بعد إنذار بعدم الإبحار.. الاحتلال يحرم صيادي جنوب لبنان من مصدر رزقهم
بعدما أنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس الإثنين سكان الساحل اللبناني بالابتعاد عن المنطقة البحرية "حتى إشعار آخر"، لم تخرج المراكب في مدينة صيدا في جنوب لبنان فجر الثلاثاء، إلى البحر لجلب السمك الذي يُشكّل مصدر رزق مئات العائلات.
وجاء في تحذير جيش الاحتلال: "التواجد على الشاطئ وتحرّكات القوارب في منطقة خط نهر الأولي جنوبًا، يُشكّلان خطرًا على حياتكم".
ويصبّ نهر الأولي في مدينة صيدا على مسافة نحو 60 كيلومترًا شمال حدود لبنان الجنوبية.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) عام 2021، تصطاد قوارب الصيادين في لبنان بين 3 آلاف إلى 3500 طن من الأسماك سنويًا.
من يُساعد البحارة؟
ومنذ مساء الإثنين، سارع عدد من الصيادين إلى نقل مراكبهم من ميناء صيدا إلى مناطق في شمال الأولي، ليتمكّنوا من مزاولة عملهم.
وفي هذا الإطار، قال محمد بيضاوي عضو نقابة صيادي الأسماك في صيدا لوكالة فرانس برس: "بلّغنا الجيش اللبناني بشكل رسمي عدم الإبحار أو خروج أي بحار"، منذ التاسعة من مساء الإثنين.
وقال بيضاوي من وسط سوق السمك الذي افتقد زحمته الاعتيادية: "نحن ملتزمون بالقرار، والسوق مفتوح لتفريغ ما تبقّى من سمك ثم إغلاقه"، مبديًا خشيته على مستقبل مئات العائلات التي تؤمّن قوتها اليومي من الصيد، إذا ما طالت المحنة.
وأفاد صيادون آخرون وكالة فرانس برس، بأنّهم تبلغوا من الجيش اللبناني بأنّ من يريد الإبحار منهم، فسيكون ذلك على مسؤوليته الخاصة.
وفي بلد يشهد انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق منذ عام 2019، تأتي المحنة لتُفاقم معاناة الصيادين.
وقال بيضاوي إنّ "وضع البحارة تعيس حتى قبل إغلاق السوق"، موضحًا أنّ نحو 400 عائلة في المنطقة تعتاش من صيد السمك أي "خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص".
وأضاف: "سيسوء الوضع إذا توقّفنا عن العمل، من سيُساعد البحارة؟ ومن سيقدّم لهم الطعام والحليب للأطفال؟ لا أحد يهتم لحالنا".
قلق على المصير
وبدت الحركة خفيفة، في سوق السمك المركزي حيث كانت ترتفع أصوات الباعة وتُعرض أنواع عدة من السمك الطازج.
وقال أحد الباعة إنّ الجيش اللبناني أعاد الصيادين الذين أبحروا ليلًا مع الغلّة التي كانوا قد جمعوها.
ويُثير هذا التوقّف قلق الصياد عصام حبوش على مصير عائلته.
وبينما كان يُشاهد بحزن المراكب الراسية على الشاطئ، الواحد قرب الآخر، قال الرجل وهو يقف قرب مركبه: "طبيعة عملنا تفرض أن نعيش كل يوم بيومه. عندما لا نعمل، لا نأكل".
وبحسرة، شاطره الصياد حمزة سنبل المخاوف نفسها، وقال بحزن: "أصبحنا بلا عمل".
من جهته، قال مدرب الغوص مروان حريري (47 عامًا): "منذ الأمس أنا محبط ومكتئب" بسبب التحذيرات الإسرائيلية.
وخسر حريري 70% من طلابه خلال العام الماضي بسبب الحرب على جبهة لبنان، واستعاض مؤخرًا عن الدروس بالخروج بمركبه الصغير لصيد الأسماك. وشكّل ذلك له "متنفّسًا مع توقّف العمل، ومصدر دخل إضافيًا".
وقبل أن ينشر جيش الاحتلال تحذيره الإثنين، كان حريري قد جنى 56 دولارًا من بيع السمك الذي اصطاده.
ورغم الأجواء المواتية للصيد صباحًا، قال: "هذا الصباح لم يعد أي مركب، إنه لأمر محزن". وأضاف: "تأثّرت من أجل الصيادين، يحزن المرء على حالهم".
وتشن إسرائيل منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، عدوانًا على لبنان أدى إلى سقوط 2119 شهيدًا و10019 جريحًا، وفق ما أعلنته وزارة الصحة مساء اليوم الثلاثاء.