الأربعاء 2 أكتوبر / October 2024

بعد "نيوكوف".. هل يعد سلوك تطور كوفيد السريع طبيعيًا؟

بعد "نيوكوف".. هل يعد سلوك تطور كوفيد السريع طبيعيًا؟

شارك القصة

فقرة حول السلالة الجديدة من كورونا "نيوكوف" في الصين (الصورة: غيتي)
تساهم عدة عوامل في تحور الفيروسات مثل قابلية الفيروس العالية للانتقال وانتقاله من مضيف حيواني إلى الإنسان وتطوير علاجات ولقاحات جديدة.

يبدو أن فيروس كوفيد-19 يتغير باستمرار، ففي غضون عامين فقط، تصدرت ألفا وبيتا ودلتا ولامدا ومو وأوميكرون وآخرها "المتحور الشبح" عناوين الصحف. ولا تتضمن هذه القائمة العشرات من المتغيرات الأخرى التي تم اكتشافها ولكن لا تعتبرها منظمة الصحة العالمية ذات أولوية عالية.

يدفع هذا الواقع للتساؤل حول ما إذا كان هذا التطور السريع لفيروس كورونا غير عادي، أم أن الفيروسات الأخرى لها القدر نفسه من المتغيرات.

الفيروسات تتحور

وفي هذا السياق، أكّد أستاذ الطب المساعد في المركز الطبي بجامعة "فاندربيلت"، الذي يدرس تطور الفيروسات، بما في ذلك "سارس كوف 2" سومان داس أن الفيروسات تتكاثر باستمرار.

وقال لموقع "لايف سينس": "إن عملية النسخ المتماثل يمكن أن تحتوي على عقبات. فعندما تستخدم الفيروسات آلات الخلية المضيفة لنسخ موادها الجينية، تحدث أخطاء - إضافات عشوائية وعمليات إزالة واستبدالات تسمى الطفرات".

وأضاف أنه "بينما يمكن أن تجعل معظم الطفرات العشوائية الفيروس غير قابل للحياة أو ليس له أي تأثير على الإطلاق، فإن بعض الطفرات تمنحه بالفعل ميزة تنافسية".

وتابع: "ربما تساعد بعض الطفرات الفيروس في التهرب من اللقاح أو تجعل الفيروس أكثر قابلية للانتقال. يتم "تحديد" الطفرات التي تساعد الفيروس على العيش لفترة أطول والتكاثر بسهولة أكبر مما يعني استمرارها. هذه هي الطريقة التي تظهر بها المتغيرات الجديدة".

ماذا عن وتيرة التحوّر؟

ومثل فيروسات الإنفلونزا والفيروسات المعوية والفيروسات الأنفية التي تسبب نزلات البرد، يحمل "سارس كوف 2" (فيروس كوفيد) معلوماته الجينية على حبل من الحمض النووي الريبي.

وبالمقارنة مع فيروسات الحمض النووي الريبي الأخرى، فإن معدل الطفرة ليس ملحوظًا بشكل خاص، بحسب كاتي كيستلر، باحثة ما بعد الدكتوراه التي تدرس التطور الفيروسي في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل. 

وقالت كيستلر: "إنه مشابه لمعدل الطفرات في فيروسات الحمض النووي الريبي الشائعة الأخرى، مثل الإنفلونزا وفيروسات كورونا الشائعة الأخرى التي تسبب أعراضًا تشبه أعراض البرد".

وبالنتيجة، لا يتحور فيروس كوفيد-19 بمعدل سريع غير عادي. لكن عوامل أخرى قد تلعب دورًا، مثل قابلية الفيروس العالية للانتقال وانتقاله من مضيف حيواني إلى الإنسان وتطوير علاجات ولقاحات جديدة. وربما تكون قد زادت من عدد متغيرات الفيروس التي رأيناها خلال فترة قصيرة زمن.

ومن جهته، قال عالم الفيروسات والأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة في كلية الطب بجامعة واشنطن، جيسي إيراسموس: "إن المعدل الفعلي للطفرات لكل إصابة مشابه للفيروسات الشائعة الأخرى، إن لم يكن أبطأ".

لكنه أضاف: "إنه ينتشر باستمرار من خلال العديد من الأشخاص - وقد مضى عليه أكثر من عامين - مما يمنحه المزيد من الفرص للتكرار وإنتاج الطفرات المفيدة". 

القفزة إلى البشر

وقد تكون التغييرات السريعة في الفيروس مرتبطة أيضًا بالقفزة الأخيرة للبشر. فحتى عام 2019، تم تكييف الفيروس لإصابة مضيف حيواني ويرجح أنه الخفافيش. 

وقال كيستلر: "في البداية يحتاج الفيروس إلى التكيف مع إصابة البشر بدلاً من الخفافيش". "هناك الكثير من الطفرات المفيدة المتاحة للفيروس خلال تلك المرحلة [الانتقالية]." وبعد ذلك، يتباطأ التطور التكيفي للفيروس قليلًا.

وقد اتبع فيروس الإنفلونزا الوبائي "أتش 1 أن 1" لعام 2009 هذا النمط. وقالت: "خلال مرحلة الجائحة الأولية وبعد عام أو عامين من ظهورها، نرى أن معدل التغيير الوظيفي أعلى ثم ينخفض إلى مستوى أساسي أكثر ثباتًا". 

ولا يعرف العلماء كيف سيتغير تطور فيروس كوفيد أثناء انتقاله من وباء إلى مستوطن، ولكن بناءً على فيروسات وبائية أخرى، يفترضون أن وتيرة التطور التكيفي يمكن أن تتباطأ.

دور اللقاحات

كما أشار داس إلى أن التغييرات التي نراها في فيروس كوفيد مدفوعة جزئيًا بالتطور السريع للقاحات والعلاجات المصممة لإيقافه. فمقارنة بالأيام الأولى للوباء، يوجد الآن ضغط أكبر بكثير على الفيروس للهروب من التدابير الصيدلانية المصممة لهزيمته. فبالإضافة للقاحات، أصبح هناك أدوية لعلاج المصابين بكورونا. فبعض الطفرات الآن هي تلك التي ستساعد الفيروس على تجنب هذه التحديات.

آخر متحورات كوفيد

وفيما لا يزال العالم يصارع المتحور "أوميكرون" سريع الانتشار، وجد فريق من العلماء في مدينة ووهان الصينية نوعًا جديدًا من فيروس كورونا يحمل اسم "نيوكوف" بين الخفافيش، ويمكنه اختراق الخلايا البشرية بطريقة فيروس كوفيد- 19 نفسها.

وعبّر العلماء الصينيون عن مخاوفهم من هذه السلالة المكتشفة حديثًا لفيروس كورونا، والتي من المحتمل أن تكون "أكثر فتكًا من المتغيرات السابقة"، بينما يشير الباحثون في جميع أنحاء العالم إلى أنه حتى اليوم لم تتم دراسة مدى خطورة "نيوكوف" على البشر.

ووفقًا للدراسة الصينية، يحتوي "NeoCov" على طفرة واحدة علمًا بأن هذه الدراسة لم تتم مراجعتها بعد.

أما فيروسات كورونا فهي عائلة كبيرة من الفيروسات التي يمكن أن تسبب أمراضًا تتراوح بين نزلات البرد إلى المتلازمة التنفسية الحادة "سارس".

وأشارت الباحثة في مجال العلوم الصيدلانية سارة نصر الدين إلى أن هذا المتحور ليس جديدًا لكنه لا زال في مرحلة لا تمكنه من الانتقال للبشر الآن.

وقالت في حديث إلى "العربي": "اكتشف هذا الفيروس في الخفافيش في عام 2012 لكن الحديث عنه الآن بسبب ملاحظة انتشاره بكثرة بين الحيوانات وهو ما يعد خطرًا". 

ولفتت نصر الدين إلى أن تفادي انتقاله للبشر غير ممكن لكن التعويل الأساسي هو على إيجاد لقاح لنيوكوف قبل حدوث ذلك.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة