تأخر صرف الرواتب.. إلى أين تمضي أزمة مصرف ليبيا المركزي؟
تكشف حالة الارتباك والخوف وتعطل المعاملات، في البنوك والمحلات التجارية والشركات بمختلف أنحاء ليبيا، عن التكاليف المباشرة للصراع من أجل السيطرة على مصرف ليبيا المركزي.
واتفقت الهيئتان التشريعيتان اللتان تمثلان شرق ليبيا وغربها على تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، مما قد يؤدي إلى إنهاء معركة السيطرة على عائدات النفط في البلاد التي أدت إلى تقلص الإنتاج بشدة.
ووقع مجلس النواب الليبي في بنغازي الذي يمثل شرق البلاد، والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس في الغرب، بيانًا مشتركًا بعد يومين من محادثات استضافتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
واتفق الجانبان على تعيين محافظ للبنك المركزي ومجلس إدارة في غضون 30 يومًا. والبنك المركزي الليبي هو المسؤول القانوني الوحيد عن إيرادات النفط الليبي، وهو الذي يدفع رواتب موظفي الدولة في أنحاء البلاد.
وقال ليبيون تواصلت معهم وكالة "رويترز": إنه في حين تعقد الأمم المتحدة اجتماعات مع الزعماء السياسيين المتنافسين لمحاولة حل الأزمة فإن الكثير من المعاملات العادية تبدو مستحيلة، كما تأخر صرف رواتب الكثير من موظفي الدولة.
إشكاليات في أسعار الصرف
وقال أحمد سويلم، وهو صاحب متجر أدوات مكتبية في بنغازي: "عندنا حوالات، مواعيد دفع معينة واستحقاق لازم ندفعها في وقت معين، لكن عملية المقاصة لا تتم. ولو رغبنا في تسلم أي أحد في المصرف فيقول لك إن الوضع لا يطمئن في مسألة تحويل الأموال".
وأضاف سويلم: "وفي حالة شراء الدولار ومع بداية أزمة المصرف صار هناك خلل في تحويل الأموال. وفي كل يوم يكون التحويل بسعر مختلف حيث سعر الصرف غير ثابت وفي كل يوم نشتري بسعر معين، وأسعار المصرف زادت وسعر الأموال السائلة أيضًا وكل طرق الدفع صارت المشاكل تعتريها".
وبدأت الأزمة عندما أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي المخضرم الصديق الكبير وتعيين مجلس إدارة جديد، وهو قرار تختص به فقط الهيئات التشريعية بموجب القواعد القائمة.
ورفض الكبير هذه الخطوة بدعم من فصائل في شرق ليبيا تحركت وفرضت حصارًا على معظم إنتاج النفط وتصديره للضغط على الحكومة في طرابلس في غرب البلاد.
ورغم أن المجلس الجديد تم تنصيبه في مبنى المصرف، يبدو أن الكبير يحتفظ بالسيطرة على الموقع الإلكتروني للمصرف. وطلب المجلس الجديد من الكبير الأسبوع الماضي تسليمه الرموز اللازمة لإجراء المعاملات.
طوابير طويلة
وطلبت السلطات في غرب البلاد من البنوك صرف رواتب موظفي الدولة، لكن ليس من الواضح ما إن كان المصرف المركزي تمكن من ذلك.
وتأتي هذه الأزمة لتضاف إلى مشكلات قائمة بالفعل، إذ تعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات، مع صعوبة الحصول على الأوراق النقدية من الدينار والدولار حتى بالنسبة لمن يملكون الكثير من الأموال في حساباتهم البنكية.
وأدى النقص الحاد في الوقود إلى اصطفاف طوابير طويلة من المركبات أمام محطات البنزين. ويعزو محللون السبب في نقص الوقود إلى التهريب وإغلاق حقل نفطي يزود مصفاة رئيسية بالوقود ومشكلات خارجية أخرى.
وقال محمد سالم، أحد مواطني مصراتة: "المواطن تعب من الانتظار والازدحام والمعاناة. يعاني طبعًا المواطن. أصحاب الشاحنات يقعدون باليومين والثلاثة أيام وهم ينتظرون".