وسط جبال كاربات الرومانية، شهدت محمية "ليبيرتي" Libearty وصول صغار دببة جديدة، وأصبح هذا الموقع، منذ أن أُعيد السماح بصيد هذه الحيوانات، بمثابة ملاذ آمن لها، وخصوصًا لليتيمة منها والناجية من عمليات القتل أو الأسر.
ويقول فلورين تيكوسان، وهو رجل ملتحٍ يدير مع فريقه 128 دبًا في زارنيستي، ضمن مساحة مشجرة تبلغ 69 هكتارًا، وتُعد الأكبر من نوعها في العالم: "تأتي الدببة من الغابة حيث قُتلت أمهاتها".
محمية رومانية لإيواء الدببة
وفي محمية "ليبيرتي" Libearty، وهو مصطلح مركّب من كلمتين بالإنكليزية هما "ليبرتي" أي حرية و"بير" أي دب، ثمة تخوّف من نتائج قانون أُقرّ بشكل عاجل خلال الصيف الفائت بعدما هاجم دبّ فتاة تبلغ 19 عامًا وقتلها.
ومع أنّ هذا النوع محمي في رومانيا، سمحت الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي باصطياد 481 دبًا خلال 2024، بعدما كان هذا الرقم 220 حيوانًا عام 2023 و140 دبًا في 2022.
وتستند السلطات في قرارها إلى ارتفاع أعداد الدببة وتزايد الهجمات المرتبطة بها.
وفي ظل غياب الإرادة السياسية، تبرز حلول في محمية الدببة التي افتتحت عام 2005، ومن بينها حاويات قمامة لا يمكن الوصول إليها، وتركيب أسوار كهربائية للدببة، والتوعية بشأن اصطيادها.
بدورها، تقول رئيسة جمعية "ملايين الأصدقاء" المسؤولة عن المشروع كريستينا لابيس: إن الدببة تغامر خارج موائلها الطبيعية بسبب "إزالة الغابات" ونقص الغذاء في بلد يُعدّ "مصدّرًا رئيسيًا للفاكهة البرية والفطر".
وتضيف المرأة التي تؤمن بفكرة التعايش بين الدببة والبشر "نأخذ منها كل شيء، ثم نتساءل عن سبب ذهابها إلى المناطق المُدنية".

وبمساعدة بريجيت باردو، النجمة السينمائية السابقة التي حوّلت نشاطها إلى حماية الحيوانات، سعت وزوجها جاهدين لاستعادة الدببة التعيسة المحتجزة داخل أقفاص في المطاعم أو السيرك.
وتضم رومانيا 8000 دب، بحسب تقديرات الحكومة، وهو أكبر عدد من الدببة في أوروبا خارج روسيا.
أهمية تثقيف الأطفال
إلى ذلك، تضررت غرائز هذه الدببة وكان من المستحيل إعادة دمجها في موائلها الطبيعية. فبعضها كان عاجزًا عن التعرّف على أطعمة غير الخبز، في حين أنّ عددًا منها كان محبوسًا داخل أقفاص ولم يمش على العشب مطلقًا.
ولا تزال دببة كثيرة تسير بشكل دائري قرب أقفاصها، ولا تزور الغابة خلفها والمسطحات المائية، لكن بفضل المحمية، تطورت العقليات وبات عدد الدببة في المنازل الخاصة لا يتخطى أصابع اليد الواحدة.
وتستقبل المحمية أيضًا حيوانات من حدائق في أوكرانيا المجاورة أو من ألبانيا وأرمينيا وحتى الولايات المتحدة، وتفتح أبوابها صباح كل يوم للمدارس والزوار، ويرتادها سنويًا نحو 30 ألفًا.

وتشدد لابيس على ضرورة تثقيف الأطفال، إذ يتعلّمون في المحمية مثلًا عدم استرعاء انتباه الدببة من خلال تقديم شطيرة لها بهدف التقاط صورة معها.
وعلى طريق ترانسفاغاراسان، وهو مسار جبلي مذهل يعتبره الرومانيون مصدر فخر لهم، من المألوف مصادفة دببة، يقول وزير البيئة ميرشا فيكيت: لقد "غيّرت عاداتها بالكامل"، مشيرًا إلى أنّ "التنقل على الطرق أصبح مصدر طعامها الرئيسي، مما يشكّل خطرًا على السياح". ودعا إلى نقل الدببة إلى أماكن مشابهة لمركز "ليبرتي".
8 آلاف يورو للدب الواحد
مع استئناف عمليات الصيد التي من المبكر جدًا قياس تأثيرها، تشعر كريستينا لابيس بالقلق.
وتقول: "ليس من مسؤوليتنا استقبال كل الدببة" التي لا تزال في البرية.
وتضيف: "يمكننا إعادة تأهيلها ثم إطلاقها مجددًا في الغابة، لكن القانون الأخير يجعل المسألة غير طبيعية". وتتساءل "هل ننقذ الدببة ونعيد إطلاقها كي يتم اصطيادها في النهاية؟".
وحُظر السباق لاصطياد الدببة منذ عام 2016، قبل أن يُستأنف مع زيادة الأعداد المسموح صيدها. وتصدر هذا النشاط عناوين الأخبار قبل بضع سنوات، عندما كان مسؤولون في العالم، من أمير ليختنشتاين إلى ملك إسبانيا، يمارسون صيد الدببة.
وعثرت وكالة فرانس برس في الإنترنت على عروض شاملة لمدة يومين. يقول إيوان بانوكو، رئيس إحدى الوكالات المتخصصة، إنه نظم رحلات استكشافية للأجانب، وقد قُتل 5 دببة منذ أكتوبر/ تشرين الأول.
ويضيف لوكالة فرانس برس: "كانت توجد حماسة في البداية حتى لو كان بعض الزبائن مترددين" لأسباب مالية، فالدب له ثمن يختلف بحسب حجمه، وقد يصل إلى 8250 دولارًا.