باتت خدمة منصة يوتيوب على مشارف تخطي القنوات التلفزيونية، لناحية معدّل المتابعة للخدمات المدفوعة، وذلك بعد 20 عامًا على انطلاقتها خلال عشاء ضمّ مجموعة من الأصدقاء، لتصبح منصة يومية أساسية للمستخدمين من مختلف الأعمار.
وبحسب ما يُحكى، طرأت الفكرة في بال ستيف تشين وتشاد هيرلي، وجاويد كريم، الذين كانوا زملاء في خدمة "باي بال"، خلال تناولهم العشاء. وأُطلق موقع يوتيوب (youtube.com) بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005.
وأُضيفت إمكانية تحميل مقاطع فيديو عبر الموقع في 23 أبريل/ نيسان، عندما نشر جاويد كريم أول مقطع موسيقي بعنوان "مي آت ذي زو"، ليحصد المقطع الممتد على 19 ثانية ويظهر فيه رجل أمام فيلة في حديقة حيوانات سان دييغو، 348 مليون مشاهدة.
منصة تهدد الشاشات
ويقول روس بينيس من شركة "إي ماركتر": إنّ "يوتيوب أُطلق على أيدي شباب يعملون في المجال التكنولوجي كانوا يرغبون في إنشاء خدمة لمقاطع الفيديو لمشاهدة إعادة للعرض الفني لجانيت جاكسون خلال مباراة السوبر بول" عام 2004.
ويتابع: "بات يوتيوب اليوم أكبر خدمة فيديو رقمية في العالم لناحية الوقت الذي يمضيه المستخدمون فيها، وعائدات الإعلانات".
وقد استخدم يوتيوب خلال العام الفائت أكثر من 2,5 مليار شخص، فيما بلغ عدد المشتركين في خدمة "يوتيوب بريميوم" مئة مليون، بحسب شركة "ستاتيستا".
ويقول بينيس: "قبل عشرين عامًا، كان سيبدو من المضحك أنّ هذا الموقع الذي يديره شباب ينشئون مقاطع فيديو ساخرة ،سيصبح اليوم منصة تهدّد قنوات ديزني وإيه بي سي وسي بي إس".
ويشكل يوتيوب فعلًا تهديدًا لعمالقة التلفزيون، إذ لا يستلزم استوديوهات أو تكاليف إنتاج، لأنّ المحتوى يحمّله المستخدمون، كمقتطفات من حفلات موسيقية أو برامج تلفزيونية، أو مقاطع تعليمية، وأخرى لحملات انتخابية.
أكثر من مليار ساعة يوميًا
ويقول روس بينيس: "إنه بمثابة خرطوم فعلي من المحتوى لا يمكن إيقافه، ومقاطع الفيديو ترضي مختلف الأذواق، لذا يكون المستخدمون ناشطين بشكل مستمر".
وبحسب "غوغل"، يشاهد مستخدمو الإنترنت في العالم أكثر من مليار ساعة من محتوى يوتيوب يوميًا على أجهزة التلفزيون الخاصة بهم وحدها. ويُنظر على نطاق واسع إلى شراء غوغل للمنصة في العام 2006، مقابل 1,65 مليار دولار على أنه قرار صائب.
وأضافت المجموعة التكنولوجية العملاقة خوارزميات البحث الخاصة بها، وأدواتها الإعلانية عبر الإنترنت إلى الموقع المعروف بقاعدة محبيه، لكن ليس بإيراداته.
ويقول المحلل المستقل روب إندرله: إنّ "يوتيوب كان جزءًا من الجيل الذي أعقب نهاية فقاعة الإنترنت (في العام 2000)، عندما أدركت الشركات الناشئة أنه من المهم توليد دخل من أنشطتها".
وأبرمت "غوغل" أيضًا اتفاقيات مع استوديوهات الإنتاج، وقنوات التلفزيون لتجنّب إقحامها بدعاوى قضائية متعلقة بانتهاكات حقوق الطبع والنشر.
تيك توك منافسًا
في السابق، كان عدد "مقاطع الفيديو المقرصنة" والمحتويات التي تتضمن "عريًا" أكبر، بحسب بينيس، لكن المجموعة أطلقت أيضًا نسخة من يوتيوب مخصصة للأطفال، توفّر حماية أكبر لهم. وكانت عمومًا أقل عرضة للاتهامات بإلحاق ضرر بالفئات الصغيرة من منافستيها انستغرام وتيك توك.
وينسب روب إندرله معظم الفضل في نجاح يوتيوب إلى المديرة التنفيذية السابقة سوزان وجسيكي، التي توفيت في العام الفائت. ويقول: "لقد كانت رائعة في وظيفتها وأظهرت كيف ينبغي إنجاز الأمور".
ويتوقَّع أن يصبح لدى المنصة في غضون عامين عدد مشتركين مدفوعين أكثر من أي قناة تلفزيونية تقليدية، بحسب "ايه ماركتر"، لكنّ عددًا من المنافسين الآخرين قد ظهر، من خدمات البث التدفقي (نتفليكس وديزني...)، إلى تطبيقات مقاطع الفيديو القصيرة والمسلية التي ينشئها المستخدمون، وفي مقدمتها تيك توك.
وكما قلّدت"ميتا" (المالكة خصوصًا لفيسبوك وإنستغرام) منصة تيك توك عن طريق إطلاق مقاطع الفيديو الصغيرة "ريلز"، أطلقت يوتيوب مقاطع "شورتس".
ويبدو أنّ قوة تيك توك الذي يتميّز بخوارزمية التوصية الخاصة به، قد دفعت يوتيوب إلى إبراز منشئي المحتوى الصغار بشكل أكبر على صفحتها الرئيسية، لا فقط اليوتيوبرز المشهورين، بحسب منشئ المحتوى روبرت جي.
ويقول في تصريح حديث: "أنا سعيد لأنّ يوتيوب يتغيّر، وآمل أن يستمر على هذا النحو لأنّ ذلك يمنح فرصة للنجاح لعدد كبير من الأشخاص".