الأحد 23 مارس / مارس 2025
Close

"تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".. إعادة قراءة مئة عام حتى 7 أكتوبر

"تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".. إعادة قراءة مئة عام حتى 7 أكتوبر

شارك القصة

يشرح إيلان بابيه في كتاب "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" جذور القضية عبر خمسة عشر فصلاً قصيرًا - غيتي
يشرح إيلان بابيه في كتاب "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" جذور القضية عبر خمسة عشر فصلاً قصيرًا - غيتي
الخط
يشكل كتاب إيلان بابيه، "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني"، إضافة ضرورية لكلّ ما يُروى ويسرد عما جرى ويجري في المنطقة منذ عام ونصف تقريبًا.

لا يقدم كتاب المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" معلومات لا يعرفها أغلب الفلسطينيين والقراء العرب، لكنّه يشكل مرجعًا ليس فقط للقارئ باللغة الإنكليزية، بل لكل المهتمين بتاريخ منطقتنا، مرجع يشرح بإيقاع سلس وسريع ومختصر كيف وصلنا إلى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وما تلاه.

الكتاب الصادر نهاية العام الماضي، وكما يوحي عنوانه، ليس طويلاً، وهو يشكل إضافة ضرورية لكلّ ما يُروى ويسرد عما جرى ويجري في المنطقة منذ عام ونصف تقريبًا. يشرح بابيه عبر خمسة عشر فصلاً قصيرًا جذور الصراع وكلّ ما حصل في العقود التي سبقت إنشاء "دولة إسرائيل"، خصوصًا فترة الانتداب البريطاني.

يخبرنا صاحب "التطهير العرقي لفلسطين" بعد أن يشرح كيف بدأت الهجرة اليهودية وبعدها الاستيطان في فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر، وما حصل في السنوات الأخيرة للحكم العثماني، كيف تسارعت الخطوات الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية للتخلص من عبء أخلاقي تجاه اليهود الذين قضوا في المحرقة النازية.

ويفسر كيف غضّت الحكومات الغربية الطرف عن نحو مئتين وخمسين ألف من اليهود ماتوا في مخيمات عدّة في أوروبا بعد أن انتهت الحرب بوقت، بسبب الإهمال. كما أنّ الكثيرين ممن لم تقض عليهم النازية والحرب ليس لديهم منازل ليعودوا إليها، وكان يجب إيجاد مكان لاحتواء اليهود.

كتاب "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" للمؤرخ إيلان بابيه

كيف جنّب 7 أكتوبر إسرائيل حربًا أهلية؟

يشرح إيلان بابيه بالتفصيل ما حصل في العامين اللذين سبقا الإعلان عن "دولة إسرائيل" واعتراف الأمم المتحدة بها عبر القرار 181 الشهير، وما يسميه "بدء النكبة" و"الكارثة المستمرة إلى يومنا هذا".

كذلك يتناول بابيه انسحاب إسرائيل من غزة لتحويلها لسجن كبير، مع إفراغها من المستوطنين الذين كانوا عقبة ومسؤولية كبيرة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، فأصبح جيشها قادرًا على مهاجمة القطاع من خارجه ومن دون تعريض حياة المستوطنين للخطر، كما حصل في الحروب المتعاقبة منذ العام 2005.

إضافة إلى ذلك، يمر بابيه على كلّ القوانين التي سنّت في العقود الماضية لتعقيد حياة الفلسطينيين أكثر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قانون النكبة في العام 2011 الذي يسحب أي تمويل حكومي ومظلة قانونية من أي مؤسسة أو منظمة تحيي ذكرى النكبة، وقانون "دولة إسرائيل" الأساسي في العام 2018، الذي أعلن القدس عاصمة لإسرائيل.

يشكل كتاب إيلان بابيه، "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني"، إضافة قيّمة لكل ما نشر سابقًا عن تاريخ الصراع في منطقتنا في وقت تتسارع فيه الأحداث والتصريحات والإعلانات من هنا وهناك

يرى بابيه أنّ ما حصل يوم السابع من أكتوبر جنّب إسرائيل حربًا أهلية، لكنّه لم يقض على أسباب هذه الحرب، إذ إنّ الشقاق والخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي تزداد عمقًا ولم يعد برأيه يوجد أي أمر مشترك بين المعسكرين اللذين يسمّيهما معسكر "دولة اسرائيل" ومعسكر دولة يهوذا.

وهذه الأخيرة كما يشرح لنا هي دولة الاستيطان الاستعماري التي كبرت وتعاظمت في مستوطنات الضفة الغربية وتهدف لتحويل إسرائيل إلى "دولة" عنصرية وفاشية ودينية، أكثر مما هي عليه حاليًا.

ما يقدّمه "تاريخ قصير جدًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني"

يعتبر بابيه أنّ أغلب مقاتلي حركة حماس الذين عبروا الحدود يوم السابع من أكتوبر 2023 تعلموا لغة العنف من القنابل التي ألقتها عليهم إسرائيل في السابق، رغم أنّ ذلك ليس تبريرًا لما قاموا به.

ويرى أنّ ما شهده العالم في غزة في العام والنصف الماضيين هو أسوأ فصل في تاريخ إسرائيل وفلسطين الحديث. ويعتقد أنّه في المستقبل سيتم تذكره بوصفه أسوأ كارثة. فما حصل هو استمرار للاستيطان الاستعماري الذي تمارسه الصهيونية في فلسطين منذ ما يقارب مئة عام، والقائم على التخلص من السكان الأصليين.

يستنتج بابيه في ختام كتابه أنّ إسرائيل لا تنفع كمشروع يهودي بسبب عدم وجود أي أرضية مشتركة بين العلمانيين والمتدينين فيها، "عدا العداء والكره للعرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص". ويضيف أنّ هذا العداء لا يكفي لبناء هوية وطنية ثابتة، عدا عن كونه أمرًا لا يشكّل فخرًا لأي شخص طبيعي.

يشكل كتاب بابيه إضافة قيّمة لكل ما نشر سابقًا عن تاريخ الصراع في منطقتنا في وقت تتسارع فيه الأحداث والتصريحات والإعلانات من هنا وهناك (رأي الرئيس الأميركي بضرورة "تهجير الغزيين من أجل مصلحتهم" على سبيل المثال) ولا يستطيع فيه الغزيّون التكهن أين سينصبون خيامهم في ظل الدمار المرعب الذي تأكد لنا بعد توقف القصف وفي ظل هدنة لا يعرف أحد إلى متى ستدوم.

تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي