أثار رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون غضبًا عارمًا، أثناء زيارته لاسكتلندا أمس الخميس، عندما قال مازحًا أن إغلاق رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر لمناجم الفحم أعطى بريطانيا "تقدّمًا في معالجة تغير المناخ".
وجاء حديث جونسون ردًا على سؤال خلال زيارة لحقول للطاقة الهوائية في اسكتلندا، حيث شدد رئيس الحكومة المحافظ على التقدم الحاصل على هذا الصعيد "بفضل مارغريت ثاتشر التي أغلقت أكبر عدد من مناجم الفحم في كل أرجاء البلاد"، مضيفًا: "بدأنا باكرًا ونبتعد سريعًا الآن عن الفحم".
ولم يكتفِ جونسون بهذا القدر، بل استرسل في الضحك وفق ما نقلت وسائل إعلام بريطانية.
ماذا حصل خلال فترة حكم تاتشر؟
ويعدّ هذا الموضوع "حساسًا" عند البريطانيين، إذ كانت مناجم الفحم تمثل في الماضي القطاع الصناعي الأهم في المملكة المتحدة، وهي مرتبطة بشكل وثيق بتاريخ البلاد الاقتصادي والاجتماعي. وأصبحت في الثمانينات رمزًا لمعارضة نهج رئيسة الوزراء الليبرالي جدًا في تلك الفترة (1979-1990).
وكان قرار تاتشر آنذاك، مكلفًا جدًا للعمال، لكنه سمح لبريطانيا باحتلال مركز متقدم في تحويل قطاع الطاقة.
وأدى إغلاق أكثر من مئة منجم عندما كانت "المرأة الحديدية" في السلطة إلى إضرابات طويلة وإلى أعمال عنف. وتبقى الكثير من المواقع المنجمية السابقة منكوبة مع نسبة بطالة مرتفعة جدًا.
ولا يزال الجمهور ينظر إلى تعامل تاتشر مع تراجع صناعة الفحم في الثمانينيات على أنه أحد أكبر الإخفاقات في فترة ولايتها، لا سيما في اسكتلندا وشمال إنكلترا، حيث تأثرت المجتمعات أكثر من غيرها بعمليات الإغلاق. واحتج ملايين الأشخاص على عمليات الإغلاق، مع وقوع اشتباكات عنيفة في كثير من الأحيان بين عمال المناجم والشرطة.
وأغلقت آخر مناجم الفحم في المملكة المتحدة العام 2015 باستثناء مواقع صغيرة.
ردود الفعل حول كلام جونسون
وأثار كلامه غضبًا خصوصًا في المنطقة المعروفة باسم "الجدار الأحمر" الصناعية السابقة في شمال إنكلترا حيث فاز المحافظون بقيادة جونسون في الانتخابات التشريعية الأخيرة في معاقل عمالية بفضل برنامج مؤيد لبريكست ووعود بإحلال توازن اقتصادي.
ووصفت الوزيرة الأولى الأسكتلندية نيكولا ستورجون كلام جونسون بأنه "فظ وغير حساس للغاية".
وكتبت ستيرجن على تويتر: "لقد دمرت الحياة والمجتمعات في اسكتلندا تمامًا بسبب تدمير تاتشر لصناعة الفحم (والذي لم يكن له أي علاقة بأي مخاوف لديها على الكوكب)".
وأضافت: "التعامل مع ذلك على أنه شيء مضحك هو أمر فظ وغير حساس للغاية تجاه هذا الواقع".
Lives & communities in Scotland were utterly devastated by Thatcher’s destruction of the coal industry (which had zero to do with any concern she had for the planet). To treat that as something to laugh about is crass & deeply insensitive to that reality. https://t.co/QY0Y59UO3K
— Nicola Sturgeon (@NicolaSturgeon) August 5, 2021
كما انتقد زعيم المعارضة كير ستارمر هذه التصريحات "المخزية"، مطالبًا باعتذارات "فورية".
وقال زعيم حزب العمال كير ستارمر عن رئيس الوزراء: "إن المدح المخزي لإغلاق مارغريت تاتشر لمناجم الفحم، وتجاهل التأثير المدمر على تلك المجتمعات بضحكة، يظهر مدى انفصاله عن الأشخاص العاملين".
Laughing at coalfield communities shows just how out of touch Boris Johnson is. The Prime Minister must apologise immediately. pic.twitter.com/FNTRpgC1Kq
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) August 6, 2021
لكن الناطق باسم رئاسة الحكومة استبعد الجمعة احتمال تقديم اعتذارات، مشددًا على أن جونسون "يدرك العواقب الهائلة والمؤلمة لإغلاق مناجم الفحم على المجتمعات في المملكة المتحدة".