الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

بدون آمال كبيرة.. استئناف المحادثات لتوحيد قبرص برعاية أممية

بدون آمال كبيرة.. استئناف المحادثات لتوحيد قبرص برعاية أممية

Changed

قبرص منقسمة منذ غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي عام 1974.
قبرص منقسمة منذ غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي عام 1974. (غيتي)
تُعقد المحادثات بعد أربع سنوات من فشل الطرفين في التوصّل إلى حلّ.

يُجري القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك محادثات غير رسمية، من الثلاثاء إلى الخميس في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، لكن بدون آمال كبيرة بالتوصّل إلى اتفاق حول إعادة توحيد الجزيرة المتوسطية.

ويتوجه زعيم القبارصة الاتراك أرسين تتار ووزير خارجيته، الإثنين، إلى أنقرة حيث من المنتظر أن يلتقيا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل التوجه إلى جنيف.

وتُعقد المحادثات بعد أربع سنوات من فشل الطرفين في التوصّل إلى حلّ. وقبرص منقسمة منذ غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي عام 1974، ردًا على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان.

وفي العام 2004، انضمّت قبرص إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة الذي يقطنه قبارصة يونانيون، وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. أما في الشمال، فلا تعترف سوى أنقرة بـ"جمهورية شمال قبرص التركية".

وقبل ثلاثة أيام من محادثات جنيف، تظاهر، السبت، مئات القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك في نيقوسيا، مطالبين بالسلام وإعادة التوحيد. وباءت بالفشل كافة المحاولات السابقة لإعادة توحيد الجزيرة، في ظلّ خصومة إقليمية بين اليونان وتركيا.

وقال وزير الخارجية في جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس: "نحن ذاهبون إلى جنيف عازمين بشدة على استئناف المفاوضات لإعادة توحيد قبرص على شكل فدرالية ذات مجتمعين ومنطقتين، تماشيًا مع (قرارات) الأمم المتحدة".

في المقابل، يختلف الخطاب في "جمهورية شمال قبرص التركية" تمامًا. إذ قال وزير الخارجية في الشطر الشمالي تحسين ارطغرل اوغلو لوكالة فرانس برس إن "الحلّ (...) هو جزيرة واحدة ودولتان منفصلتان"، معتبرًا أنه لا يوجد "أرضية مشتركة" للتفاهم.

من جهته، قال تتار، في بيان: "سنذهب إلى جنيف برؤية جديدة لقبرص تستند إلى حقائق الجزيرة"، مضيفًا: "هناك شعبان لهما هويتان قوميتان مختلفتان، ويُديران شؤونهما بشكل منفصل"، وحثّ المجتمع الدولي على الاعتراف بوجود دولتين على الجزيرة.

جنود أتراك

ويرى المحلل القبرصي التركي كمال بيكالي، وهو ناشط في منظمة "لنوحد قبرص الآن" غير الحكومية، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي سيُشرف على المحادثات، يريد أن "يُظهر أنه استنفد كلّ خياراته"، مضيفًا أن غوتيريش "بحاجة إلى أن يسمع رسميًا أن المعسكرين لن يتوصلا إلى اتفاق في الإطار المقترح حاليًا".

ومنذ العام 1964، دخلت الأمم المتحدة إلى قبرص، بسبب أعمال العنف بين الجانبين آنذاك، وتولّت بعد عشر سنوات مهمة مُراقبة المنطقة العازلة بعد التقسيم. وتحت رعايتها، أُجريت المفاوضات الأخيرة في سويسرا في يوليو/تموز 2017، حول مبدأ إعادة توحيد الجزيرة على شكل دولة فدرالية.

وتعثّرت خصوصًا بسبب مسألتين هما سحب عشرات آلاف الجنود الأتراك من شمال الجزيرة وإبقاء حقّ التدخّل لتركيا.

ودُعيت الأمم المتحدة إلى مفاوضات جنيف، الثلاثاء، على غرار اليونان وبريطانيا، وهما الدولتان "الضامنتان" الأخريان للجزيرة منذ استقلالها عام 1960.

وبعد فشل مفاوضات عام 2017، جاءت عوامل عدة لتُضاف إلى النقاط الخلافية التقليدية، وهي الضمانات الأمنية والعدالة السياسية والتعديلات المتعلّقة بالأراضي وحقوق الملكية للنازحين.

وألمح الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس إلى أنه قد يتخلّى عن فكرة الفدرالية ويقترح "لامركزية" بعض السلطات.

أما من الجانب القبرصي التركي، فقد خسر الزعيم المؤيد لإعادة التوحيد عام 2020 وخلفه الزعيم القومي المدعوم من تركيا أرسين تتار.

سفينة صغيرة

ويعتبر الصحفي يانيس يوانو، مؤسس مركز أبحاث "جيوبوليتيكال سايبرس"، أن "تركيا غيّرت النمط"، من خلال القيام بعمليات استكشاف للغاز الطبيعي في مناطق بحرية تطالب قبرص واليونان بالسيادة عليها، ثمّ عبر افتتاح شوارع في مدينة فاروشا قبل "الانتخابات الرئاسية" في الشطر الشمالي.

ومدينة فاروشا هي ذات رمزية كبيرة، وكانت منتجعًا سياحيًا فخمًا، وباتت "مدينة أشباح" منذ أن أغلقها الجيش التركي عام 1974.

ويعتبر كمال بيكالي أن قبرص التي تندرج في السياق الجيوسياسي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، "سفينة صغيرة في لعبة القوى الكبيرة".

ويرى أن أنقرة "قد تستخدم المحادثات" كأداة لخدمة عقيدتها المسماة "الوطن الأزرق" التي تهدف إلى بسط سيادتها على مساحات متنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط.

أما في قبرص، حيث لا تزال غالبية نقاط العبور بين الشمال والجنوب مغلقة بسبب تفشي وباء كوفيد-19، لا يسود التفاؤل.

كما أضعفت الأزمة الصحية الاقتصاد في الشمال، والذي يعتمد إلى حدّ بعيد على الاستثمارات التركية، ما يجعل المعارضة لـ"الوطن الأمّ" أكثر صعوبةً. أما في الجنوب، فتكثّفت فضائح الفساد مع تزايد انعدام الثقة بالطبقة السياسية.

وأوضح يانيس يوانو أن الهدف في جنيف هو "إحداث اختراق (...) وقد يتوصّل الفريقان إلى اتفاق لمواصلة النقاش".

ووفق كمال بيكالي، فإن ذلك قد يسمح بتوفير "إطار جديد".

المصادر:
ا ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close