الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

بعد استقالة الحكومة الكويتية.. هل أصبحت الحياة البرلمانية "قصيرة النفس"؟

بعد استقالة الحكومة الكويتية.. هل أصبحت الحياة البرلمانية "قصيرة النفس"؟

Changed

حلقة من برنامج "خليج العرب" تسلط الضوء تكرار استقالات الحكومات في الكويت والخلافات الدائمة مع البرلمان (الصورة: غيتي)
لا تبدو العلاقة المتأزمة بين البرلمان والحكومة التي طبعت الحياة النيابية في الكويت، في طريقها إلى التغيير، لذلك تتزايد الدعوات لإجراء تعديلات دستورية.

على الرغم من تمتع دولة الكويت "بأنضج" تجربة برلمانية عربية امتدت منذ 60 عامًا، إلا أنّ هذه التجربة قد شهدت أزمات سياسية عديدة ومتكررة تمثّلت آخرها في تقديم الحكومة الحالية استقالتها، بعد تقديم نواب الأغلبية وغيرهم لاستجوابين برلمانيين لاثنين من الوزراء.

وكرست أزمات سياسية وخلافات دستورية مرة أخرى ما يصفه متابعون بحالة الانسداد في المشهد السياسي الكويتي، فالهدنة المؤقتة بين الحكومة والمعارضة في البلاد لم تعمّر طويلًا.

فبعد ثلاثة أشهر فقط على تشكيلها، قدمت الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالتها في خطوة من شأنها تأزيم الوضع السياسي في الكويت.

صراع قديم جديد 

وبحسب متابعين، فإنّ الصراع القديم الجديد مع مجلس الأمة أسهم في تعثر الحكومة الثالثة التي يشكلها الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، نجل أمير الكويت منذ تعيينه رئيسًا للوزراء في أغسطس/ آب العام الماضي.

وتأتي الاستقالة غداة أزمة مع مجلس الأمة بسبب ما بات يُعرف بـ"القوانين المثيرة للجدل" التي أججها إصرار نواب على استجواب وزراء في الحكومة، إضافة إلى الجدل الدائر بشأن رفض هذه الأخيرة مطالب البرلمان بإسقاط القروض الاستهلاكية عن آلاف المواطنين المتعثرين في السداد.

وكان أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قد أعلن في 22 من يونيو/ حزيران من العام الماضي، في خطاب ألقاه نيابةً عنه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عن حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة.

هذه الدعوة اعتبرها متابعون للمشهد السياسي في الكويت، أن من شأنها فتح مسارٍ جديدٍ في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ويتوقع مراقبون للمشهد السياسي الكويتي إعادة تكليف الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة، والتي من المستبعد أن تشهد تغييرات كبيرة باستثناء استبعاد وزير أو أكثر، مع إعادة تدويرٍ لبعض الحقائب الوزارية.

ولا تبدو العلاقة المتأزمة بين البرلمان والحكومة التي طبعت الحياة النيابية في الكويت، في طريقها إلى التغيير، لذلك تتزايد الدعوات لإجراء تعديلات دستورية جوهرية تحدد شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

"مشهد غريب"

متابعة لهذا الملف، يصف المحلل السياسي حسين جمال الأزمة السياسية الحالية في الكويت بـ"الغريبة"، إذ يرى أن عمر الحكومة القصير جاء "بنيران صديقة"، بعد أن كان هناك أشبه بتحالف، وتقارب بين الحكومة ومجلس الأمة.

إلا أنه وفق جمال، تم طرح قضية شعبوية كبيرة وهي إسقاط القروض، فلم تستطع القوى المعارضة تحمل هذا الموضوع، والاستمرار في التحالف مع الحكومة.

ويتابع في حديثه إلى "العربي"، من الكويت: "من الواضح أن المعارضة كانت تريد الظهور بمظهر المعارض، لأن الجو العام في الكويت لم يعد يستسيغ الموالاة، مع أن مبدأ المعارضة والموالاة في الدول الديمقراطية هي اليوم تكون معارضة غدًا قد تكون في الحكومة، لكن في الكويت لا يستساغ الجو الموالي للحكومة".

وعليه، تحوّلت أول مواجهة حول قضية شعبية إلى أزمة سياسية حقيقية أدّت إلى استقالة الحكومة، بحسب المحلل السياسي الذي يقول: "نحن أمام مشهد غريب إلا أنه ليس غريبًا عن المشهد الكويتي".

كما يعتقد جمال، أن الأيام القادمة قد تشهد تحولات ومتغيرات جديدة، في المشهد السياسي بالبلاد.

جاءت استقالة الحكومة غداة أزمة مع مجلس الأمة بسبب ما بات يعرف بـ"القوانين المثيرة للجدل" - غيتي
جاءت استقالة الحكومة غداة أزمة مع مجلس الأمة بسبب ما بات يعرف بـ"القوانين المثيرة للجدل" - غيتي

"الخوف من المواجهة"

أما المرشّح السابق لمجلس الأمة الكويتي محمد الجوعان، فيقول إن الحالة السياسية الكويتية عادة ما تكون حالة غير مسبوقة، وأن المشكلة تكمن في النظام الأساسي الذي يفرز مخرجات انتخابية موجودة كون النظام الانتخابي قائم على "تشوهات معينة حدثت"، في حين تتكرر هذه التجارب أملًا في مخرجات جيدة، على حد تعبيره.

ويضيف الجوعان في حديث إلى "العربي": "ومتى ما استساغ الشارع، وأحسن النظام الاختيار وحاول إفراز أفضل ما عنده، لن يكون هناك أي نوع من الانسجام لأن لكل أجندته، وهواه، وأفكاره التي ينطلق منها". فلذلك، هذا الهاجس الموجود دائمًا هو ما يعكّر صفو العلاقة.

كذلك، يتصوّر المرشّح السابق لمجلس الأمة أنه ولو كانت الحكومة واضحة وتمدّ يد التعاون، لكن طالما هناك "حكومة مرتعدة وخائفة من المواجهة" في القضايا المهمة، فهنا تخلق الأزمات، حسب رأيه.

ففي معظم برلمانات العالم، تطرح مجموعة من النواب أفكارًا ومشاريع هدفها "دغدغة الشارع" وصندوق الانتخابات القادم، على حدّ وصف الجوعان الذي يشدّد أيضًا، على أنه في كل البرلمانات أيضًا هناك حكومات قوية أقسمت على حماية أموال الناس ومصالحهم، فتواجه بكل الوسائل المشروعة من دون ارتداع.

ويستطرد: "ما حدث مؤخرًا هو هروب إلى الأمام، في وقت نملك كل الوسائل للمقاومة، فالحكومة برئيسها أتت بمد شعبي منقطع النظير خلال آخر 20 سنة، وبمباركة أميرية ملحقة بمباركة شعبية.. ولكن مع الأسف لم تكن هذه الأدوات تخدم هذا المشهد".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close