرة "أمر مختلف".

مفاعل بوشهر النووي الإيراني
مفاعل بوشهر النووي الإيراني- غيتي

وأضاف أن العناصر المشعة ستنطلق إما عبر سحابة من المواد المتطايرة أو في البحر.

وذكر جيمس أكتون المدير المشارك لبرنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الهجوم على بوشهر "قد يسبب كارثة إشعاعية كاملة"، لكن الهجمات على منشآت التخصيب "من غير المرجح أن تسبب عواقب وخيمة خارج الموقع".

وأضاف أن اليورانيوم قبل دخوله إلى المفاعل النووي لا يكون مشعًا تقريبًا. وأضاف "سداسي فلوريد اليورانيوم سام... لكنه في الواقع لا ينتقل لمسافات طويلة، وهو غير مشع تقريبًا. حتى الآن، كانت العواقب الإشعاعية لهجمات إسرائيل معدومة تقريبًا"، معبرًا عن معارضته للحملة الإسرائيلية.

وذكر بينيت من جامعة ليستر أن مهاجمة الإسرائيليين لمحطة بوشهر سيكون "تصرفًا متهورًا" لأنهم قد يخترقون المفاعل مما يعني إطلاق مواد مشعة في الغلاف الجوي.

قلق خليجي 

بالنسبة لدول الخليج، سيتفاقم تأثير أي ضربة على بوشهر بسبب التلوث المحتمل لمياه الخليج، مما يُعرض للخطر مصدرًا حيويًا للمياه المحلاة الصالحة للشرب.

وأعلن مصدر مطلع أن مجلس التعاون الخليجي في حالة تأهب قصوى لمراقبة أي تلوث بيئي محتمل بعد الهجمات. وأكد المصدر أنه لم تظهر أي دلائل على تلوث إشعاعي حتى الآن، مضيفًا أن دول مجلس التعاون لديها خطط طوارئ جاهزة في حال وجود تهديد للأمن المائي والغذائي في الخليج.

وفي الإمارات، تُشكل المياه المحلاة أكثر من 80% من مياه الشرب، بينما أصبحت البحرين تعتمد كليًا على المياه المحلاة في عام 2016، مع تخصيص 100% من المياه الجوفية لخطط الطوارئ، وفقًا للسلطات.

أما قطر فتعتمد كليًا على المياه المحلاة.

وفي السعودية، وهي دولة أكبر بكثير من حيث المساحة ولديها احتياطي أكبر من المياه الجوفية الطبيعية، تقول الهيئة العامة للإحصاء إن نحو 50% من إمدادات المياه تأتي من المياه المحلاة منذ عام 2023.

وفي حين أن بعض دول الخليج، مثل السعودية وسلطنة عمان والإمارات، لديها إمكانية الوصول إلى أكثر من بحر لتحلية المياه، فإن دولًا مثل قطر والبحرين والكويت لا تطل إلا على الخليج.

وقال نضال هلال أستاذ الهندسة ومدير مركز أبحاث المياه بجامعة نيويورك أبوظبي: "إذا تسببت كارثة طبيعية أو تسرب نفطي أو حتى هجوم موجه في تعطيل محطة لتحلية المياه، فقد يفقد مئات الآلاف إمكانية الحصول على المياه العذبة على الفور تقريبًا".

وأضاف: "محطات تحلية المياه الساحلية معرضة بشكل خاص للمخاطر الإقليمية مثل تسرب النفط والتلوث النووي المحتمل".

تابع القراءة

المصادر

رويترز
تغطية خاصة