الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

بعد "السرحاني".. الأردن يسابق الزمن لإنقاذ نوع نادر آخر من الأسماك

بعد "السرحاني".. الأردن يسابق الزمن لإنقاذ نوع نادر آخر من الأسماك

Changed

يعرف هذا السمك بالانكليزية بـ "توث كارب البحر الميت"
الاسم العلمي لسمك الأفانيس العربي هو أفانيس ديسبار ريتشاردسون (غيتي)
يعيش في الأردن، وفقًا للمتحدث باسم الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، نوعان نادران من الأسماك غير موجودين في العالم "هما بالنسبة لنا أشبه بالكنز نعمل للحفاظ عليه".

يُسابق الأردن الزمن جاهدًا لإنقاذ نوع نادر من الأسماك الصغيرة المهدّدة بالانقراض، في "موطنها الأخير" بمحمية طبيعية رطبة في أكثر منطقة انخفاضًا في العالم جنوب غرب المملكة.

وتسعى إدارة محمية "فيفا" (140 كيلومترًا جنوب غرب عمان) إلى إنقاذ سمك "الأفانيس العربي"، الذي تدهور وضعه في السنوات الأخيرة.

"غير موجود في مكان آخر"

الاسم العلمي لسمك الأفانيس العربي هو "أفانيس ديسبار ريتشاردسون"، ويعرف بالإنكليزية بـ"توث كارب البحر الميت".

يتميز الذكر بلون أزرق جانبي لمّاع، والأنثى تتميّز بخطوط سوداء غير مكتملة على الجانبين، ولا يتجاوز طوله أربعة سنتيمترات.

وأُدرج عام 2014 على قائمة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة الذي يتخذ من سويسرا مقرًا، على أنه نوع مهدد بالانقراض.

ويقول مدير المحمية إبراهيم محاسنة لوكالة "فرانس برس": إن هذا النوع "مهدّد بالانقراض على المستوى العالمي، إذ إنه متوطن هنا وغير موجود في مكان آخر".

وتبلغ مساحة المحمية التي تأسّست عام 2011، نحو 23 كيلومترًا مربعًا وتنخفض 426 مترًا تحت مستوى سطح البحر. تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية.

في عام 2017، أُعلن انضمام المحمية التي تقع على بعد نحو 60 كيلومترًا جنوب البحر الميت، وكأكثر موقع انخفاضًا في العالم، إلى اتفاقية "رامسار"، وهي معاهدة دولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة من أجل وقف تدريجي لفقدان الأراضي الرطبة.

ويقول محاسنة: "خطتنا خلال الفترة القادمة إعادة تأهيل سمك الأفانيس ضمن دراسة علمية مع الخبراء(..) لتهيئة موئل طبيعي يتكاثر فيه، وفي الوقت نفسه، تخفيف حدة التهديد الموجود في المكان الطبيعي".

"ألف بيضة في الموسم"

ويتحدث عبدالله العشوش، وهو باحث بيئي في المحمية، عن "تهديدات مختلفة لهذا السمك، منها انخفاض مستوى المياه وتغير بيئته، ووجود أسماك تتغذى عليه وعلى بيوضه منها التلابيا والقمبوزيا والكارب".

ويضيف بينما يتفقد زوجًا من السمك في جدول ماء ضمن المحمية؛ أن "برامج المراقبة الدورية حذّرت من تراجع أعداد هذه السمكة بشكل واضح في السنوات الأخيرة".

عبدالله العشوش
يتحدث عبدالله العشوش عن تهديدات مختلفة لهذا السمك الأفانيس (غيتي)

لهذا يجري العمل حاليًا على إنشاء بركة خاصة سينتهي العمل فيها خلال شهر؛ لعزل الأفانيس عن بقية الأسماك، ومحاولة إنقاذه وإكثاره.

ويشير إلى أن هذا النوع يتميز بـ"تحمّل درجات الملوحة العالية للمياه"، وإلى أن الأنثى منه تضع نحو ألف بيضة في الموسم.

إنقاذ سمك السرحاني

وفقًا للمتحدث باسم الجمعية الملكية لحماية الطبيعة سالم نفاع، "يعيش في الأردن نوعان نادران من الأسماك غير موجودة في العالم، هما بالنسبة لنا أشبه بالكنز نعمل للحفاظ عليه".

ونجحت الجمعية التي تأسّست عام 1966، في إنقاذ سمك "السرحاني" الذي كان على وشك الانقراض، في نهاية الألفية الثانية في موطنه الوحيد في "محمية الأزرق المائية" (نحو 110 كلم شرق عمان).

ويقول مدير "محمية الأزرق المائية" حازم الحريشة بفخر وهو يقف قرب إحدى البرك في المحمية التي تأسست عام 1978: إنه مع مطلع عام 2000 "بدأت قصة إكثار هذا النوع من السمك بعد أن كان على حافة الانقراض"، مؤكدًا أنه "لا يعيش في أي بيئة ثانية في العالم إلا في الأردن".

ويُسمى علميًا بـ"أفانيس السرحاني" نسبة إلى وادي السرحان الممتد من الجزيرة العربية إلى الأزرق، وبالإنكليزية فهو "أزرق كيلي فيش"، ولا يتجاوز طول السمكة منه ستة سنتميرات.

ورغم صغر حجمه، يمكن مشاهدته في عدد من البرك في محمية الأزرق المجهزة لاستقبال الزوار، والتي تضم ممرات خشبية ومسارات وأكواخًا خشبية لمراقبة الطيور والحيوانات.

ولون هذا السمك فضي، الأنثى منه منقطة بينما يحمل الذكر خطوطًا سوداء.

ويوضح الحريشة أنه تمّ عام 1998 تأسيس حوض مائي إسمنتي لإكثار سمك السرحاني وعزله عن الأنواع الأخرى، التي تهدد وجوده وتتغذى منه ومن بيوضه مثل الشبوط (كارب) أو البلطي (التلابيا).

ومن التهديدات الأخرى التي تعرض لها هذا السمك تغيّر المناخ، وانخفاض منسوب المياه والطيور المهاجرة التي تتغذى عليه.

"تنوع حيوي كبير جدًا"

وكانت مياه المحمية التي تقع على أحد أهم مسارات هجرة الطيور، جفت تمامًا مطلع التسعينيات، فتمّ استقدام المياه إليها.

ويلفت الحريشة إلى أنه سجل في المحمية "350 نوعًا من الطيور من أصل 436 نوعًا مسجلًا على مستوى المملكة، أهمها أنواع من البط والطيور المائية". 

ويشدد على أن المحمية تتسم "بتنوع حيوي كبير جدًا"، إذ تضم "أكثر من 133 نوع نبات، بالإضافة إلى وجود 11 نوعًا من الزواحف، وأكثر من 163 نوعا من اللافقريات ونوعين من البرمائيات".

من جهته، يوضح مدير مركز مراقبة التنوع الحيوي في الجمعية نشأت حميدان؛ أنه "بحلول عام ألفين، كان تعداد سمك السرحاني لا يتعدى 500 سمكة في كل الواحة، وهذا يعني أن وجوده كان شبه معدوم".

ويضيف: "كان يتناقص بشدة ووصل إلى نسبة 0,02 فقط من عدد الأسماك في الواحة. جمعنا 20 سمكة على مدى عامين في بركة إسمنتية مخصصة لتتكاثر".

ووفقًا له، فقد تم تحديد الاحتياجات الحيوية لسمك السرحاني وتحليل مواصفات دورة حياته وتحديد أنه يحتاج إلى مياه ضحلة غير عميقة لوضع البيض، لكن مع بيئة متنوعة من حيث الأعشاب ومع ضرورة بقائه في معزل عن أنواع السمك الأخرى ليبقى حيًا.

ويقول حميدان: "أعدنا تأهيل برك المياه الطبيعية واحدة تلو الأخرى"، لافتًا إلى أن نسبة سمك السرحاني حاليًا هي "بين 60% إلى 70% من عدد الأسماك في الواحة، ولا يجب أن تتدنى عن 50%.

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close