مع اقتراب عيد الفطر، تزدحم محلات بيع الملابس الجاهزة والحلويات في العاصمة التونسية بالمتسوّقين، لا سيما في المناطق التجارية المحاذية للسوق المركزي، وسط غلاء الأسعار وصعوبة اقتناء مستلزمات فرحة العيد.
آباء وأمهات يصطحبون أولادهم الذين خرجوا في عطلة الربيع المدرسية منذ السبت الماضي لاقتناء كسوة العيد.
ورغم تراجع التضخم في تونس إلى مستوى 5.7% خلال فبراير/ شباط الماضي، بعد أن وصل في فبراير 2023 إلى 10.4%، إلا أن أسعار ملابس الأطفال والحلويات استمرت في صعودها الذي شهدته السنوات الأخيرة.
أسعار تكوي الجيوب
ووفق وكالة "الأناضول"، ارتفعت أسعار البقلاوة و"كعك الورقة" التقليدي إلى نحو 26.6 دولار للكيلوغرام الواحد بعد أن كانت في سنوات قريبة عند مستوى 15 دولارًا.
وقدّر تجار ومنظمات للدفاع عن المستهلك، أن كلفة كسوة العيد للطفل الواحد تراوح بين 116.6 دولار و150 دولارًا في الوقت الذي يبلغ فيه الأجر الأدنى المضمون 150 دولارًا.

وفي تصريحات لراديو "الجوهرة أف أم" الإثنين، قال محسن بن ساسي، رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس الجاهزة التابعة للاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية: إن "معدل سعر كسوة العيد لا يتجاوز 116.6 دولارًا".
وأضاف بن ساسي: "هناك بعض الغلاء، ولكنه يعتبر طفيفًا وذلك بسبب الغلاء في اليد العاملة"، فيما وجّه دعوته لجميع التجار "إلى تمكين المستهلك من تخفيضات على الملابس والأحذية".
هوامش الربح وراء ارتفاع الأسعار
من جهته، قال لطفي الرياحي، رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك، لوكالة الأناضول: "نقدر أن كلفة كسوة الطفل الواحد تصل إلى 450 دينارًا (150 دولارًا)".
وأضاف الرياحي أن المشكلة تكمن في تحديد الأسعار من قبل التجار الذين لهم عقود استغلال تحت علامة أصلية، والذين يستوردون الملابس والأحذية من الخارج.
وتابع الرياحي أن "هؤلاء التجار يستوردون 80% من هذه السلع التي تباع في السوق"، مبينًا أن بعض المنتوجات في بلد المنشأ سعرها 5 دولارات يشتريها المستهلك في تونس بـ 66.6 دولارًا.
وشدد على ضرورة مراجعة عقود الاستغلال تحت العلامة الأصلية بتحديد سقف لأسعارها، وأردف: "صحيح أن التجارة حرة، ولكن على الدولة التدخل لتحديد هوامش الربح".
وأكد رئيس المنظمة أن "عقود الاستغلال تحت العلامة الأصلية أضرت بالصناعات التونسية ونتج عنها غلق مصانع وتوريد البطالة".
ارتفاع مصاريف شهر رمضان
وقال الرياحي: إن "الفئات محدودة ومتوسطة الدخل لا يمكنها مواجهة مصاريف العيد، لذلك يلجأ التونسي للاقتراض لاقتناء ملابس أطفاله وحلويات العيد".
وأضاف: ذلك ناتج عن ارتفاع كلفة المصاريف اليومية خلال رمضان، فالعائلة التي لا تأكل اللحم عليها توفير 40 دينار (13.3 دولار) في اليوم، وتلك التي تشتري لحم الدواجن عليها توفير 60 دينار يوميًا (20 دولار)".
ووفق الرياحي، فإن "ارتفاع الأسعار رغم نزول التضخم إلى 5.7% خلال فبراير سببه التلاعب بالأسعار، لا سيما في المساحات التجارية الكبرى التي لها هوامش ربح كبيرة تصل إلى 70%".
وأكد أنه "عندما تتدخل الدولة في تحديد أسعار منتوج ما، تتوقف الزيادات المتسارعة في الأسعار من قبل التجار"، مطالبًا بوضع سقف لهوامش الربح وتحديد القيمة الحقيقية للمنتوج المعروض للبيع في السوق.
أسعار لا تهم الفقراء
الطاهر بالمكي، عامل يومي (خمسيني وأب لثلاثة أطفال)، قال إن الحديث عن سعر كسوة العيد في حدود 116 دولارًا أو 150 دولارًا لا يعني فئات واسعة من التونسيين الذين ليس لهم دخل.
وأضاف أن العامل اليومي يتقاضى بين 6.6 دولارات و10 دولارات يوميًا، وأنه يجد صعوبة بتوفير مصاريف الأكل اليومية خلال شهر رمضان، وتساءل مستنكرًا: "فكيف نتحدث عن اقتناء ملابس!".
وتابع بالمكي أن من يريد أن يشتري ملابس العيد لأطفاله لا بد أن يحصل على أجر يتراوح بين 23.3 دولاًرا و26.6 دولارًا يوميًا، معتبرًا أن ما بين 60 و80% من الفئات الضعيفة لن تقتني ملابس العيد لأطفالها هذا العام.
ووفق تقديرات للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي) في مارس/ آذار من العام الماضي، بلغت نسبة الفقر في تونس 16.6%.
وبحسب دراسة نشرتها "اليونيسف" في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وأُعدت بالتعاون مع السلطات التونسية، يعيش 26% من إجمالي 3.4 ملايين طفل في تونس تحت خط الفقر (نحو 826 ألف طفل) و5.1% في فقر مدقع.