السبت 7 ديسمبر / December 2024
Close

انتحار ودعاوى قضائية ضد الحكومة.. بريطانيا "تغربل" اللاجئين

انتحار ودعاوى قضائية ضد الحكومة.. بريطانيا "تغربل" اللاجئين

شارك القصة

ناقش برنامج "للخبر بقية" تفاصيل الخطة البريطانية الجديدة للتعامل مع الهجرة غير الشرعية (الصورة: فيسبوك)
الخط
بينما بدأ ما لا يقل عن 17 شخصًا من سوريا ومصر والسودان الإضراب عن الطعام، رفضًا لترحيلهم، يبدو أن آخرين مصممين على عدم تطبيق الخطة، حتى لو كلّفهم ذلك حياتهم

على الرغم من سيل الانتقادات التي تعرّضت لها، يبدو أن الحكومة البريطانية مصمّمة على المضي قدمًا في خطتها المثيرة للجدل لترحيل المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في البلاد إلى رواندا.

وبالفعل، أخطرت الحكومة البريطانية نحو 100 مهاجر بأنه سيتمّ ترحيلهم إلى رواندا، على أن يكون موعد أول دفعة مرحّلين يوم 14 يونيو/ حزيران الحالي.

وتشمل الدفعة الأولى من المهاجرين سوريين، وأفغانا، ومصريين، وسودانيين، وغيرهم من الجنسيات الأخرى، محتجزين في مركز ترحيل المهاجرين "بروك هاوس" (Brook House) بالقرب من مطار جاتويك.

وتأتي الخطة في إطار شراكة مع رواندا، تسمح لبريطانيا بإبعاد مهاجرين وطالبي لجوء إليها، في محاولة لردع عمليات العبور غير النظامية المتزايدة عبر بحر المانش. وبموجب الاتفاق، تقوم لندن في البداية بتمويل العملية بما يصل إلى 120 مليون جنيه إسترليني (141 مليون يورو).

وسيتمّ ترحيل اللاجئين إلى رواندا، إلى أن يتمّ البتّ في طلبات لجوئهم. وإذا تمّ منحهم حق اللجوء، فسيتم تشجيعهم على البقاء في رواندا لمدة خمس سنوات على الأقل. أما إذا رُفضت، فإن الحكومة الرواندية عرضت عليهم إمكانية "الاستقرار بشكل دائم في رواندا إذا رغبوا في ذلك".

إضراب عن الطعام وانتحار

وبينما اتهمت جهات معارضة الحكومة البريطانية باستخدام هذه الخطة للتغطية على الإخفاقات السياسية، وإدانة منظمات إنسانية للخطة باعتبارها مخالفة للقانون الإنساني، ترتفع أصوات المهاجرين وطالبي اللجوء أنفسهم رفضًا لإرسالهم آلاف الكيلومترات بعيدًا عن بريطانيا.

وبينما بدأ ما لا يقلّ عن 17 شخصًا من سوريا ومصر والسودان الإضراب عن الطعام، رفضًا لترحيلهم، يبدو أن آخرين مصمّمين، بدورهم، على عدم تطبيق الخطة، حتى لو كلّفهم ذلك حياتهم.

ووثّقت جمعيات ومنظمات إنسانية بريطانية عددًا من محاولات الانتحار، وتنوّعت بين محاولات فعلية وتفكير في الانتحار. وأظهر استطلاع للرأي أن 87% أفادوا بوجود أفكار انتحارية لديهم أو ميول لإيذاء أنفسهم، وفقًا لمنظمة "العدالة الطبية".

وبينما أقدمت طالبة لجوء إيرانية فعلًا على الانتحار، قبل أن يتمّ إنقاذها مباشرة، صوّر طالب لجوء يمني يبلغ من العمر 40 عامًا، مقطع فيديو موجّها إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ووزيرة الداخلية بريتي باتيل، قال فيه إنه بعد وصوله إلى بريطانيا في 13 أبريل/ نيسان الماضي واكتشاف خطة نقل طالبي اللجوء إلى رواندا لم يعد أمامه خيار آخر سوى أن يقتل نفسه.

فريسة دولة دكتاتورية

في هذا الإطار، قالت كلير موسلي، الرئيسة التنفيذية لجمعية "كير فور كاليه" (Care4Calais) غير الحكومية، لصحيفة "الغارديان" إن احتمال إرسال طالبي اللجوء "قسرًا إلى رواندا كان القشّة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لهم".

وأضافت أن "الهدف من خطة رواندا هي ردع اللاجئين من خلال إثارة الرعب لديهم من تبعاتها، أكثر من خوفهم من الرحلات غير الشرعية"، مضيفة أن اللاجئين عانوا من اضطهاد رهيب، وبات الهدف هو ردعهم باستخدام الخوف والمزيد من الأذى والقمع".

وأكدت أن خطة الحكومة البريطانية "ليست نتاج أمّة متحضرة أو عطوفة، ولا عجب أن تدفع هؤلاء الضحايا إلى الانتحار يأسًا".

من جهته، شدّد المحامي والمستشار في قضايا اللجوء والهجرة باسم سالم على أن الاتفاقية مع رواندا مخالفة لأحكام القضاء البريطاني ولأحكام مجلس اللوردات في البلاد.

وتساءل سالم، في حديث إلى "العربي" من باريس: "كيف يمكن لبريطانيا أن تنشئ مكتبًا لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين شمال فرنسا، فهل هؤلاء هم لاجئون شرعيون؟ هل تقدّموا إلى السفارات البريطانية في فرنسا أو في أوكرانيا، وحصلوا على الموافقة باللجوء؟".

بدوره، وصف السياسي البريطاني المخضرم اللورد ألفريد دوبس، خطة ترحيل المهاجرين من بلاده إلى رواندا بأنها "سياسة مخزية"، مؤكدًا، في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، أن الحكومة البريطانية لديها التزام بحماية الأشخاص الذين فرّوا من بلادهم بحثًا عن الأمان".

إلى ذلك، قالت بيلا سانكي، مديرة منظمة "ديتينشن آكشن" التي لوّحت برفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية: "يا لها من طريقة للاحتفال بعطلة نهاية أسبوع اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث، من خلال إبلاغ ضحايا التعذيب والعبودية الذين قطعوا آلاف الأميال إلى برّ الأمان، بأنّه سيتمّ إبعادهم ليكونوا فريسة دولة دكتاتورية وقمعية".

وتنصّ الاتفاقية الدولية للاجئين على أن إرسال طالبي اللجوء إلى دولة أخرى يجرّدهم من حقهم في النظر في قضاياهم في الدولة التي اختاروا طلب اللجوء فيها، ويضاعف نزوحهم، كما يعرّضهم إلى حالة من عدم اليقين لفترات طويلة ولمزيد من المخاطر.

وتتمتّع رواندا بسجل حافل في مجال انتهاكات حقوق الإنسان. ففي عام 2018، على وجه الخصوص، ورد أن عشرات اللاجئين قُتلوا على أيدي الشرطة الرواندية، بعد احتجاجات خارج مكاتب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين في منطقة كارونغي.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات