الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

بينها الإيدز وشلل الأطفال.. انتشار الأمراض المعدية الخطيرة يهدد أوكرانيا

بينها الإيدز وشلل الأطفال.. انتشار الأمراض المعدية الخطيرة يهدد أوكرانيا

Changed

تقرير يرصد تأثير الحرب على الأوكرانيين (الصورة: غيتي)
حذّر خبراء وأطباء دوليون من أن الأوكرانيين يواجهون "هجومًا من الأمراض المعدية، بعضها قد يكون فوريًا وملموسًا، وبعضها سيبدأ بالتكشّف مع الأيام"

يواجه الأوكرانيون إلى جانب الآثار المدمّرة للقصف الروسي على مدنهم، والأعداد المتزايدة من القتلى والجرحى، مخاطر تفشّي الأمراض المعدية بسبب الظروف الصحية السيئة التي يعيشونها.

وحذّر خبراء وأطباء دوليون، في حديث لمجلة "نايشتر" الطبية، من أن الأوكرانيين يواجهون "هجومًا من الأمراض المعدية، بعضها قد يكون فوريًا وملموسًا، وبعضها سيبدأ بالتكشّف مع الأيام".

ويتجمّع الأوكرانيون في الملاجئ، ومحطات المترو، لحماية أنفسهم من القصف، وبالتالي فإن خطر انتشار فيروس كوفيد-19 فوري. كما أن هناك تهديدات أخرى يفاقمها عدم توفر المياه والمرافق الصحية الكافية، وخطر تفشّي شلل الأطفال والحصبة.

ومع تحوّل المرافق الصحية والطرق إلى أنقاض، ينقطع الوصول إلى خدمات التشخيص والعلاجات المتعلقة بمرض السل وفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، مما سيزيد من العبء المرتفع بالفعل.

وأبدت الطبيبة الرومانية لوسيكا ديتيو، مديرة "شراكة دحر السل" التنفيذية، ومقرها جنيف في سويسرا، قلقها العميق من تداعيات الحرب على النظام الصحي في أوكرانيا.

كوفيد وشلل الأطفال

مع بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، كانت أوكرانيا تخرج من أسوأ موجة عدوى بمتحور "أوميكرون"، بلغت ذروتها في ذلك الشهر. لكن عدد اختبارات فيروس كورونا انخفض مع الوقت، مما يعني أن انتقال العدوى غير المكتشف ربما يكون كبيرًا.

كما أعاق انعدام الثقة الطويل الأمد في اللقاحات بين السكان جهود التحصين ضد الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الحصبة وشلل الأطفال أيضًا.

وتكافح أوكرانيا بالفعل تفشّي شلل الأطفال، حيث كانت هناك حالتان في غرب البلاد العام الماضي، آخرهما في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وظهر فيروس شلل الأطفال بين 19 مخالطًا سليمًا، نظرًا لأن فيروس شلل الأطفال يشل واحدًا فقط من حوالي 200 من المصابين، مما يشير إلى أن انتشار المرض أكبر بكثير مما توحي به أعداد الحالات وحدها.

وفي فبراير الماضي، أطلقت السلطات الأوكرانية حملة مدتها 3 أسابيع لتلقيح حوالي 140 ألف طفل من شلل الأطفال، لكن الحرب أوقفت الحملة، كما تسبّبت بتعطيل مراقبة المرض، ما يهدّد بانتشار الفيروس دون اكتشافه، وفقًا لتحذيرات المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، ومقرها جنيف.

الحصبة

وتشكّل الحصبة خطرًا أيضًا لأنها معدية للغاية. وقال جيمس غودسون، أخصائي الحصبة في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، إن  الحصبة "هي واحدة من أولى المخاوف في أي أزمة إنسانية".

وشهدت أوكرانيا تفشيًا كبيرًا بدأ عام 2017 واستمر حتى عام 2020، مع أكثر من 115 ألف حالة.

وبحلول عام 2020، كانت التغطية الوطنية المبلغ عنها بجرعتين من اللقاح المحتوي على الحصبة تصل إلى 82%، وهو تحسن كبير، ولكنه لا يزال غير مرتفع بما يكفي لمنع تفشي المرض القاتل.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نسب التلقيح كانت أقلّ من 50% في بعض الأقاليم، مثل خاركيف، التي تستقطب أعدادًا كبيرة من النازحين جراء الحرب.

السل

تتحمل أوكرانيا واحدًا من أعلى معدلات السل المقاوم للأدوية المتعددة في العالم. ويصاب حوالي 32 ألف شخص هناك بالسل النشط كل عام، وحوالي ثلث جميع حالات السل الجديدة مقاومة للأدوية.

كما أن 22% من المصابين بالسل، مصابون أيضًا بفيروس نقص المناعة البشرية. كما أن السل هو السبب الرئيسي للوفاة بين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في أوكرانيا.

وينشأ السل المقاوم للأدوية عندما لا يلتزم الناس بنظامهم الشاق من الأدوية اليومية.

وأضحت هيذر بابوفيتز، مديرة الحوادث بمنظمة الصحة العالمية في أوكرانيا، أن "المصاب بالسل أو فيروس نقص المناعة البشرية لن يكون لديه الوقت الكافي للحصول على علاجه، إذ بالكاد يكون لديه الوقت لإحضار أطفاله والركض هربًا من الصواريخ".

من جهتها، حذّرت الدكتورة ديتيو من أن الانقطاع في العلاج "سيؤدي إلى السل المقاوم للأدوية، بما في ذلك السل المقاوم للأدوية المتعدّدة"، مضيفة أنه بعد 5 سنوات من عدم العلاج، يمكن أن يموت 50% من الأشخاص المصابين بالسل الرئوي. وفي الوقت نفسه، تنتشر العدوى بين المحيطين بالمريض".

وبالفعل، انخفض تشخيص حالات السل وعلاجها بنحو 30% خلال جائحة كوفيد-19 خلال عامي 2020 و2021، مما أدى إلى زيادة انتقال العدوى.

الإيدز

إن الحصول على علاجات فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز معرّض للخطر في أوكرانيا، التي تتحمل ثاني أكبر معدل لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز في أوروبا الشرقية. وهناك نحو 1% من السكان مصابون بالمرض، لكن هذا الرقم أعلى بكثير في المجموعات المعرضة للخطر.

وقال رامان هيليفيتش، المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز: "بالنظر إلى طبيعة فيروس نقص المناعة البشرية، فإن العلاج ينقذ الحياة".

ويمكن للعلاج المضاد للفيروسات الرجعية أن يبقي فيروس نقص المناعة البشرية تحت السيطرة، ويبقي الدفاعات المناعية قوية للحماية من العدوى الانتهازية، مثل السل، ويمنع انتقال العدوى من الأم إلى الطفل.

إذا تم تناول العلاج المضاد للفيروسات القهقرية باستمرار، فيمكنه كبح الحمل الفيروسي إلى مستويات منخفضة بحيث لا يستطيع الشخص نقل فيروس نقص المناعة البشرية.

وأوضح هيليفيتش أن أوكرانيا واجهت قبل الحرب تحديًا في توفير العلاج المضاد للفيروسات العكوسة، وقد ضاعفت الحرب من تلك التحديات".

عام 2020، سجّلت أوكرانيا حوالي 260 ألف إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. ومن بين هؤلاء، كان 69% فقط يدركون إصابتهم، و57% منهم كانوا يتلقون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، و53% تمكنوا من قمع الفيروس، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز.

وقالت فاليريا راشينسكا، عضو الشبكة الأوكرانية للأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز: "كانت البلاد تحرز تقدمًا، لكن هذه الحرب يمكن أن تعيدنا عشر سنوات إلى الوراء مرة أخرى".

ووسط القصف العشوائي، قد لا يتمكن الناس من الحصول على أدويتهم. وقال هيليفيتش: "حتى لو وصل المصاب إلى منشأة طبية، قد لا يكون الدواء متوافرًا".

وأوضحت راشينسكا: "قد يكون لدى الأشخاص الفارين إلى بر الأمان إمدادات من الأدوية لمدة شهر واحد، أو أسبوعين أو أقل"، مضيفة أن أولئك الذين لا يستطيعون الانتقال إلى مكان آمن، وأولئك الذين يعيشون في الأراضي التي تحتلها روسيا، هم الأكثر ضعفًا.

ووفقًا لخطة الرئيس الأميركي جو بايدن الطارئة للإغاثة من الإيدز، كانت هناك مساع لنقل إمدادات الطوارئ جوًا إلى مستودع في بولندا، ومن هناك، ستنقل بالشاحنات إلى المرافق الطبية الأوكرانية.

وقالت راشينسكا: "على الرغم من أن البلاد لديها إمدادات طبية من العلاج بالبدائل الأفيونية (OST) حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إلا أن المرضى في خاركيف أو ماريوبول أو في منطقة يسيطر عليها الروس، من غير المرجح أن يحصلوا عليها، لأن روسيا لا توافق على استخدام هذا العلاج".

ونصحت شبكة راشينسكا، التي نقلت مكاتبها من كييف إلى غرب أوكرانيا، عملاءها ألا يخافوا من الكشف عن إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية عند عبورهم إلى دول أوروبية أخرى، وأن يذهبوا إلى المستشفيات ويطلبوا أدويتهم.

وحذّر بابوفيتز من أن "كل ما يحدث في أوكرانيا يؤثر أيضًا على البلدان الأخرى التي يلجأ إليها السكان، لذا فهي أزمة إقليمية حقيقية".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close