انطلقت الجولة الثالثة من المحادثات بشأن برنامج طهران النووي، بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في العاصمة العُمانية مسقط، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني اليوم السبت.
وتأتي هذه الاجتماعات، بوساطة عُمانية، عقب جولتين سابقتين من المفاوضات غير المباشرة، عُقدت أولاهما في 12 نيسان/ أبريل في مسقط، ثم الثانية في 19 أبريل في روما.
وسيقود المحادثات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وسيكون وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي وسيطًا بينهما.
جولة ثالثة من المحادثات الأميركية الإيرانية
ومن المقرر عقد مباحثات فنية على مستوى الخبراء قبل المحادثات رفيعة المستوى.
وأفاد مراسل التلفزيون العربي حازم كلاس، بأن ما يميز الجولة الثالثة من المحادثات بين طهران وواشنطن هو أنها ستبدأ بانعقاد اجتماع للخبراء الذين سيدخلون في التفاصيل.
وأشار مراسلنا إلى وجود تفاصيل كثيرة مرتبطة بالملف النووي الإيراني، في ما يتعلق بنسب التخصيب وكميات اليورانيوم المخصب وإصرار طهران على إبقاء دورة الوقود النووي بشكل كامل.
ومن التفاصيل أيضًا، بحسب مراسلنا، رفع العقوبات عن إيران، والضمانات من أجل موازنة الخطوات الإيرانية والأميركية.
وأشار إلى أن اللافت في هذه المباحثات هو كلام المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الخميس، والذي أبرزته الصحافة الإيرانية الصادرة اليوم، وتحدث فيه من جديد عن المرونة البطولية التي كان قد تحدث عنها قبيل الاتفاق النووي عام 2015.
ولفت إلى أن كلام المرشد، بحسب الصحف الإيرانية، يعني أنه إذا كان هناك نوع من المهادنة فهذا لا يدل على التراجع عن المبادئ والثوابت.
وفي سياق متصل، قالت إيران والولايات المتحدة: إن جولة المفاوضات التي جرت السبت الماضي في مقر إقامة سفير عُمان في روما أسفرت عن "تقدّم". وقالت طهران إن الاجتماع كان "جيّدًا".
وذكرت الخارجية العمانية أن اجتماعات روما "أسفرت عن توافق الأطراف للانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق منصف، دائم، وملزم، يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية ورفع العقوبات بالكامل عنها، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية".
عقوبات "عدائية"
ولطالما اتهمت الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران باستمرار مؤكّدة أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية والمدنية فقط.
وهذا الأسبوع، أكّد عراقجي موقف إيران قائلًا: "إذا كان مطلب الولايات المتحدة الوحيد هو عدم امتلاك إيران أسلحة نووية، فإن هذا المطلب قابل للتحقيق"، مضيفًا "إذا كانت لديهم مطالب أخرى، أو مطالب غير عملية أو غير منطقية، فسنواجه مشاكل بطبيعة الحال".
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني الماضي، أعاد ترمب فرض سياسة "الضغوط القصوى" المتمثلة في فرض عقوبات على إيران، مكررًا بذلك إستراتيجيته التي اتّبعها خلال ولايته الأولى.
وقال ترمب: إن الولايات المتحدة "ستقود" الهجوم على إيران في حال لم تسفر المفاوضات بشأن برنامجها النووي عن اتفاق جديد، وذلك في مقابلة مع مجلة تايم نُشرت الجمعة.
وفي مارس/ آذار، بعث ترمب رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يعرض فيها إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي.
والثلاثاء، أعلنت واشنطن عقوبات جديدة تستهدف شبكة النفط الإيرانية، في خطوة وصفتها طهران بأنّها دلالة على "نهج عدائي" قبيل محادثات السبت في عُمان.
حق "غير قابل للتفاوض"
في مقابلة نُشرت الأربعاء، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو موقف واشنطن الحازم ضد تخصيب إيران لليورانيوم.
وقال في بودكاست "أونستلي": "إذا أرادت إيران برنامجًا نوويًا مدنيًا، فيمكنها امتلاكه كما هو حال العديد من الدول الأخرى في العالم، عبر استيراد المواد المُخصَّبة".
من جهته، وصف عراقجي حقّ إيران في تخصيب اليورانيوم بأنه "غير قابل للتفاوض".
وتُخصب إيران حاليًا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو أعلى بكثير من حد 3,67% المنصوص عليه في الاتفاق، لكنه لا يزال أقل من عتبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.
ووصف عراقجي الخميس العلاقات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بـ"المتدهورة"، بعد جولات عدة من المحادثات النووية سبقت الاجتماعات الأميركية، لكنه أبدى استعداده لزيارة تلك الدول لإجراء نقاشات بشأن برنامج بلاده النووي ومجالات الاهتمام والقلق المشتركين.
وقال عراقجي على منصة إكس: "بعد المشاورات الأخيرة التي أجريتها في موسكو وبكين، أنا مستعدّ لاتخاذ الخطوة الأولى بزيارات لباريس وبرلين ولندن".
وحضّ روبيو الأسبوع الماضي الدول الأوروبية على اتخاذ "قرار مهم" بشأن تفعيل "آلية الزناد"، التي نصّ عليها اتفاق 2015، ومن شأنها إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيًا على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي. لكنّ خيار تفعيل الآلية ينتهي في أكتوبر/ تشرين الأول.
من جهتها، حذّرت إيران من الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال تفعيل تلك الآلية.