الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

بين ادعاءات روسيا "المجنونة" وحكم "الرجل العجوز".. ماذا يجري في كازاخستان؟

بين ادعاءات روسيا "المجنونة" وحكم "الرجل العجوز".. ماذا يجري في كازاخستان؟

Changed

انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى مدينة ألماتي العاصمة الاقتصادية لكازاخستان وكبرى مدنها
انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى مدينة ألماتي العاصمة الاقتصادية لكازاخستان وكبرى مدنها (غيتي)
تقع كازاخستان في قلب ما اصطُلح على تسميته بـ"أوراسيا"، مع ما يحمله الاسم من مدلولات جغرافية واقتصادية وسياسية، وسط الصراع بين روسيا وأميركا.

تستقطب كازاخستان، التي عُرفت باستقرارها وصلابة نظامها، أنظار العالم. فالدولة الشيوعية السابقة لم تشهد مظاهرات منذ زمن بعيد، ولا سيما وأن الاحتجاجات تُعدّ غير قانونية فيها ما لم يقدم منظموها إشعارًا مسبقًا.

وخلال الأيام الماضية، اتّسعت رقعة احتجاجات انطلقت غرب البلاد ثاني أيام العام الجديد، ردًا على ارتفاع أسعار الوقود، فسجّلت سقوط قتلى وجرحى. 

ولم يلبث الرئيس قاسم جومارت توكاييف أن أجرى بعض الإصلاحات، حتى اعتبر ما يحصل في البلاد عملًا عدوانيًا، وطلب من التحالف العسكري الذي تتزعمه روسيا التدخل لمساعدة بلاده في مواجهة ما وصفه بـ"التهديد الإرهابي".

أما موسكو، التي رأت في الأحداث محاولة خارجية لتقويض أمن الدولة بالقوة، فقد ندّد البيت الأبيض بتحميلها واشنطن المسؤولية المفترضة عن أعمال الشغب التي تهزّ كازاخستان.

وأكد أن "الادّعاءات المجنونة من جانب روسيا.. غير صحيحة على الإطلاق"، وتفضح "استراتيجية التضليل الروسية".

قلب أوراسيا

تقع كازاخستان في قلب ما اصطُلح على تسميته بـ"أوراسيا"، مع ما يحمله الاسم من مدلولات جغرافية واقتصادية وسياسية. 

تحدّها من الشمال روسيا، ومن الشرق الصين، أما من الغرب فتطلّ على بحر قزوين الغنيّ بالنفط والغاز، والذي كان للاتحاد السوفياتي نصيب الأسد من مشاطأته قبل انهياره.

إلى ذلك، تُعدّ البلاد أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى، وكانت قد شهدت نموًا كبيرًا في الماضي. فهي إلى جانب إنتاج النفط تُعد أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وتمتاز بوفرة كميات المعادن ومنها المنغنيز والحديد والكروم.

غير أن البلاد تضرّرت عام 2014 من جرّاء هبوط أسعار النفط، الذي تعتمد عليه كثيرًا.

حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، عاش الشعب الكازاخستاني بدءًا من عام 1936 ضمن جمهورية اشتراكية سوفياتية، على أرض شهدت ولادة أول دولة منتصف القرن الخامس عشر.

وبانفراط عقد المعسكر الشيوعي، حافظت كازاخستان على علاقات وطيدة مع موسكو، بخلاف دول شيوعية سابقة تقاربت تباعًا مع الغرب إلى حدّ العداء مع روسيا على غرار أوكرانيا.

ويُعد نور سلطان نزارباييف أول رئيس لكازاخستان بعد استقلالها. وبعدما حكم البلاد بقبضة من حديد لما يقرب الثمانية عشرة عامًا، تنحّى ليخلفه قاسم جومارت توكاييف. 

ولم ينسحب نور سلطان، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من المشهد السياسي، حيث احتفظ بمنصب رئيس مجلس الأمن القومي.

ويُعتقد بأنه الحاكم الفعلي لكازاخستان، تاسع أكبر دولة في العالم، حيث ردّد المحتجون الذين طالبوا بإسقاط الحكومة بـ"رحيل الرجل العجوز" في إشارة إليه. فأعلن توكاييف أمس الأبعاء أنه بات هو من يتولى رئاسة المجلس.

طلب مساعدة الروس

مع زيادة حدة الاحتجاجات، التي انتقلت شرارتها إلى مدينة ألماتي، العاصمة الاقتصادية لكازاخستان وكبرى مدنها، استدعت التطورات تدخل الجيش لـ"فرض النظام"، فيما مُنع الولوج إلى تطبيقات واتساب وتيليغرام وفيسبوك.

وكانت أعمال العنف قد تصاعدت، فشهدت أحداث نهب محلات تجارية واستيلاء محتجين على مطار ومقار رسمية وأمنية ثم قيامهم بإحراقها.

وعلى الأثر وسع توكاييف، الذي أعلن قبول استقالة الحكومة وأمر بإعادة أسعار الغاز المسال إلى الحد الأدنى وتوسيعها لتشمل البنزين والديزل، حالة الطوارئ وشدد الوجود الأمني في العاصمة نور سلطان، كما تم نشر مدرعات وشاحنات عسكرية.

إلى ذلك، عُلقت حركة الطيران من وإلى البلاد، في وقت أعلنت البنوك توقف خدماتها مؤقتًا. 

وطلب توكاييف من منظمة إقليمية عسكرية تقودها روسيا التدخل لمساعدة بلاده في مواجهة ما وصفه بـ"التهديد الإرهابي".

وقال: إن العصابات الإرهابية هي عصابات دولية تلقت تدريبات مكثفة في الخارج، ويجب اعتبار هجومها على كازاخستان عملًا عدوانيًا.

وصباح اليوم، وصلت كتيبة قوات "حفظ سلام" تتبع منظمة "معاهدة الأمن الجماعي"، التي تضم روسيا وحلفائها، وتعد حلفًا سياسيًا وعسكريًا.

ضمّت الكتيبة وحدات روسية وبيلاروسية وأرمنية وطاجيكستانية وقرغيزستانية. وأشار بيان للتحالف العسكري إلى أن هدفها هو "حماية منشآت الدولة والمنشآت العسكرية"، و"مساعدة قوات حفظ النظام الكازاخستانية على إحلال الاستقرار وإعادة دولة القانون"، بحسب بيان للتحالف العسكري.

وبموازاة مظاهر الانتشار العسكري لقوات التحالف في الشوارع، أعلنت شرطة كازاخستان القضاء على العشرات ممّن سمتهم بـ"مثيري الشغب".

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close