الثلاثاء 15 تموز / يوليو 2025
Close

بيئات فقيرة وأجور زهيدة.. العاملات في الفلاحة في تونس أصوات مهملة

بيئات فقيرة وأجور زهيدة.. العاملات في الفلاحة في تونس أصوات مهملة

شارك القصة

العاملات في القطاع الفلاحي في تونس
لا تتجاوز أجور 92% من العاملات في القطاع الفلاحي في تونس الحد الأدنى الفلاحي المنصوص عليه قانونًا - غيتي
الخط
تعاني العاملات في قطاع الفلاحة في تونس من أوضاع صعبة وأوجور زهيدة في بيئات عمل فقيرة، رغم أنهن يشكلن ما بين 75 إلى 80 في المئة من عمالة القطاع.

تعاني مئات العاملات في القطاع الفلاحي في تونس من سوء ظروف العمل وتوفير الحماية الاجتماعية والصحية والمساواة في الأجور، واللاتي علت صيحاتهن في تجمع غاضب وسط العاصمة في وقت سابق من الشهر للمطالبة بتحسين أوضاعهن.

وخلال التجمع، حملت فاطمة مسعودي العاملة في القطاع الزراعي، بين يديها صندوق فلفل وطماطم، في صورة رمزية لما تجنيه يديها وبصوت يكسوه الوجع والغضب.

واشتكت المسعودي قائلةً: "استيقظ في الثالثة صباحًا، أي منتصف الليل، أنا لا أنام، وأتوجه مباشرة للعمل، يطلب من الفلاح جمع أربعة أكياس من هذا، ويقولون لنا إننا لن نعود إلى المنزل حتى نملأها كلها".

وتابعت: "الأجر زهيد، نحتاج إلى ضمان حقوقنا، ونحتاج إلى تغطية اجتماعية، هذا ما نطلبه من الحكومة".

ولا تتجاوز أجور 92% من العاملات في القطاع الفلاحي في تونس الحد الأدنى الفلاحي المنصوص عليه قانونًا، ولا تتمتع 92% من العاملات بالتغطية الاجتماعية، بحسب إحصائية المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

العاملات في القطاع الفلاحي في تونس
بدأ حراك العاملات في القطاع الفلاحي يتصاعد منذ 2019 إثر حادث سير توفي فيه 7 عاملات - رويترز

بيئات فقيرة وأجور زهيدة

وقالت زهرة الدخلاوي (68 عامًا) التي تعمل في القطاع الفلاحي منذ صغرها: "هذه هي خدمة الفلاحة، الشمس تحرقنا، وهي متعبة بالطبع، خدمة الفلاحة بطبيعتها متعبة، لكن ماذا عسانا أن نفعل؟ هذا هو مصدر رزقنا، لم نتلق تعليمًا، هكذا وُلدنا، وهذا هو عملنا".

وتتحمل العاملة في القطاع الفلاحي مشقة العمل من أجل لقمة العيش بحسب ما أفادت به إيناس الجلاصي لوكالة رويترز، وهي صاحبة مشروع فلاحي أسسته بعد سنوات عملت فيها أجيرة.

وأشارت الجلاصي إلى أن "الفلاحات يعملن في بيئات عمل فقيرة وبأرخص الأجور، ويعاملن معاملة سيئة، ويطلب منهن فعل هذا وذاك، ولا يتمتعن بأي تأمين أو تغطية اجتماعية في حال وقوع حادث، لماذا؟ لماذا لا نوفرها لهن. لماذا لا توفرها الدولة لنا نحن الفلاحات؟".

وتساءلت: "العديد من الفتيات يتركن الدراسة في سن مبكرة للعمل في الفلاحة، لماذا؟ ببساطة لكسب المال وبناء حياة كريمة وتأمين لقمة العيش".

وأضافت الجلاصي: "أنا فلاحة، والفلاحة غرام قبل كل شيء، وإذا لم تغرم بها فلن تستطيع فعل شيء، استخدم أرض والدي الذي يسمح لي بالتصرف في كل شيء، أزرع خضراوات ومحاصيل مثل الزيتون، منحني والدي وعائلتي الفرصة لأمارس غرامي وهوايتي".

وأخذ حراك النساء العاملات في القطاع الفلاحي يتصاعد منذ 2019 إثر فاجعة منطقة "السبّالة" في محافظة سيدي بو زيد، حيث أدى حادث انقلاب شاحنة نقل كانت تقل عمالًا بالحقول لوفاة 12 من بينهم سبع عاملات وإصابة نحو 20 آخرين.

وكان هذا الحادث سببًا في التعجيل بالمصادقة على قانون متعلق باستحداث نوع نقل خاص بعاملات وعمال القطاع الفلاحي.

عمل موسمي هش

وذكرت حياة العطار، المكلفة بملف العاملات الفلاحيات في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه رغم وجود قانون ينظم عمل هذه الشريحة من العاملات لم تتوقف الحوادث في تونس وعدد الضحايا في ارتفاع.

العاملات في القطاع الفلاحي في تونس
تعاني العاملات في القطاع الفلاحي في تونس من بيئات عمل فقيرة وبأرخص الأجور، ويعاملن معاملة سيئة - رويترز

وأشارت إلى أنه منذ سنة 2015 إلى اليوم تم تسجيل 88 حادثًا، مما أسفر عن إصابة أكثر من 983 ومقتل 65.

واعتبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي أن وجود تشريعات لدعم وضعية العاملة في القطاع الفلاحي أمر إيجابي وخطوة مهمة نحو إنهاء "التشغيل الهش والوضع الصعب للعاملات الفلاحيات"، لكنها تراها غير كافية اليوم في ظل عدم تفعيلها على أرض الواقع.

وقالت: "أغلب العاملين في القطاع الفلاحي هم نساء نسبتهم تتراوح ما بين 75 و80% من اليد الفلاحية العاملة في تونس".

وأضافت الجربي: "للأسف، ما زلن يعملن عملًا موسميًا هشًّا في ظروف غير لائقة، ويحرمن من أغلب حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية".

والعام الماضي، صدر المرسوم رقم 4 الذي يحدد نظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات، ويتضمن هذا النظام "إحداث صنف نقل خاص للعاملات الفلاحيات"، إضافة إلى ضمان حقوقهن في التأمين على المرض والتقاعد والحماية ضد الأخطار المهنية.

وعلّقت الجربي على القانون قائلةً: "نعم، هناك قانون صدر في أكتوبر 2024 للقضاء على أشكال التمييز بينهم وبين غيرهم من العاملين في المجال الفلاحي، لكنه يحتاج إلى نشره والتوعية به وتنفيذه".

والتقى الرئيس قيس سعيّد في يوم المرأة التونسية خلال أغسطس/ آب الماضي بالعاملات الفلاحيات، وشدد على ضرورة ضمان حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية باستمرار وليس فقط خلال المناسبات.

وأقرّ سعيّد بأن التشريعات رغم وجودها تكون غالبًا منفصلة عن واقع المرأة المعيشي، ولا سيما في المناطق الريفية، ودعا إلى بذل المزيد من الجهود لضمان المساواة بين المواطنين في الحصول على الحقوق.

تابع القراءة

المصادر

رويترز
تغطية خاصة