تتحلق مجموعة من الأطفال والناشطين في المنظمة التونسية للحياة البرية "ريسكيو" حول قفص "أكيلا"، وهو عقاب ذهبي يستعد لفرد جناحيه من جديد بعد رحلة علاج لأشهر في عملية إطلاق فريدة من نوعها.
وقدم رضا العوني، وهو رئيس جمعية تعنى بالطيور في تونس، رعاية دقيقة للعقاب الذهبي منذ مصادرته من أحد الأفراد في يوليو/ تموز 2024 في محافظة قابس جنوبي تونس.
وأنشأ العوني الخبير في التنوع البيولوجي مركز إعادة تأهيل، بما تيسر له من وسائل في مزرعته في منطقة سيدي ثابت، في ضواحي تونس العاصمة.
نحو الحرية
وتؤوي مزرعته صقورًا وبواشق وحدآت في أقفاص، بعضها بجانب بعض، في انتظار أن تنمو أجنحتها التي تم قصّها لمنعها من الطيران.

أغلبية الحيوانات الموجودة، ومنها الفنك والذئاب، تأتي من عمليات مصادرة من جانب المديرية العامة للغابات.
و"أكيلا" الذي أُطلق في جبل سيدي زيد، على بعد 50 كيلومترًا من تونس العاصمة، كان جاهزًا للمغادرة نحو البراري لأنه كان يستعد لبناء عش، حسبما أوضح رضا العوني لوكالة فرانس برس، مشيرًا إلى أنه تم إطلاقه في منطقة مثالية للعثور على فرائس وإناث للتزاوج.
ويضيف العوني (60 عامًا): "هذه هي فترة الهجرة من وسط إفريقيا إلى أوروبا، وهي أفضل فترة. إذا وجد شريكة، فقد نراه هنا العام المقبل مع صغاره".
وتقول جميلة وعيناها تراقبان تحليق العقاب فوق المنحدرات الصخرية: "إنه لشيء مذهل، إنها الحريّة".
وتعتقد مديرة الجمعية التونسية للحياة البرية جميلة بوعياد أن "تأهيل حيوان بري ثم إعادته إلى الطبيعة أمر استثنائي".
وبالنسبة لمهى كلوسيتو، وهي في سنتها الأخيرة من الدراسات البيطرية، فإن رؤية "أكيلا" يستعيد حريته لها طعم خاص.
وتوضح "لقد كنتُ جزءًا من فريق الأطباء البيطريين في الجمعية التي أنقذته عندما كنا في الجنوب لإطلاق سراح فنك. لقد كان مشوارًا طويلًا ليصبح قويًا ومعافى مرة أخرى".
وعملية إطلاق الطائر الجارح هي الرابعة التي تقوم بها "ريسكيو" خلال عامين.
وتهدف مثل هذه العملية إلى تثبيت تعداد العقبان الملكية في البلاد "التي لا تحوي سوى 50 زوجًاص منها، وهو رقم صادم" للعوني.
ويندرج العقاب الملكي في تونس ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة للأنواع المعرضة للخطر.

"طريق طويل ينبغي اجتيازه"
ويوثق حبيب الرقيق، المهندس ومسؤول في "ريسكيو"، بالصور والفيديو جميع عمليات الإطلاق، لتوعية الناس بأهمية الطيور الجارحة.
ويشير الرقيق إلى أن "قليل من الناس هنا يعلمون أن هذه الحيوانات محمية بالقانون، وأنها يجب أن تبقى في الطبيعة، وليس في الأقفاص أو الحدائق"، مضيفًا: "هناك طريق طويل ينبغي اجتيازه".
ويبدي الرقيق قلقه من مشهد السياح في نهاية الأسبوع يلتقطون صورًا مع الصقور في منطقة سيدي بوسعيد، أهم الأماكن السياحية في تونس.
ويوضح: "إذا كنت تريد رؤية طائر جارح، فشاهد الأفلام الوثائقية أو اذهب إلى الطبيعة وأحمل مناظير"، داعيًا إلى "مقاطعة هؤلاء الصيادين غير الشرعيين لأن ذلك يغذي تجارة غير قانونية".
ويكرّس نحو 40 شابًا من طلاب في الطب البيطري وعشاق الطبيعة، وقت فراغهم لبرنامج "ريسكيو" الذي أُطلق قبل عامين من جانب "الجمعية التونسية للحياة البرية"، لإنقاذ الحيوانات البرية المصابة ومعالجة تلك التي تتم مصادرتها من التجار غير الشرعيين.
وبمبادرة من أعضائها الشباب، أطلقت الجمعية حملة على إنستغرام ومنصات التواصل الاجتماعي، والهدف المقبل يتمثل في تجديد الأقفاص وخلق مساحة لأغراض التثقيف البيئي.
وفي هذه الفترة، استقبل مركز العوني "أكثر من 200 مشارك" لإعادة الطيور إلى الطبيعة.