الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

بعد اجتماع العقبة.. ما مستقبل التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟

بعد اجتماع العقبة.. ما مستقبل التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تسلط الضوء على احتمالات عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد الجدل الذي أثارته قمة العقبة (الصورة: رويترز)
يسود اعتقاد بين دوائر القرار الغربية والإسرائيلية بأن لقرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال أثرًا على تطور المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

بعد توقف دام لأكثر من 9 سنوات بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما فشلت مفاوضات السلام في 2014، جاء اجتماع العقبة الأمني الأخير بين الطرفين، في محاولة لململة التوترات التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، على إيقاع استفزازات قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية.

واقتصر التمثيل الذي جاء برعاية أميركية إلى جانب الأردن ومصر، على الشخصيات الأمنية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وانتهى إلى التأكيد على وقف الإجراءات الأحادية التي تشمل التزامًا إسرائيليًا بتجميد مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية لمدة 4 أشهر، أو إقرار بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.

واستعرض البيان الختامي عقب الاجتماع، مجموعة التفاهمات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فالعودة إلى الاتفاقات السابقة والعمل على تحقيق السلام والحفاظ على الوضع التاريخي للأماكن المقدسة.

وهنا يبرز التساؤل بشأن ما إذا كان الاتفاق سيترجم على شكل عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في ظل التوترات التي تشهدها الضفة الغربية مؤخرًا.

وكان التنسيق أحد أهم مخرجات اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه لطالما اصطدم مع التعسف الإسرائيلي وتجاهل المصالح الفلسطينية.

"التنسيق الأمني"

فتاريخيًا، شهد التنسيق الأمني فترات من الانحسار إبان الانتفاضة الثانية عام 2000، مع مشاركة قوات الأمن الفلسطينية في الاشتباكات مع الإسرائيليين.

وأعيد تفعيل التنسيق الأمني بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات بجهود أميركية، إذ انتدبت واشنطن حينها الجنرال كيث دايتون الذي هيكل ونظم العلاقة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية من جديد.

وأفضت تلك الهيكلية لاستئناف التعاون الأمني بين الطرفين وتبادل المعلومات الاستخبارية في إطار عقيدة أمنية جديدة فرضت على المؤسسة الأمنية الفلسطينية.

لكن ومع وصول اليمين الإسرائيلي إلى الحكم على فترات متتالية ومواصلة سياسات التهويد والاستيطان، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير وقف التنسيق الأمني في 2015.

وتجدد هذا القرار في 2018، وتم تعليق التنسيق الأمني عام 2019 من قبل الرئاسة الفلسطينية التي تسيطر فعليًا على عمل الأجهزة الأمنية.

ورغم الكلام عن وجود هذا التعاون وعدم توقفه في الخفاء، إلا أن الأحداث الأخيرة التي تشهدها الضفة دفعت بالإدارة الأميركية للتدخل من جديد.

فالحراك الجديد للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وتدهور الأوضاع الأمنية هناك استدعى تدخلًا أميركيًا عاجلًا عبر إرسال المنسق الأمني مايكل فينزل لعرض خطة جديدة لهيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية تذكّر بخطة دايتون.

لجنة أمنية مشتركة

ويعد اجتماع العقبة ديباجة روتينية لاجتماعات كانت عقدت بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدى ثلاثة عقود منذ توقيع اتفاقية أوسلو.

لكن ما يسترعي الانتباه هو حديث مسؤولين إسرائيليين عن الاتفاق عقب اجتماع العقبة على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لبحث استئناف التنسيق الأمني، رغم التأكيد الفلسطيني الرسمي مرارًا عن استحالة عودته في ظل الظروف الحالية.

ويسود اعتقاد بين دوائر القرار الغربية والإسرائيلية بأن لقرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال أثرا على تطور المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وخروج جيل جديد من الفلسطينيين العابرين للفصائل، ما زالوا يحملون جذوة المقاومة الأولى بعفويتها وطهر نيتها دون أن يقيموا وزنًا للحسابات السياسية وموازين القوى.

أسباب إحياء مسار التنسيق الأمني؟

وبشأن أسباب دفع الولايات المتحدة ودول عربية إلى العمل على إعادة إحياء مسار التنسيق الأمني في العقبة، يرى الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن مواقف الدول العربية تندرج تحت نوع من الضغط على السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بسبب أن هناك تخوفًا من تفاقم الأوضاع فيما يتعلق بالوضع الأمني بالضفة الغربية، مشيرًا إلى أنه من المنظور المنطقي لا يمكن تهدئة الشعب الفلسطيني طالما أن هناك اعتداءات إسرائيلية متكررة، من مجازر واستيطان وضم للمناطق.

ويضيف في حديث لـ"العربي"، من نابلس شمال الضفة، أنه لا يجوز أن يكون هناك تدخل بالضغط على الفلسطينيين في ظل هذه الاعتداءات، مشيرًا إلى أن واشنطن هي شريك للاحتلال. وهي تدعمه في الاستيطان، وتشكل الغطاء الدبلوماسي والسياسي والأمني والمالي لإسرائيل.

ويتابع عنبتاوي أن إسرائيل تذهب إلى المربع الأمني، لتقول إن القضية الفلسطينية ليست قضية شعب يطالب بالتخلص من الاحتلال، والتحرر، بل هي قضية أمنية، وبالتالي انصاع الجميع للرغبة الإسرائيلية الأميركية بلجم المقاومة في الضفة وتحميل السلطة الفلسطينية وزر منع المقاومة.

ما هي دوافع السلطة للمشاركة في اجتماع العقبة؟

ويعرب المحلل السياسي عن اعتقاده بأن السلطة الفلسطينية شاركت في قمة العقبة لسببين، الأول هي أنها حتى اللحظة لم تنصع للرغبة الشعبية والمؤسساتية والفصائلية التي تقول لا "مفاوضات ولا حوار مع دولة الاحتلال".

والسبب الثاني، حسب عنبتاوي أن هناك في السلطة من لايزال يراهن على الحوار وعلى التفاهمات مع دولة الاحتلال رغم ما حصل ويحصل معها، مشيرًا إلى أن المطلوب من السلطة الآن على العودة عن كل ذلك والرجوع إلى مربع التجانس مع الشعب والانصياع للرغبة الشعبية، وردم الفجوة الكبيرة التي تتنامى يوميًا ما بين التوجه الشعبي والمسؤولين.

ويعرب عن اعتقاده بأن السلطة انصاعت للضغوطات الأميركية التي استعملت سياسة العصا والجزرة معها، وانصاعت للضغوط العربية أيضًا.

هل يمهد اجتماع العقبة لاستئناف التنسيق الأمني؟

وبشأن ما إذا كان اجتماع العقبة يمهد لاستئناف التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، يستبعد عنبتاوي أن يكون التنسيق بين الطرفين قد توقف بشكل كامل، مشيرًا إلى أن الاجتماع يعد مفتاحًا لاستعادة التنسيق الأمني، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل بالخروج من الاتفاقات باستعادة التنسيق، والضغط على السلطة لتحقيق الأمن ومنع عمليات من داخل الضفة الفلسطينية.

ويرى أن التنسيق الأمني سيستمر، مشيرًا إلى أنه يعني أمن إسرائيل ولا يعني أبدًا أمن الفلسطينيين كما كان يفترض في اتفاقات أوسلو التي تجحف بالحق الفلسطيني.

ويخلص إلى أن كل ما حصل في العقبة من وعود ومن اتفاقات لن يجني منها الشعب الفلسطيني سوى تنسيق أمني يعود لإسرائيل وتحميل مرة أخرى السلطة وزر هذه الناحية الأمنية، مشددًا على ضرورة العودة إلى تطبيق ما اتفق عليه فلسطينيًا لبناء البرنامج الوطني وتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة