الأربعاء 27 مارس / مارس 2024

انهيار متواصل لليرة اللبنانية.. أرقام غير مسبوقة وأزمات في الأفق

انهيار متواصل لليرة اللبنانية.. أرقام غير مسبوقة وأزمات في الأفق

Changed

نافذة إخبارية لـ"العربي" عن انهيار العملة اللبنانية (الصورة: رويترز)
يأتي التراجع المستمر في قيمة العملة الوطنية في ظلّ انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، تزامنًا مع أزمة سيولة حادة.

يستمرّ انهيار الليرة اللبنانية بصورة غير مسبوقة مع تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء مؤخرًا عتبة 34 ألفًا و500 ليرة لبنانية، وذلك في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذاء والدواء.

وكان مصرف لبنان قد أشار أمس الثلاثاء في بيان، إلى وصول حجم التداول اليومي على منصّة "صيرفة" إلى 60 مليون دولار بمعدل نحو 24 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد.

ويأتي التراجع المستمر في قيمة العملة الوطنية في ظلّ انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، تزامنًا مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

وعلى مدى 20 عامًا، حتى بدء الأزمة الحالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حافظ سعر الصرف على استقراره عند حوالي 1510 ليرات للدولار.

وأدى الانهيار القياسي في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار منذ 2019، فضلًا عن شح الوقود والأدوية والغلاء القياسي في أسعار السلع الغذائية، إلى فقدان المواطنين قدرتهم الشرائية، فضلاً عن انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي.

ما هو سبب تواصل انهيار الليرة؟

ومن بيروت، يتحدث الباحث الاقتصادي جاسم عجاقة عن تزامن الارتفاع غير المسبوق للدولار في السوق السوداء مع نتائج الانتخابات النيابية التي جرت يوم 15 مايو/ أيار، مشيرًا إلى أن هناك ارتباطًا وثيقًا في لبنان بين السياسة والاقتصاد والمال.

ويقول في حديث إلى "العربي": "هناك صراع قائم اليوم بين القوى السياسية، حيث يُعَدّ الدولار وسعر الصرف إحدى جبهات هذا الصراع، في ضوء المضاربة على الليرة في ظل عجز كامل للدولة عن مكافحة هذه الممارسات المخالفة للقوانين".

ويشرح عجاقة أنه قبل فترة الانتخابات كان هناك ضخّ كبير للأموال في السوق اللبنانية "استرضاءً للرأي العام" قبيل هذا الاستحقاق، ولكن بعد الانتخابات لم يعد هناك من ضخّ لهذه الأموال وبالتالي نرى أن هناك مشكلة على الأرض.

كما يرى الباحث الاقتصادي أن الأمور تتجه في لبنان إلى أزمة فعلية في المدى القصير، نظرًا إلى أنّ المشكلة الجوهرية التي يواجهها لبنان هي مشكلة نقص الدولار، بحيث لم تقم الحكومة بأي إصلاحات اقتصادية كما أن المجتمع الدولي يرفض مساعدة لبنان من دون هذه الإصلاحات.

وتابع عجاقة: "أعتقد أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة جدًا على المواطن اللبناني مع غلاء أسعار السلع الأساسية والاحتكار والتلاعب الذي يقوم به التجار".

أزمة جديدة على وقع مطالبات صندوق النقد

أما عن مقاربة صندوق النقد الدولي بأن الديون المستحقة من الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي إلى القطاع الخاص وتحديدًا المصارف، عدت على أنها خسائر وليست ديونًا، فيقول عجاقة إنها تلعب دورًا في الانهيار المالي في لبنان كونه "ناتج عن فساد".

ويلفت الباحث الاقتصادي لـ"العربي" إلى أن صندوق النقد يعتبر أن دين الدولة الذي يبلغ 104 مليار دولار هو دين جائر أي ناتج عن الفساد وبمعرفة المقرضين، وبالتالي يقول الصندوق بحجته الاقتصادية أن "لا عدالة بتحميل هذا الدين للأجيال المستقبلية".

من هذا المنطلق، يؤكد صندوق النقد الدولي بحسب عجاقة أنه يجب محو الدين العام بما أنه بمعظمه داخلي بأكثر من 85%، الأمر الذي يفرض مشكلة على الواقع ولا سيما وأن الحكومة قررت مصادرة رأس مال المصارف وأيضًا الودائع التي لم تستطع ضمان إعادتها إلى المودعين.

وفي إشارة له إلى خطة التعافي الاقتصادي التي أقرتها الحكومة، وصفها الباحث الاقتصادي من بيروت بأنها "خطيرة"، مردفًا أن "الجزء الأصعب هو أن صندوق النقد يدعم هذه الخطة وهنا تتضارب وجهات النظر الاقتصادية حيث يشهد لبنان انقسامًا كبيرًا حولها".

لذلك يعتقد عجاقة أنه من غير العادل "قضم هذه الودائع وأصحابها لم يستفدوا من الفوائد على سندات الخزينة.. هذا الأمر سيؤخذ وقتًا طويلًا قبل أن يتم الجزم به".

 يذكر أن خطة للتعافي المالي أقرها مجلس الوزراء اللبناني الأسبوع الفائت، كشفت أن الحكومة ستلغي "جزءًا كبيرًا" من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف التجارية وحل المصارف غير القابلة للاستمرار بحلول نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني.

وتشمل الخطة العديد من الإجراءات التي تعد من المتطلبات لإفراج صندوق النقد الدولي عن تمويل مطلوب في اتفاق مبدئي مع لبنان تم التوصل إليه في أبريل/ نيسان، ويمكن أن يساعد البلاد على الخروج من أزمة مالية متفاقمة ومستمرة منذ ثلاث سنوات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close