في الأيام الأولى للهجوم الروسي على أوكرانيا، حقّقت الطائرات بدون طيار الأوكرانية نجاحات مبهرة، وانتشرت مقاطع الفيديو التي تُظهر الانفجارات المتكرّرة التي تُصيب الأرتال العسكرية ومواقع المدفعية وتجمّعات الجنود الروس، على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
واستخدمت أوكرانيا بشكل أساسي طائرات بدون طيار تركية من طراز "بيرقدار"، بالإضافة إلى طائرات صغيرة تستخدم بشكل كبير للاستطلاع وجمع المعلومات. وألحقت طائرات "بيرقدار" الضرر بشدّة بالأرتال الروسية في بداية الحرب.
ونقل موقع "بزنس إنسايدر" عن خبراء قولهم إنه "في هذه المرحلة، بدأ تأثير الطائرات المسيّرة الأوكرانية يخفت بشكل كبير، بعد أن تعلّمت موسكو من الخسائر التي تعرّضت لها؛ حيث حسّن الكرملين أنظمة جيشه الدفاعية، ويقوم بالتشويش على العديد من الطائرات الأوكرانية بدون طيار، ويسقطها، وطوّر قدراته الخاصة في هذا المجال".
وقال صموئيل بينديت، المحلّل والخبير في الأنظمة العسكرية الآلية والروبوتية: "ما يحدث الآن هو أن الحرب الإلكترونية والدفاعات الجوية الروسية، أصبحت أفضل تنظيمًا وميدانية بالمقارنة مع الأشهر الأولى من الحرب".
وأضاف أن القوات الروسية تستخدم رادارات الإنذار المبكر لتحديد الطائرات بدون طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية للتشويش على اتصالاتها وتعطيلها. كما يستخدم الروس أسلحة مختلفة مثل المدافع الرشاشة وأنظمة الدفاع الجوي، مثل نظام صواريخ "تور" ، لإسقاط هذه الطائرات.
ومؤخرًا، نشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات حديثة زعمت أنها لنظام الحرب الإلكترونية "Krasukha-S4"، أثناء إسقاطه طائرة أوكرانية بدون طيار.
وقال مارك كانسيان، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "في السابق، كانت أوكرانيا قادرة على استخدام الطائرات بدون طيار بفعالية كبيرة، لأن روسيا لم تنظّم أنظمتها الدفاعية".
وأضاف أن موسكو "نظّمت دفاعها الجوي الأرضي، ووضعته بشكل أفضل في منطقة دونباس حيث تتركّز الحرب الآن".
أقل فعالية
وفي حين أن الطائرات بدون طيار الأوكرانية أصبحت "أقل فعالية" في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، فإن روسيا زادت من نشاط الطائرات المماثلة، خاصة بالنسبة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
والآن، تقلّل القوات الأوكرانية استخدامها للطائرات بدون طيار، لأن القوات الروسية تُسقطها بسهولة أكبر، ويمكن أن يكون فقدان هذه الطائرات مكلفًا.
لماذا سحبت #أوكرانيا طائرات بيرقدار بعد أن هددت #روسيا باستخدام القنبلة الإلكترونية؟ #بوليغراف pic.twitter.com/4MTSpPkcHu
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 29, 2022
فبينما تكلّف الطائرات بدون طيار أحادية الاستخدام مثل "الشفرات القاتلة" أو "Switchblade" و "Phoenix Ghost" عدة آلاف من الدولارات لكل منها، يمكن أن تكلف الطائرات بدون طيار "بيرقدار تي بي 2" ما بين مليون إلى مليون دولار لكل منها.
وتلقّت أوكرانيا حوالي 50 طائرة بدون طيار من طراز "بيرقدار تي بي 2" من تركيا، منذ بدء الهجوم الروسي.
ومؤخرًا، ظهرت تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة تخطّط لبيع كييف طائرات بدون طيار مسلحة من طراز "جنرال أتومكس إم كيو -1 سي غراي إيغل" (General Atomics MQ-1C Gray Eagle)، والتي تتمتّع بقدرات أكبر من "بيرقدار تي بي 2".
ومع ذلك، قال طياران من سلاح الجو الأوكراني، لم يكشفا عن اسميهما لمجلة "ذا وور زوون" (The War Zone)، إنهما لا يحبّذان فكرة شراء الطائرات بدون طيار بسبب سعرها الباهظ البالغ 10 ملايين دولار للواحدة، ولأنه من المحتمل أن يتم إسقاطها في مهماتها الأولى.
دور محدود الآن
وأوضح سانسيان أن الصواريخ والطائرات بدون طيار متوسطة المدى، معرّضة للخطر بشكل خاص لأنها تطير على ارتفاع منخفض وبطيء.
ونقل سانسيان عن طيارين أوكرانيين قولهم إن "دور الطائرات بدون طيار أصبح الآن محدودًا نتيجة لذلك".
وبدلًا من ذلك، دعت القوات الأوكرانية الحلفاء الغربيين إلى تسليمها طائرات مقاتلة حديثة.
وقال بينديت إنه في الوقت الذي أصبحت فيه الطائرات الأوكرانية بلا طيار أقلّ فعالية في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، فإن روسيا تحلّق بنفس العدد، إن لم يكن أكثر، من طائراتها بدون طيار، خاصة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
في المقابل، يفتقر الأوكرانيون إلى الأسلحة اللازمة لإسقاطها. وقال أحد الجنود الأوكرانيين لصحيفة "صنداي تايمز": "لا يمكننا رؤية الطائرات الروسية بدون طيار، لكن يمكنهم رؤيتنا. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو الاختباء".
ورجّح بينديت أنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيسعى الجيش الروسي إلى تنظيم أفضل ومواصلة المضي قدمًا في هجومه.
وأضاف: "تحاول القوات الروسية محاصرة الأوكرانيين في جيوب حول مدن وبلدات معينة، وتسعى لتدمير الدفاعات الأوكرانية بشكل عام. وستلعب الطائرات بدون طيار دورًا رئيسيًا في توفير الاستخبارات والمراقبة وقدرات الاستطلاع للروس، حتى يتمكنوا من شنّ الهجمات".