قُتل شخصان وأصيب آخرون برصاص قوات الأمن المغربية الأربعاء أثناء محاولتهم اقتحام ثكنة للدرك الملكي في أكادير خلال أعمال شغب تلت دعوات للتظاهر، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن السلطات.
وتواصلت في المغرب لليوم الخامس على التوالي مظاهرات ما يعرف إعلاميًا بـ"جيل زد".
وأظهرت مقاطع مصورة في مدينتي الدار البيضاء وطنجة خروج المئات من المتظاهرين الشباب، مطالبين بإصلاح قطاعي الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.
مقتل شخصين في احتجاجات "جيل زد" بالمغرب
وقالت وكالة "المغرب العربي للأنباء" نقلًا عن مصدر في السلطات المحلية لمحافظة إنزكان (جنوب): إنّ عناصر الدرك الملكي في بلدة القليعة "اضطرت إلى استعمال السلاح الوظيفي، في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ عملية هجوم واقتحام لمركز الدرك الملكي، في محاولة للاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة (...) حيث لقي شخصان مصرعهما متأثرين بإصابتهما بأعيرة نارية".
وأشار إلى إصابة أشخاص آخرين بجروح أثناء مشاركتهم في هذا الهجوم.
وعن توالي الأحداث في البلدة الواقعة في جنوب البلاد، أوضح المصدر أنّ مجموعات من الأشخاص رشقوا مركز الدرك الملكي بالحجارة وحاولوا اقتحامه، ليتمّ صدّهم "باستعمال قنابل مسيّلة للدموع".
وأضاف أنّ هؤلاء "عاودوا، بعد تعزيز صفوفهم بمجموعات كبيرة من مثيري الشغب، الهجوم على مركز الدرك الملكي، مدجّجين بأسلحة بيضاء"، و"استولوا على سيارة و4 دراجات نارية تابعة لمصالح الدرك الملكي، وتم إضرام النار في السيارة وفي جزء من بناية المركز، مع الشروع في محاولة الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية".
وبحسب المصدر نفسه، فقد اضطر عناصر الدرك "لاستخدام أسلحتها الوظيفية، في حالة للدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ هذه المجموعات من المقتحمين".
ومنذ السبت تمنع السلطات تظاهرات دعت إليها "جيل زد" في مدن عدّة، لكن للمرة الأولى، سمحت السلطات للحركة بتنظيم تظاهرات في مدن عدة مساء الأربعاء، وقد جرت غالبية هذه الاحتجاجات بهدوء.
وكانت مدن مغربية عديدة شهدت ليل الأربعاء، تظاهرات نظمّتها حركة "جيل زد 212"، وتجمّع بضع مئات من المتظاهرين، غالبيتهم من الشباب، في كل من الدار البيضاء وفاس وطنجة وتطوان ووجدة.
ورفع المحتجون شعارات تندد بتراجع خدمات القطاعين الصحي والتعليم وانتشار الفساد بالدوائر الحكومية، ودعوا إلى إطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة المسؤولين عن تردي الخدمات الموجهة للمواطنين.
وفي دعوتها إلى التظاهر الأربعاء شدّدت "جيل زد 212"، الحركة التي لا تكشف هوية القيّمين عليها، على "المحافظة على السلمية".
كما جدّدت الحركة التأكيد على مطالبها وأبرزها "تعليم يليق بالإنسان وبدون تفاوتات" و"صحة لكل مواطن بدون استثناءات".
وهي المرة الأولى التي تسمح فيها السلطات لناشطي هذه الحركة بالتجمّع منذ السبت، غداة أعمال عنف وصدامات شهدتها بعض المدن.
وكانت السلطات تمنع حتى الآن تظاهرات هذه الحركة على أساس أنها غير مرخصة، وبدون حدوث صدامات.
ملاحقات واعتقالات
لكن بعض التظاهرات تخللها ليل الثلاثاء "تصعيد خطير مسّ بالأمن والنظام العامين، بعدما تحولت إلى تجمهرات عنيفة استعملت فيها مجموعة من الأشخاص أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة والرشق بالحجارة"، وفق ما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية رشيد الخلفي الأربعاء.
وأوضح أن هذا الأمر تسبّب حتى ليل الثلاثاء في "إصابة 263 عنصرًا من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، و23 شخصًا آخرين من بينهم حالة استدعت الخضوع للمتابعة الطبية".
وتم وضع 409 أشخاص رهن الحراسة النظرية، وأطلق سراح متظاهرين آخرين بعد التحقق من هوياتهم، بدون تحديد عددهم، وفق الخلفي.
وأكد الخلفي أن محتجّين "اقتحموا عددًا من الإدارات والمؤسسات والوكالات البنكية والمحلات التجارية وقاموا بأعمال نهب وتخريب بداخلها"، في إنزكان وآيت عميرة وتيزنيت، ضواحي أكادير (جنوب).
وأشار إلى إضرام النار وإلحاق أضرار بـ142 عربة للقوات العمومية و20 سيارة خصوصية.
وأوضح أن السلطات ستواصل إجراءات حماية الأمن والنظام العامين مع "ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات"، مشددًا أيضًا على "التعامل بكل حزم وصرامة (...) مع كل الأشخاص الذين يثبت ارتكابهم أفعالًا أو تصرفات تقع تحت طائلة القانون".
والأربعاء، قررت النيابة العامة في الرباط ملاحقة مجموعة جديدة من 97 شخصًا، بينهم ثلاثة أوقفوا خلال تظاهرات الإثنين، بينما أخلي سبيل 26 آخرين، وفق ما أفادت محاميتهم سعاد براهمة.
ويُضاف هؤلاء إلى 37 شخصًا قررت النيابة العامة نفسها ملاحقتهم الثلاثاء، بينهم ثلاثة قيد التوقيف، بسبب محاولتهم التظاهر الأحد.
ومجموعة "جيل زد 212" التي ظهرت مؤخرًا على موقع "ديسكورد" تصف نفسها بأنها "فضاء للنقاش" حول "قضايا تهمّ كلّ المواطنين مثل الصحة، التعليم ومحاربة الفساد"، مؤكدة رفض "العنف" و"حب الوطن والملك".