نفى المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي شهاب إبراهيم لـ"العربي" وجود اتفاق جديد بين مجلس السيادة وقوى مدنية يلغي الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من الشهر الماضي.
جاء ذلك بالتوازي مع تأكيد المجلس المركزي ترحيبه بكافة أشكال الدعم المصري للاتفاق الإطاري في السودان باعتباره الأساس المتوافق عليه للحل السياسي. ووردت هذه التصريحات خلال لقاء عقده قادة المجلس في الخرطوم مع وفد مصري برئاسة مدير المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل.
تحركات القاهرة
ووفق بيان للمجلس المركزي، أكد الوفد المصري استعداد القاهرة لاتخاذ كل ما هو ممكن لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية.
وتفتح هذه التصريحات الباب على مصراعيه للحديث عن التحركات المكثفة التي تجريها القاهرة في خضم الأزمة السودانية.
وتهدف هذه التحركات، وفق ساسة سودانيين، إلى تحقيق مآرب عدة أبرزها تقوية وتمكين المكوّن العسكري سياسيًا وتشكيل قوى سودانية تحت عباءة العسكر قادرة على التأثير في الشارع السوداني.
ووفق مراقبين، فإن كل ذلك ينصهر في بوتقة رغبة القاهرة في بلورة موقف سوداني موحد وصلب ومتحد مع مصر لمواجهة إثيوبيا في قضية سد النهضة على جانب آخر.
وتلك عوامل تؤكد في مجملها وفق مؤيدين للاتفاق الإطاري أن الاتفاق في مرحلة النضوج بعد، ودليل ذلك وفق متابعين أن عشرات الوجوه السياسية والنقابية أبدت الرغبة في الانضمام إليه وأخرى على الطريق، وبمعنى آخر يقول هؤلاء إنّ الوقت لم يحن بعد لتطبيق بنود الاتفاق الإطاري وجني ثماره رغم مرور نحو شهر على توقيعه.
وتلك حجج يسوقونها للرد على انتقادات المعسكر الرافض للاتفاق والذي من انفك يؤكد أن التلكؤ في تطبيق بنود الاتفاق حتى الآن مرده عقم الاتفاق وشكليته وأنه في أحسن الأحوال حبر على ورق.
رئيس المخابرات المصرية يزور #الخرطوم ويلتقي بـ #البرهان وممثلين عن قوى الحرية والتغيير#العربي_اليوم #مصر #السودان تقرير: وائل الحسن pic.twitter.com/lOSqsxRrhJ
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 4, 2023
المرحلة الثانية من العملية السياسية
ويؤكد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" شهاب إبراهيم أن قوى الحرية والتغيير ماضية في عملية سياسية حددت آلياتها بوضوح وتوقعت نتائجها.
ويقول في حديث إلى "العربي" من الخرطوم: إن الاتفاق الإطاري يتمتع بمصداقية سياسية بحيث يخرج العسكريين من العملية السياسية ويحقق رغبة السودانيين بسلطة مدنية كاملة.
ويضيف: "نحن نمضي في تدشين المرحلة الثانية من العملية السياسية عبر مناقشة قضايا الاتفاق النهائي ابتداء من 9 يناير/ كانون الثاني الجاري. وسيبدأ النقاش في قضية إزالة التمكين - نظام الـ30 من يونيو 1989".
ويوضح شهاب أن اللقاء بين قيادات من قوى الحرية والتغيير وعباس كامل تحدّث عن عمق العلاقات المصرية السودانية وضرورة أن يكون هناك حل سوداني سوداني.
كما يشير شهاب إلى أن "قوى الحرية والتغيير أكّدت أن الاتفاق الإطاري لم يكن عملية سهلة بل استمرت لأكثر من 7 أشهر"، لافتًا إلى أن قضية الأطراف كانت العقدة الأساسية قبل التوصل إلى ذلك الاتفاق.
ويلفت إلى "وجود موضوعين لا تستطيع قوى الحرية والتغيير أن تعيد فتح النقاش فيهما باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تفاوض جديد يضعف الاتفاق الإطاري"،
ويؤكد أن قوى الحرية والتغيير "ليست الفاعل الوحيد في الساحة السودانية، لكنها المبادرة لإيجاد الحل وتتحمل مسؤولية ذلك".
موقف الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية
من جهته، ينفي المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية" محمد زكريا الادعاءات التي تتحدث عن تحالف الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية مع الدولة المصرية أو المكون العسكري في السودان.
ويقول في حديث إلى "العربي" من الخرطوم: لا يوجد وثيقة أو اتفاق سياسي بين المجموعة والمكون العسكري. معتبرًا أن ما حدث في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول يؤكد أن المجموعة الأخرى "هي التي تقف في حلف مع المكون العسكري برسم الوثيقة، وليس الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية".
وإذ يشير إلى الدور الفاعل والمهم للمحيطين الإقليمي والدولي في المسألة السودانية، يؤكد على ضرورة أن يكون الحوار سوداني-سوداني.
ويعتبر زكريا أن الجهود المصرية محل ترحيب من قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية. ويضيف: "إن أي دور داعم لتجاوز التباينات بين الفرقاء السودانيين ويسعى إلى أحداث اختراق في الانسداد السياسي الراهن هو محل ترحيب".
ويرى زكريا أن الأزمة تكمن "في محاولة قوى مدنية بعينها فرض رؤية من خلال اتفاق سياسي ثنائي إقصائي احتكاري بينها وبين المكون العسكري"، حسب قوله.
ويشير إلى أن قوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية أرادت حوارًا شاملًا تحت الأضواء الكاشفة، لكن القوى المدنية الأخرى رفضت الدعوات وذهبت إلى حوار "خلف الأبواب المغلقة" وأنتجوا اتفاقية "معيبة" إجرائيًا.
الواقع الاقتصادي "مهدد وجودي"
من جانبه، يلفت الكاتب الصحافي الطاهر المعتصم إلى الظروف الاقتصادية والأمنية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب السوداني والتي يدركها جميع الأطراف سواء المدنية أو العسكرية في السودان.
ويعتبر في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن إعلان المؤسسة العسكرية الخروج من المشهد السياسي "فرصة تاريخية" يجب على القوى المدنية وحركات الكفاح المسلح اغتنامها وقراءة الواقع، في ظل الوضع الاقتصادي الراهن الذي يشكل "تهديدًا وجوديًا" وسط تلويح عدد من النقابات المهنية بالإضراب.
ويتساءل المعتصم عن مطالب الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية بعد إعلان المكون العسكري الابتعاد عن المشهد السياسي. ويقول: "لماذا لا يذهبون في تعاون مدني مدني لإنقاذ اتفاقية جوبا؟".
ويرجح المعتصم أن تكون آمال بعض دول الخارج بأن تجعل المكون العسكري موجودًا، لكنه يرى أن الشارع الثوري السوداني يطالب بإبعاد المكون العسكري وإجراء انتخابات.