السبت 20 أبريل / أبريل 2024

بعد موجتين في 2011 و2019.. ماذا تبقى من ثورات الربيع العربي؟

بعد موجتين في 2011 و2019.. ماذا تبقى من ثورات الربيع العربي؟

Changed

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تلقي الضوء على ثورات الربيع العربي وتتساءل عما بقي منها بعد مرور 12 عامًا (الصورة: تويتر)
انطلقت شرارة التحركات في تونس، وامتدت إلى مصر فليبيا ثم سوريا واليمن، مطالبة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لتُقابل بالعنف المفرط والقمع.

مع أفول عصر الانقلابات العسكرية، بدا أن الأنظمة العربية ببُناها البيروقراطية والسياسية والاجتماعية، استقرت على "عقد اجتماعي قائم على السلطوية وعلى حقها في إزهاق الأرواح البشرية"، وفق تعريف كارل شميت للدولة.

أدت تهيئة أبناء الرؤساء لوراثة السلطة بدلًا من عقد انتخابات، ومضاعفة نفوذهم غير الشرعي، إلى اتساع رقعة الفساد وتطوّر منظوماته وتراكم السخط الشعبي منه.

هذه العناصر مجتمعة ومصحوبة بجو مزيف من حرية العمل السياسي، أفضت إلى انسداد الأفق وتفاقم الاحتقان في صفوف الشعوب التي رأت أن الحل يكمن في النزول إلى الميادين.

سيرورة ثورية

في عام 2011، انطلقت شرارة التحركات في تونس، وامتدت إلى مصر فليبيا ثم سوريا واليمن، مطالبة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لتُقابل هذه المليونيات السلمية بالعنف المفرط والقمع، فصعّدت حركاتها رافعة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

وبالفعل، تساقطت الأنظمة العربية كأحجار الدومينو باستثناء بشار الأسد، الذي لا يزال جاثمًا على صدر شعبه.

وسلكت دول عربية طريق التحول الديمقراطي وعلّقت على نجاحها آمال كبيرة، لكن عودة الجيش إلى السطح وتشكل تحالف بين أنظمة عربية وإقليمية وغربية معارضة لهذا التحول، واحتدام الصراع الداخلي بين التيارات السياسية، حالت دون إتمام تلك التجربة في كل من مصر وليبيا واليمن.

فأُجهدت الديمقراطية الوليدة في مصر، ودخلت بلدان مثل سوريا واليمن وليبيا في حروب أهلية، وشُرد وجُوع واعتُقل وقُتل مئات آلاف العرب على نحو كارثي أقرب لما يصفه توماس هوبس بـ"حرب الجميع ضد الجميع".

تغير شكل المنطقة العربية كليًا، فحُلّت القواعد السياسية والبنى الاجتماعية القديمة لتتشكل أخرى، وتفككت شبكات العلاقات الإقليمية والدولية وانبثقت أحلاف أخرى، وخيّم اليأس على نفوس العرب حتى جاءهم في عام 2019 نداء جديد من الجزائر والسودان والعراق ولبنان مناهض للطائفية والفساد.

اعتبر البعض هذه الأحداث سحابة صيف عابرة، فيما اعتبره آخرون موجة ثانية من الربيع العربي، واستمرارًا للحدث الأول المؤسس في عام 2011، حيث أن العالم العربي دخل في سيرورة ثورية طويلة المدى.

طريق طويل

في هذا السياق، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عبد الفتاح ماضي أن "ما حصل في الربيع العربي هو نوع من الثورات يهدف إلى إحلال أنظمة جديدة تعطي الحرية والعدالة لشعوبها".

ويشير ماضي، في حديث إلى "العربي"، إلى أن "المشاركين في الثورات العربية لم يهدفوا إلى تغيير جذري كما حصل في الثورتين الفرنسية والإيرانية".

ويقول: "ما حصل في العالم العربي هو انتفاضة قوية هدفت إلى إحلال نظام سياسي جديد، ورغم أن الهدف كان متواضعًا، إلا أن البعض عرقله وأجهضه".

ويضيف: "بعد 10 سنوات من الموجة الأولى للثورات، أصبحت القضايا أكبر مما كانت عليه في السابق، لأن هذه التحركات وسّعت مروحة المطالب".

ويشدد على "أننا نعيش اليوم مرحلة من طريق طويل للتغيير، رغم السياقات المعرقلة له".

استقرار استبدادي

من جهته، يوضح أستاذ دراسات التنمية والعلاقات الدولية في جامعة لندن جلبير الأشقر، أن "اللغة العربية على عكس الإنكليزية، لا تفصل بين الثورة والانتفاضة".

ويشدد الأشقر، في حديث إلى "العربي" من لندن، على أن "ما حصل في العالم العربي لم يكن متواضعًا، لأنه أدى إلى تغيير أنظمة".

ويقول: "ما حصل كان بمثابة انفجار عظيم ينمّ عن تراكم طويل من الكبت الاجتماعي والبطالة والأزمات الاجتماعية والاقتصادية".

ويضيف: "لم يكن هدف الثورات متواضعًا بل كان ضخمًا، وهو بداية سيرورة طويلة الأمد".

ويشرح الأشقر أن "هذه الثورات بدأت في 6 بلدان عام 2011، ومن ثم في 4 دول عام 2019، وبالطبع ستأتي تحركات جديدة لأن المنطقة العربية لن تعود إلى الاستقرار الاستبدادي الذي كان قائمًا".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة