على الرغم من حالة الصراع الحاصل عقب تشكيل حكومة ثانية على الأراضي الليبية، طرح رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، "مبادرة" لإجراء حوار شامل في إطار المصالحة الوطنية يستهدف كل القوى السياسية والمجتمعية والعسكرية الراغبة في تأسيس حياة مدنية راسخة، لحل أزمة البلاد.
ومنذ أكثر من شهرين، تشهد ليبيا أزمة سياسية بعدما أصبحت البلاد تعوم على حكومتين، حيث لا تزال حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب، تنفيذًا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي.
وخلال كلمة لباشاغا في مؤتمر صحافي عقد عقب الاجتماع الثاني لحكومته، اليوم الثلاثاء، في مدينة درنة شرقي البلاد، قال إن حكومته أطلقت تلك المبادرة لتوسيع ما سماه رقعة التواصل والمشاركة مع الجميع ورغبة في أن ينعكس ذلك على توحيد الجهود والاستعداد لمرحلة البناء والإعمار، حسب تعبيره.
ويأتي ذلك، بحسب باشاغا، في "ظل اعتبار اقتتال الأخوة خطا أحمر لا يمكن المساس به".
وفتح اعتراف مجلس النواب بحكومة باشاغا العاملة في شرق وجنوب البلاد، الباب مجددًا أمام تصاعد المخاوف المحلية والدولية من احتمال انزلاق البلاد مجددًا إلى حرب أهلية.
فتح نقاشات وحوارات
وعن تفاصيل مبادرته، قال باشاغا، إنها "تتمثل في التوافق على بعض القيم والمبادئ الوطنية".
ولفت إلى أن الحكومة تمد يدها للتواصل مع كل التيارات والأحزاب والتكتلات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، كما ترغب في توسيع قاعدة الحوار مع المشايخ والأعيان والحكماء في كل المدن.
ومضى قائلًا: "تقر الحكومة الليبية بأن الثوار والكثير من القوى العسكرية كان لهم الفضل والكلمة الفصل في مقاومة الاستبداد والحرب على الإرهاب، وترى أن هذه الجهود لا بد أن تستمر وتنصب في جهود استعادة الدولة وإعادة بنائها".
وبناء على ذلك تحرص حكومة باشاغا بحسب كلمته "على فتح نقاشات وحوارات مع قادة التشكيلات العسكرية لردم هوة الخلاف مع البعض وتبديد المخاوف وتوضيح برنامجها للبعض الآخر".
ومطلع فبراير/ شباط الماضي، كلف مجلس النواب فتحي باشاغا بتشكيل حكومة بدلًا عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي رفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب من الشعب ينهي كل الفترات الانتقالية في البلاد.
وأواخر أبريل/ نيسان الماضي، عقدت حكومة باشاغا اجتماعها الأول في سبها جنوبي البلاد لمناقشة برنامجها الحكومي، وذلك في ظل عدم استلامها للسلطة رسميًا من حكومة الوحدة.
وفي خطوة يتوقع أن يوافَق عليها كونها داخلة في صراع الحكومتين في ليبيا، أحال مجلس النواب بطبرق شرقي البلاد، إلى لجنته المالية، أمس الإثنين، مشروع ميزانية الدولة لعام 2022 المقدم من الحكومة المكلفة من قبله، برئاسة فتحي باشاغا، وذلك لإبداء الرأي فيها قبل إقرارها أو رفضها، والتي تبلغ 94 مليارًا و830 مليونًا و515 ألفًا و200 دينار ليبي (نحو 20 مليار دولار أميركي).
وهنا تبرز نقطة التمايز بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، إذ من المتوقع أن يوافق البرلمان، الداعم لحكومة باشاغا، على مشروع الميزانية ليمنح الحكومة عامل تفوق على حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، التي تتمركز في العاصمة طرابلس غرب ليبيا.
ولمعالجة هذه الأزمة، تبذل الأمم المتحدة جهودًا لتحقيق توافق بين الليبيين، عبر لجنة مشتركة، على قاعدة دستورية لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، بعد تعذر إجراء انتخابات يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021؛ ضمن خطة ترعاها الأمم المتحدة.