بين صواريخ إيران وردّ إسرائيل.. أيّ سيناريوهات للمواجهة وتداعياتها؟
على إيقاع الترقب وارتفاع التصعيد في المنطقة مع توسيع تل أبيب نطاق "المناورة البرية" في جنوب لبنان عبر إدخال قوات إضافية، تقول إذاعة الجيش الإسرائيلي إنَّ "هجومًا جديًا وكبيرًا على إيران ممكن"، وسيكون بمشاركة واسعة من الدول الشريكة في المنطقة دون تسميتها بوضوح.
ووسط حديث الحرب، تؤكد صحيفة "هآرتس" العبرية أن الولايات المتحدة ودولًا أوروبية تحاول منع إسرائيل من استهداف ومهاجمة منشآت نفطية إيرانية.
وتؤكد منصات إسرائيلية أنّ قائد القيادة الوسطى المركزية في الجيش الأميركي وصل إلى تل أبيب لبحث تنسيق الهجوم المحتمل على إيران.
واشنطن على شفا الحرب
ولم يعد الكلام يدور حول السؤال عن زمان الحرب، بل مكان وقوعها، وبين متى وأين؟ ويتردد في البنتاغون نقاش عما إذا كان إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط يساعد في منع الحرب أم يزيد في اشتعال جذوتها.
وهنا يشار إلى أنَّ واشنطن باتت تقف على شفا حرب أوسع نطاقًا قد لا تتمكن أو لا ترغب في وقفها، بوجود ما تسميه إسرائيل فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وفقًا لموقع "بلومبرغ".
ويؤكّد الرئيس الأميركي أنَّ فرض عقوبات على إيران موضوع على الطاولة، حاثَّا تل أبيب على التفكير في بدائل أخرى غير ضرب حقول النفط الإيرانية.
وأمام هذا، تخلي فصائل عراقية مسلحة مقراتها في بغداد ومدن عدة كإجراء احترازي تحسُّبًا لضربة إسرائيلية أو أميركية، وفقًا لما أفادت به مصادر للتلفزيون العربي.
ومن دمشق، قال وزير الخارجية الإيراني: "إنّ أيّ فعل تجاه طهران سيكون له رد فعل إيراني مماثل وربما أقوى"، مؤكدًا أنَّ الحديث عن مبادرات وقف إطلاق النار ما يزال في مرحلة الأفكار الأولية.
رسائل الرد الإسرائيلي
وفي هذا السياق، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري أن إسرائيل تنشط على جبهات عديدة في لبنان وقطاع غزة واليمن، وتحاول أن تصور نفسها بأنها منغمسة في خضم حرب إقليمية واسعة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الناصرة، يرى خوري أن الرد على الهجوم الإيراني هو القضية الأبرز، لافتًا إلى الضغوط الخارجية التي تُمارس على إسرائيل ولا سيما لجهة الأبعاد الاقتصادية لأي استهداف محتمل لمنشآت النفط الإيرانية.
ويلاحظ خوري أن الرئيس الأميركي جو بايدن صرّح بأنه لم يكن ليستهدف المنشآت النفطية الإيرانية لو كان في مكان إسرائيل.
كما يرى خوري أن الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني سيكون مختلفًا عن الرد السابق في أبريل/ نيسان الماضي، مشيرًا إلى أن إيران أطلقت صواريخ باليستية استهدفت أنحاء مختلفة من إسرائيل وتسببت في أضرار في قواعد عسكرية، مما يستوجب ردًا إسرائيليًا بحجم مماثل.
ويقول خوري: "أعتقد أن إسرائيل ستحاول إرسال رسالة منذ 17 سبتمبر/ أيلول، مفادها أنها تمتلك بنك أهداف كبيرًا، وأن هناك إمكانية لتوجيه ضربات في عمق إيران كما فعلت في لبنان واليمن".
ويرجح خوري في الوقت نفسه أن حجم الدمار الذي ستحدثه الضربات الإسرائيلية على إيران لن يكون كبيرًا، لكنه يرى أن مواقع الاستهداف ستختار بعناية، بحيث تحمل رسالة مفادها "أن بإمكانها ضرب أهداف أكبر". كما تسعى إسرائيل إلى التأكيد أن هذا الرد لن يكون الخط النهائي في بنك أهدافها، وفقًا للباحث والخبير في الشأن الإسرائيلي.
حدود الرد الإسرائيلي على إيران
من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري أن إسرائيل تريد أن "تردع إيران عن استخدام أسلحة أكثر قدرة على إيذاء إسرائيل".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الدوحة، يعتبر البراري أن نتنياهو كان يسعى منذ البداية لمواجهة مع إيران لعل الولايات المتحدة تدخل "طرفًا" وتقوم بهذه المهمة "القذرة" نيابة عن إسرائيل.
ويلفت إلى أن إسرائيل تتفرد في الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، معتبرًا أن الائتلاف الحاكم في إسرائيل يرى أنها فرصة حاسمة لترجمة المخططات الصهيونية على أرض الواقع.
كما يريد هذا الائتلاف وعلى رأسه نتنياهو أن ينجو سياسيًا من الملاحقة القضائية، بحسب البراري، الذي يعتبر "أن البوابة الإيرانية لن تمنح نتنياهو النصر المطلق الذي يصبو إليه".
ويشير البراري إلى أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت القرار بالرد على الهجوم الإيراني، لافتًا إلى أن حدود الرد ترتبط بعاملين؛ أولهما أن "يكون متناسبًا مع الهجوم الإيراني"، أمّا العامل الثاني والأهم، فهو الموقف الأميركي، الذي يرفض استهداف المنشآت النووية والنفطية، بحسب البراري.
ويقول البراري: "إن على نتنياهو أن يأتي برد يلبي طموح إسرائيل باستعادة الردع، لكنه في الوقت نفسه، لا يستفز إيران لرد مماثل أو أكثر صعوبة ويدفع المنطقة إلى حافة الهاوية".
واشنطن تلتزم بالدفاع عن حليفتها
وبشأن الموقف الأميركي، يؤكد المخطط الاستراتيجي في الحزب الديمقراطي والمستشار السابق للرئيس بيل كلنتون، ريتشارد غودستين، أن الولايات المتحدة هي حليف كبير لإسرائيل وهي تمدها بالأسلحة وتريد أن تعرف كيفية استخدامها".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يلفت غودستين إلى تأثير إيران السلبي على إسرائيل، معتبرًا أن طهران تمثل تهديدًا للولايات المتحدة أيضًا.
كما يرى أن الولايات المتحدة تعي أن إسرائيل ليس بإمكانها أن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديد الإيراني، لكنه لا يعتقد أن أميركا تريد أن تسيطر على زمام الأمور، بل تريد أن تبذل قصارى جهدها للدفاع عن إسرائيل التي هوجمت سيادتها وشعبها بالصواريخ الإيرانية، وفق قوله.
ويشير إلى أنه ثمة الكثير من الأهداف في إيران والتي يمكن لإسرائيل ضربها غير المنشآت النفطية والنووية، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تفضّل مسبقًا أن تعرف خطة إسرائيل للرد، وبالتالي يمكن أن تساعدها عسكريًا في حال موافقتها على الخطة.