يستنفر "حزب الله" اللبناني لتشييع أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، في مأتم مهيب ينظّمه يوم الأحد، ويسعى ليكون "تاريخيًا"، ويلتحق بقائمة أكبر الجنازات في التاريخ الحديث.
واغتيل نصرالله وصفي الدين إضافة إلى عدد كبير من قادة "حزب الله" الآخرين خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وتقول اللجنة المنظّمة للحدث في "حزب الله"، إنّ وفودًا رسمية وشعبية من 79 دولة ستُشارك في التشييع، الذي قد يحمل دلالات في السياسة، بعدما حوّله الحزب إلى ما يشبه الاستفتاء.
لكن، حتى يدخل الحدث التاريخ، ويلتحق بقائمة أكبر الجنازات، فإنّه يتطلّب مشاركة الملايين، علمًا أنّ العرب ليسوا خارج القائمة، التي تضمّ مثلاً الزعيم جمال عبد الناصر، وكوكب الشرق أم كلثوم.
فما هي أكبر الجنازات في العالم؟
وإن اختلفت مكانة المُشيَّعين السياسية والاجتماعية والفنّية، إلا أنّ هذه الجنازات أثبتت أنّ ذكرى بعض الأشخاص تبقى خالدة حتى بعد رحيلهم عن الحياة.
1- السياسي الهندي سي إن أنادوراي
منذ 56 عامًا، لا يزال الزعيم السياسي الهندي سي إن أنادوراي يتربّع على عرش قائمة موسوعة غينيس للأرقام القياسية للجنازة الأكبر في التاريخ.
تُوفي أنادوراي في 3 فبراير/ شباط 1969 بعد صراع طويل مع مرض سرطان المريء لشدة إدمانه على مضغ التبغ. وشارك في تشييعه نحو 15 مليون شخص من أصل نحو 500 مليون نسمة في الهند آنذاك.
وكان أنادوراي كبير وزراء ولاية تاميل نادو (مدراس). وحظي باحترام وتقدير كبيرَين من شعبه، نظرًا لكونه متحدثًا باسمهم بينما ساهم في تكريس اللغة التاميلية كلغة رسمية.
وعزا محلّلون ضخامة جنازته إلى ميل الهنود عمومًا للمشاركة في الجنازات والمآتم، ناهيك عن أنّه توفي في عام كان عدد سكان ولايته قد بلغ 50 مليونًا.
2- مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران روح الله الخميني
تُعتبر جنازة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني أكبر جنازة في إيران، حيث شارك في تشييعه 10 ملايين و200 ألف شخص.
تُوفي الخميني في الثالث من يونيو/حزيران 1989 عن عمر ناهز 89 عامًا، بعد أن أمضى 11 يومًا في مستشفى خاص بالقرب من إقامته في جماران بطهران الكبرى، عقب إصابته بخمس نوبات قلبية خلال 10 أيام.

وتقدّر مصادر أخرى سبب وفاته على أنّه نزيف في الجهاز الهضمي.
3- الزعيم المصري جمال عبد الناصر
بعد اختتام قمة جامعة الدول العربية في 28 سبتمبر/ أيلول 1970، تُوفي رئيس الجمهورية المصري الأسبق جمال عبد الناصر إثر تعرّضه لنوبة قلبية.
وشكّلت وفاته حالة من الصدمة في العالم العربي، حيث بكاه الرجال والنساء والأطفال، وصرخوا في الشوارع بعد سماع خبر وفاته، إذ كان يُنظر إليه باعتباره رمزًا للكرامة والوحدة العربية والجهود المناهضة للإمبريالية.
أُقيمت جنازته في الأول من اكتوبر/ تشرين الأول 1970، حيث شارك فيها ما بين 5 إلى 7 ملايين شخص. كما قُدّر عدد متابعي جنازته عبر التلفاز بحوالي 350 مليون شخص حول العالم.

وحضر الجنازة غالبية رؤساء وملوك الدول العربية، إلى جانب عدد من الشخصيات غير العربية، أبرزها رئيس الوزراء السوفياتي آنذاك أليكسي كوسيغين ورئيس الوزراء الفرنسي آنذاك جاك شابان دلماس.
ويذكر الكاتب الفلسطيني سعيد أبو الريش في كتابه "جمال عبدالناصر.. آخر العرب" أنّ الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال ورئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" الراحل ياسر عرفات بكيا علنًا، بينما أُغمي على الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي جراء الاضطراب العاطفي مرتين.
4- "كوكب الشرق" أم كلثوم
يُمكن القول إنّ أم كلثوم هي الفنانة الوحيدة في العالم التي شارك في تشييعها الملايين.
وتُوفيت "كوكب الشرق" أم كلثوم، واسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، في 3 فبراير/شباط 1975 عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد معاناة مع مرض التهاب الكلى.

وشارك في تشييع جثمانها أكثر من 4 ملايين شخص انطلقوا من مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير، وسط بكاء ونحيب محبيها الذين ضاقت بهم شوارع العاصمة المصرية القاهرة.
5- البابا يوحنا بولس الثاني
في 2 ابريل/ نيسان 2005، تُوفي بابا الفاتيكان رقم 264 يوحنا بولس الثاني عن عمر ناهز الـ84 عامًا.
اختير في عام 1978 ليكون بابا الفاتيكان، وأول بابا غير إيطالي يتقلّد هذا المنصب منذ 456 عامًا. وكان يبلغ من العمر آنذاك 58 عامًا.
تدهورت صحة البابا نتيجة لأمراض الشيخوخة من جهة، ولمعاناته الدائمة من تداعيات محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان في 13 مايو/أيار 1981.

وشارك في جنازته التي أُقيمت في 9 أبريل/ نيسان 2005، بين 2 إلى 4 ملايين شخص. كما حضر مراسم الجنازة 4 ملوك و5 ملكات، وما لا يقلّ عن 70 رئيس جمهورية ورئيس وزراء، إلى جانب ممثلين عن 15 ديانة مختلفة حول العالم.
6- الأميرة البريطانية ديانا
كما في حياتها كذلك في مماتها، شكّلت أميرة ويلز الراحلة ديانا حالة استثنائية في مدى قرب الطبقة الحاكمة من الشعب، ما أكسبها لقب "أميرة الشعب".
تُوفيت الأميرة ديانا في 31 أغسطس/ آب 1997، بعد حادث سيارة في نفق بالعاصمة الفرنسية باريس، وسط شكوك حول كون الحادث مدبّرًا نظرًا لكونها كانت قد انفصلت عن الأمير تشارلز قبل عام، ومزاعم عن ارتباطها بعلاقة عاطفية مع رجل الأعمال المصري البريطاني عماد الفايد المُلقّب بـ "دودي".

شارك في جنازتها التي أُقيمت في 6 سبتمبر/أيلول 1997، نحو 3 ملايين شخص من أصل 58 مليون نسمة في المملكة المتحدة آنذاك. كما تابع الجنازة أكثر من 2.5 مليار شخص حول العالم عبر التلفاز.
ويوم جنازتها، قامت الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية بما وُصف "أكبر خرق للبروتوكول"، عندما وقفت مع عائلتها أمام بوابات قصر باكنغهام، ولدى مرور موكب جنازة ديانا أحنت الملكة رأسها تكريمًا للأميرة الراحلة.
7- أسطورة "الفورمولا وان" آيرتون سينا
اعتُبر سائق "الفورمولا وان" البرازيلي، آيرتون سينا أحد أعظم سائقي رياضة سباق السيارات في التاريخ.
تُوفي آيرتون سينا بعد حادث مروّع حيث اصطدمت سيارته بحاجز إسمنتي خلال سباق الجائزة الكبرى في سان مارينو في إيطاليا في مايو/ أيار 1994.

وحضر جنازة أسطوة الفورمولا وان التي أُقيمت في 5 مايو من العام نفسه، نحو 3 ملايين شخص، حيث امتلأت شوارع البرازيل من الجانبين بالألوف، بينما أقامت الطائرات عرضًا جويًا تقديرًا له، فيما أُعلن الحداد 3 أيام حزنًا على وفاته.