الأحد 18 مايو / مايو 2025
Close

بين القمع والمؤامرة.. ما خلفيات أحكام القضاء بحق المعارضين في تونس؟

بين القمع والمؤامرة.. ما خلفيات أحكام القضاء بحق المعارضين في تونس؟

شارك القصة

أكدت أحزاب سياسية معارضة أن الأحكام "انتقامية وغير مسبوقة"
أكدت أحزاب سياسية معارضة أن الأحكام "انتقامية وغير مسبوقة" - غيتي
الخط
لا تكاد خطابات الرئيس قيس سعيّد تخلو من توجيه اتهامات متكررة لمعارضيه، والإشارة إلى مؤامرة يتعرض لها نظامه.

لم تكن هادئة عطلة نهاية الأسبوع في تونس، فالأحكام الثقيلة بالسجن التي صدرت في ساعة مبكرة من فجر السبت الماضي، ضد قادة بارزين من المعارضة بتهمة التآمر على أمن الدولة فجّرت مجددًا الجدل والنقاش بشأن تدهور مناخ الحريات في البلاد، في ظل اتهامات بإخضاع الجهاز القضائي للسلطة التنفيذية.

الأحكام السجنية التي تراوحت بين 13 و66 عامًا، قالت عنها هيئة الدفاع عن المعتقلين إنها "سياسية"، ملوحة بالطعن، فيما وصفتها منظمة العفو الدولية بـ"المهزلة".

خطابات رئاسية متكررة بشأن المؤامرة

وأكدت أحزاب سياسية معارضة أنها "انتقامية وغير مسبوقة"، وذلك بعد محاكمة وصفت بالصورية ولم يسمح فيها للمتهمين بالحضور إلى المحكمة، كما لم يسمح للمحامين بالترافع.

ويفاقم الخطاب الرئاسي في البلاد من تلك المخاوف، إذ لا تكاد خطابات الرئيس قيس سعيّد تخلو من توجيه اتهامات متكررة لمعارضيه، والإشارة إلى مؤامرة يتعرض لها نظامه.

فالرئيس الذي فاز قبل أشهر قليلة بدورة رئاسية ثانية، منع فيها أبرز منافسيه من الترشح، اتهم قبل أيام قليلة فقط جهات لم يسمها بدفع أموال من الخارج لإشعار نار الفتنة في البلاد.

بعد حادثة المزونة جدد الرئيس قيس سعيّد اتهاماته بوجود "مؤامرة" - غيتي
بعد حادثة المزونة جدد الرئيس قيس سعيّد اتهاماته بوجود "مؤامرة" - غيتي

وجاءت اتهامات الرئيس بعد موجة احتجاجات في محافظة سيدي بوزيد بسبب حادث سقوط جدار مدرسة ما أدى إلى مقتل ثلاثة تلاميذ، وهو خطاب ترى فيه قوى المعارضة هروبًا مستمرًا من الرئيس قيس سعيّد من مواجهة الأزمات المتتالية في البلاد.

"إلغاء المعارضة"

وفي هذا الإطار، يرى الكاتب الصحفي صلاح الدين الجورشي أن "المحاكمة ذات طابع سياسي، حيث توقّع المراقبون صدور أحكام مشددة، ما يؤكد استهداف المعارضة والسعي إلى إقصائها من المشهد السياسي، والإبقاء على أصوات ضعيفة فقط".

ويضيف الجورشي، في حديث إلى التلفزيون العربي من تونس، أن "رئيس الدولة يرى أن أي تحالف من المعارضة يُعد تآمرًا على الدولة، ومن هذا المنطلق، أصبح القضاء وسيلته لمحاربة خصومه من المعارضة".

ويشير إلى أن "هدف المحاكمة هو التأثير على بقية الأطراف الأخرى في تونس، التي دخلت في حالة من الكمون أو الخوف بسبب غياب الحوار، والذي تم اختزاله في شخصيات تتوافق مع السلطة في 80% من أفكارها".

ومضى قائلًا: "هناك تهديد للأمن القومي، ولا سيما في ظل غياب التوافق بين الرئيس والأطراف السياسية حول المفاهيم، حيث يُصنَّف أي صوت معارض على أنه تآمر على الدولة ورئيسها".

ويخلص الجورشي إلى أن "المحاكمة تفتقر إلى مرتكزات قانونية ووثائق، ما يعني أن صورة تونس قد تشوّهت في الخارج، حتى لدى الدول التي لا تزال تتعامل معها".

"لا دلائل على المعتقلين"

بدوره، يقول عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، مختار الجماعي، إن "المحاكمة في أصلها قضية سياسية بامتياز، وإن كان المعتقلون يسعون إلى إسقاط قيس سعيّد، فليس في ذلك عيب، لأن هذا الأخير لا يريد وجود منافس له في البلاد"، حسب قوله.

ويضيف الجماعي، في حديث إلى التلفزيون العربي من تونس: "الملف خالٍ من أي دليل، ولذلك نتحدث عن انعدام الضمانات القانونية للمعتقلين".

ويشير إلى أن "رئيس الدولة يتحدث عن مسائل هلامية، ولم يتمكن من تحسين الوضع الاقتصادي، وفي ظل هذا الفشل، بات يوجه التهم إلى المعارضة، من تآمر وتخابر، خاصةً أنه يُمسك بجميع الأجهزة والمؤسسات في البلاد".

ويقول: "حتى اليوم، لم يتمكن قيس سعيّد من تقديم أي دليل كافٍ وقاطع يثبت اتهامات المؤامرة الموجّهة إلى المعتقلين السياسيين، لا سيّما أنه لم يتم إحضارهم إلى قاعة المحكمة، خشية أن يدافعوا عن أنفسهم ويردّوا على الافتراءات المتعلقة بوجود أسلحة أو مخططات أو تقديم عطايا".

ويضيف: "لقد ضاق الأمر بالمحكمة والسلطة السياسية في تونس، ما دفعهما إلى إطلاق تلك التهم بحق المعتقلين السياسيين".

"المحاكمة في صالح تونس"

من جانبه، يرى المتحدث باسم تحالف الأحرار، أحمد الهمامي، أن "هذه الأحكام ذات طابع سياسي بطبيعة الحال، لا سيما أن الشخصيات التي تُحاكَم هي شخصيات سياسية".

ويضيف الهمامي، في حديث إلى التلفزيون العربي من تونس: "المتورطون في التآمر على أمن الدولة سَعَوا إلى تأجيج الرأي العام، وخطّطوا لجلب الأسلحة، خصوصًا أنه تم العثور على وثائق في منزل أحد المتهمين"، حسب قوله.

وأردف: "لقد تم ضبط أجهزة حواسيب وهواتف لدى المعتقلين، إلى جانب مخطط مكتوب يتضمن تفاصيل كاملة حول تهريب السلاح من خارج البلاد إلى داخلها".

واستدرك الهمامي قائلًا: "المحاكمة الجارية بحق هؤلاء المعتقلين تصبّ في مصلحة تونس، ولا بد من معاقبتهم"، حسب رأيه.

وختم بالقول: "السلطة القضائية مستقلة، والمحكمة تعمل حاليًا على التحقيق في محاولات استمالة قادة في الجيش للانضمام إلى المتهمين في قضية التآمر، التي تضمّ أساسًا أطرافًا عديدة".

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة