بعدما وعد ترمب بوقفها.. ما أسباب الإخفاق الأميركي في إنهاء الحروب؟

بعد مرور أكثر من مئة يوم على توليه السلطة، أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخطأ تقديره لحل النزاعات، حيث يقول إن التوصل لاتفاق سلام بين كييف وموسكو بات أكثر صعوبة، وإن إنهاء الحرب على غزة أمر معقد.

وعبّر ترمب في لقاء خاص مع كبار المانحين عن قلق متزايد لدى الإدارة الأميركية بشأن الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة.

ترمب الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الأوكرانية خلال 24 ساعة، وادعى أن الحرب ما كانت لتندلع لو كان في السلطة، قال أخيرًا إن التوصل لاتفاق سلام بات أكثر صعوبة مما كان يظن، وإن التوصل إلى حل دائم بشأن الحرب على غزة صعب للغاية بسبب تعقيدات الصراع التاريخي في المنطقة.

ونقلت "وول ستريت جورنال" أن ترمب أشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان صعبًا جدًا في التفاوض، وأنه أراد كل شيء في إشارة إلى أوكرانيا.

وقال ترمب في جلسات خاصة لمستشاريه إن بوتين لا يريد إنهاء الحرب وإن كلا الجانبين يرفضان تقديم تنازلات.

ولم تتضح بعد خطة سلام متكاملة لدى إدارة ترمب لإنهاء الحرب، على الرغم من المفاوضات التي أجراها المبعوث الأميركي ستيف ويتكون مع الروس، في وقف تشتد فيه التجاذبات بين الأميركيين والأوروبيين بشأن كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا.

الأمر في غزة لم يكن أفضل حالًا. فعلى الرغم من إقرار هدنة عشية تنصيب ترمب، سرعان ما انهارت تلك الهدنة واستأنفت إسرائيل عدوانها على غزة واستمر تفاقم الأزمة الإنسانية هناك.

وبرر ترمب فشله في إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة بقوله إن الحرب في غزة تحد كبير، وإن إيجاد حل لها أمر صعب لأن القتال مستمر هناك منذ ألف عام، على حد تعبيره.

ومن الاقتراحات المثيرة التي طرحها ترمب لإنهاء الحرب سيطرة الولايات المتحدة على غزة، الأمر الذي أثار جدلًا عربيًا ودوليًا.

"اتباع الحلول الشخصية"

وفي هذا السياق، أشار محجوب الزويري أستاذ التاريخ والشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر، إلى أن النظام الدولي أثبت في العقدين الماضيين حالة كبيرة من الهشاشة وعدم قدرته على احتواء أي من الصراعات التي تتزايد يومًا بعد يوم، لافتًا إلى اختفاء القدرة على حلها.

وقال إن "إدارة ترمب ليست استثناء وهي التي تفكر بشكل غير تقليدي"، لافتًا إلى أن "ترمب يركز على اتباع الحلول الشخصية وليس المؤسسات".

وتوقف الزويري في حديث للتلفزيون العربي من الدوحة، عند التعقيدات في الصراعات، شارحًا أن الحل في الحرب الأوكرانية يتطلب إقناع بوتين من جهة والأوروبيين من جهة ثانية، وهذه مسألة في غاية التعقيد في ظل الفجوة الكبيرة بينهما.

وأردف أن الإبادة الجماعية في غزة لا تقل تعقيدًا عن ذلك.

"نوايا ترمب حسنة"

من جانبه، اعتبر يوهان ويك الباحث المختص في الشأن الأوروبي، أن "نوايا ترمب لم تكن سيئة بل كانت حسنة، وفي حملته الانتخابية كان واضحًا بأنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا وغزة". 

وأضاف ويك في حديث للتلفزيون العربي من بروكسل، أن "ترمب يواجه بعض المعارضة لا سيما من المنظور الأوروبي، حيث يجب تحليل أصل الأزمة في أوكرانيا التي تعود إلى عام 2004".

ولفت ويك إلى أن "ترمب يعي أن المشكلة تكمن في الاتحاد الأوروبي، فهو يريد إنهاء الحرب بينما في أوروبا ثمة أشخاص يؤيدون الحرب، والأمين العام الجديد للناتو أعلن الموافقة على زيادة الإنفاق ودعم أوكرانيا".

وأشار إلى وجود "اختلاف بين الرؤية الأوروبية والأميركية".

"ترمب رجل استعراضي"

بدوره، رأى توماس واريك، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، أن جزءًا مما قاله ترمب في حملته الانتخابية كان موجهًا للناخبين الأميركيين للقول إنه يعرف كيف يتعامل مع هذه الأزمات الدولية المعقدة، لافتًا إلى أن الكثيرين يحبذون فكرة إيقاف الحرب بهذه السهولة عبر رئيس أميركي قوي.

وأضاف واريك في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أن واقع هذين النزاعين هو أنه من الصعب جدًا حلهما، إذ ثمة اختلافات أساسية في وجهات النظر بين مختلف الأطراف لم تحلها أرض المعركة.

وأردف: لذلك ما نراه هو اعتراف وإقرار من قبل ترمب بأن الحل أصعب بكثير مما تخيل.

واعتبر واريك أن "ترمب هو رجل استعراضي وعمله في التلفزيون علّمه الكثير من العناصر المسرحية، لذا فإن وعوده بحل النزاعات في يوم واحد كان عرضًا مسرحيًا ولم يكن نابعًا من مبالغة في الثقة بالنفس، حيث كان يعرف حتمًا إلى أي مدى سيكون من الصعوبة حل مثل هذه النزاعات".