الإثنين 25 مارس / مارس 2024

بين اغتيال واعتزال.. أدوار مختلفة كتبت نهايات رؤساء حكومات لبنان

بين اغتيال واعتزال.. أدوار مختلفة كتبت نهايات رؤساء حكومات لبنان

Changed

تقرير لـ "العربي" حول الأسباب التي أدت إلى انكفاء الحريري عن المشهد السياسي (الصورة: غيتي)
تناوبت منذ 1943 على رأس الحكومة في لبنان 26 شخصية قضى بعضها اغتيالًا، وخرق العرف المتّبع فيها المارونيان فؤاد شهاب وميشال عون.

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري تعليقه المشاركة في الحياة السياسية وعزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المرتقبة في مايو/ أيار المقبل، وسط أزمات مالية وسياسية تعصف بالبلاد.   

وطرحت خطوة الحريري الذي شكّل أولى حكوماته عام 2009، بعد ما يقرب الأربع سنوات من دخوله الندوة البرلمانية، واستقال على رأس حكومته الثالثة بمضي 13 يومًا من اندلاع احتجاجات 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، تساؤلات عمّا إذا كان يزمع الانسحاب نهائيًا من المعترك السياسي، وعن هوية من سيخلفه في التركيبة المحلية القائمة على التوازنات الطائفية.

وكان منصب رئاسة الحكومة في لبنان قد أُنشئ عام 1926 إبان الانتداب الفرنسي، وشكل الحكومة الأولى ماروني اسمه أوغست باشا أديب، غير أن عرفًا غير مكتوب كرّسه بعد نيل الاستقلال "الميثاق الوطني" أسند هذه المهمة إلى سني. 

وعلى هذا الأساس تناوبت منذ 1943 على رأس الحكومة 26 شخصية، خرق العرف المتّبع فيها المارونيان فؤاد شهاب وميشال عون عندما شكلا حكومتين عام 1952 و1988.   

وبمقاربة عمر الحكومات التي شُكلت، في ضوء تأثير العوامل الداخلية والخارجية على الاستقرار السياسي في لبنان، تبرز عهود حكومية متباينة إن من حيث الأداء أو العلاقة مع قصر الرئاسة الأولى أو الدور الذي أُنيط بها من الأساس.

فحكومة نور الدين الرفاعي على سبيل المثال هي الأقصر عمرًا، إذ لم تصمد بعد تشكيلها عقب اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 سوى أيام فقط، ومثلها حكومة ناظم عكاري التي استقالت خلال أيام وسط الأجواء المحتقنة في نهاية عهد رئيس الجمهورية بشارة الخوري.

وبانتهاء العهود وتبدّل الوجوه، كان خروج بعض الشخصيات من موقع رئاسة الحكومة فترة مستقطعة قبل العودة على رأس تشكيلة جديدة، أو فرصة لمتابعة العمل السياسي من خلال الندوة البرلمانية، أو الانكفاء عن لعب أي دور مباشر عبر السلطات السياسية. 

وبينما طالت الاغتيالات رؤساء حكومات أثناء توليهم مناصبهم أو بعد ذلك، برزت الوراثة السياسية على مستوى هذا المنصب الأساسي في النظام اللبناني.

حكومات عدّة

عُهد بتشكيل غالبية الحكومات إلى شخصيات عُرفت بنشاطها الأكاديمي والسياسي أو لانتمائها إلى بيوت سياسية. 

وبينما شكل بعض هؤلاء حكومة واحدة على غرار عبد الحميد كرامي وهو أحد رجالات الاستقلال، وسعدي المنلا الذي كان قد عُين وزيرًا في حكومتي سامي الصلح، رأس آخرون عدة حكومات ومنهم رياض وسامي الصلح، وسليم الحص. 

وكان لعبد الله اليافي الرقم القياسي في تشكيل الحكومات، إذ رأس 11 حكومة بين عامي 1938 و1969.

عودة إلى البرلمان

من رؤساء الحكومات من غادروا مقرّاتهم وعادوا إلى مقاعد مجلس النواب، التي كانوا قد شغلوها أو انتخبوا لاحقًا عنها.

فسعدي المنلا الذي كُلف بتشكيل حكومة وحيدة عام 1946 كان في حينه نائبًا عن لبنان الشمالي، ثم انتخب عام 1951 نائبًا عن مدينة طرابلس. 

ورئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، الذي كان قد شكّل حكومة أولى عام 2005 لإدارة الانتخابات عقب اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري وكان حينها نائبًا، تولى حكومة ثانية عام 2011، فثالثة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي. وهو نائب منتخب منذ عام 2009. 

أما الرئيس شفيق الوزان، الذي كُلف بتشكيل حكومتين في ثمانينيات القرن الماضي، فلم يترشح عن المقعد الانتخابي الذي شغله بين العامين 1968 و1972، ولم يتسلم أي حقائب وزارية بعد خروجه من الحكومة، وفق ما يظهره موقع رئاسة الحكومة الإلكتروني.

اغتيالات 

نالت الاغتيالات من 3 رؤساء حكومات في لبنان. فقد اغتيل رياض الصلح في عمان في 16 يوليو/ تموز 1951، بعد إطلاق نار استهدف سيارته. كان حينها خارج الحكومة، ومنتخبا حديثًا نائبًا للمرة الثالثة في البرلمان.  

بدوره، اغتيل رشيد كرامي خلال توليه مهامه رئيسًا للحكومة اللبنانية، وكان ذلك مطلع يونيو/ حزيران 1987 عندما انفجرت عبوة وضعت تحت مقعده في طوافة عسكرية.

أما رفيق الحريري، فقد اغتيل بتفجير ضخم هزّ العاصمة بيروت في 14 فبراير/ شباط 2005، عقب قرابة أربعة أشهر على تنحيه عن رئاسة الحكومة.

الوراثة السياسية

بناء على الدور السياسي ومنظومة القيم المجتمعية، اضطلعت شخصيات تربطها صلات قرابة بمراكز متقدمة من النظام السياسي.

وفي رئاسة الحكومة كان عبد الحميد كرامي، ولاحقًا نجله رشيد، ومن بعد رشيد شقيقه عمر كرامي. ورأس الحكومة أيضًا، ولست مرّات، صائب سلام بين العامين 1952 و1973، قبل أن يعتزل المناصب السياسية على أعتاب عقده السابع. 

ثم اختير نجله تمام رئيسًا للحكومة عام 2014، بعد أن كان عين وزيرًا في حكومة سابقة وانتخب نائبًا عن بيروت في عدة دورات برلمانية، غير أنه أعلن أخيرًا عزوفه عن الترشح للانتخابات المقبلة.  

إلى ذلك، شهدت الفترة التي تلت اغتيال رفيق الحريري ظهور نجله سعد على الساحة السياسية، فانتخب منذ صيف عام 2005، وفي دورات نيابية متعاقبة، نائبًا عن بيروت، وألفّ ثلاث حكومات قبل أن يعلن أخيرًا عزوفه عن الترشح وتعليق مشاركته في الحياة السياسية.

نادي رؤساء الحكومات السابقين

ظهرت التسمية خلال السنوات الماضية بعدما عكف رؤساء الحكومات السابقون: فؤاد السنيورة، ونجيب ميقاتي، وتمام سلام، وانضم إليهم في فترة معينة سعد الحريري، على الاجتماع لتدارس التطورات في لبنان، وإطلاق مواقف موحدة إزاءها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close