اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، اليوم الثلاثاء، أن بلاده تحتاج بشكل عاجل إلى خفض عجز ميزانيتها لمواجهة "تسونامي من عدم الاستقرار" بسبب روسيا المولعة بالقتال والحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأضاف بايرو في تصريحات حادة غير معهودة أن العاصفة التي أحدثتها رسوم ترمب الجمركية وقراره تغيير موقفه من حلفاء تقليديين دمرت الثقة في أنحاء العالم، محذرًا من أن ديون فرنسا المتزايدة والعجز الأكبر في ميزانيتها مقارنة بنظيراتها الأوروبية يضعها في مرمى الخطر.
"إعصار لن تنتهي عواقبه"
وقال بايرو خلال مؤتمر صحفي عقده بهدف حشد الدعم قبل مناقشات حول موازنة عام 2026 والتي تشكل خطرًا على حكومة الأقلية التي يرأسها: "أطلق رئيس الولايات المتحدة إعصارًا لن تنتهي عواقبه في أي وقت قريب".
وأضاف: "وكأن الحرب لم تكن كافية، اجتاح العالم تسونامي من عدم الاستقرار".
ولفت بايرو إلى أن العالم شهد "انقلابًا في التحالفات لم يكن أحد يتخيله"، مشيرًا إلى معاملة ترمب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في فبراير/ شباط الماضي.
ويتبع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحاته نهجًا دبلوماسيًا أكثر حذرًا مقارنة برئيس الوزراء فيما يتعلق بالحديث عن ترمب، بينما يركز بايرو عادة على مخاطبة الجمهور العام الفرنسي.
وأطيح بسلف بايرو، ميشيل بارنييه، في ديسمبر/ كانون الأول بعد محاولته إقرار ميزانية لعام 2025 كانت ستسرع وتيرة خفض الإنفاق لتقليص عجز الموازنة الذي ارتفع إلى 5.8% في عام 2024.
وخلال حديثه من وراء منصة كُتب عليها عبارة "الحقيقة تمكننا من العمل"، لم يقدم بايرو سوى القليل من التفاصيل عن خطته لخفض الإنفاق الحكومي الذي وصفه بأنه مفرط، كما استبعد زيادة إجمالي الإيرادات الضريبية لفرنسا والتي تعد من بين الأعلى في العالم.
واكتفى رئيس الوزراء بقوله إنه يريد الانتهاء من المشاورات مع أعضاء البرلمان والجهات المعنية بشأن موازنة عام 2026 قبل الموعد المعتاد في سبتمبر/أيلول المقبل، وتقديم موعدها إلى اليوم الوطني الفرنسي في 14 يوليو/تموز القادم.
تجاوز العجز المفرط
وتستهدف الحكومة خفض العجز هذا العام إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد كخطوة أولى نحو إعادة العجز إلى مستوى السقف الذي يحدده الاتحاد الأوروبي والبالغ 3% بحلول عام 2029.
وقبل أكثر من شهر دعا رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو في مقابلة نشرتها صحيفة "لوفيغارو"، إلى استثناء النفقات العسكرية من القواعد الأوروبية بشأن عجز الموازنة.
وقال بايرو: "أنا أتشاطر الرأي مع أولئك الذين يقولون إنّه في مثل هذه الظروف الخطرة، ينبغي علينا استثناء الإنفاق العسكري من قواعد العجز الأوروبي" التي تُلزم الدول التي تعتمد العملة الأوروبية الموحّدة بأن لا يزيد عجزها العام عن 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، إلا لظروف استثنائية.
ومنذ أمد بعيد تواجه فرنسا صعوبة في الالتزام بالقواعد الأوروبية المتعلقة بعجز الموازنة.
وتخضع فرنسا حاليًا لإجراء كون موازنتها تعاني من عجز مفرط، الأمر الذي قد يؤدي إلى فرض عقوبات أوروبية عليها إذا لم تصحح وضعها في الوقت المحدد.
وبعد أن كان متوقعًا أن يبلغ عجز الميزانية الفرنسي في 2024 نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، سعى رئيس الوزراء السابق ميشال بارنييه لخفضه إلى 5% في 2025 لكن حكومته سقطت في الرابع من ديسمبر بعدما حجب البرلمان ثقته عنها. أما خليفته بايرو فيتطلّع لأن يكون معدّل عجز الموازنة هذا العام 5,4%.