الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة.. انتخابات محلية في الجزائر

تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة.. انتخابات محلية في الجزائر

Changed

تميّزت الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع بالفتور في العاصمة كما في المناطق الأخرى
تميّزت الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع بالفتور في العاصمة كما في المناطق الأخرى (غيتي)
تقدّم لانتخابات مجالس البلديات في الجزائر 115230 مرشحًا، بينما ترشح للمجالس الولائية 18910 شخصًا، فيما لا تمثل النساء سوى 15% من المرشحين.

تشهد الجزائر اليوم السبت انتخابات محلية لتجديد المجالس البلدية والولائية (المحافظات)، تشكل مرحلة هامة بالنسبة للرئيس عبد المجيد تبون لطي صفحة نهاية حكم الراحل عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة.

وكان يُفترض أن تنتهي ولاية المجالس المحلية في نهاية عام 2022، لكن تبون قرّر إجراءها بشكل مبكر لتغيير المجالس البلدية والولائية "حتى تتكيف مع الدستور الجديد"، الذي تم الاستفتاء عليه قبل سنة. 

وقال تبون في خطابه بمناسبة ذكرى اندلاع حرب التحرير في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني: إن الهدف هو "بناء مؤسسات الدولة على أسس صحيحة بعيدة عن الشبهات والشوائب"، بعد الاتهامات بالتزوير في كل الاستحقاقات المنظمة خلال 20 سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

كما أن المجالس المحلية أساسية في انتخاب ثلثَي أعضاء مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، الذين ينتخب ثلثاهم (96) أعضاء المجالس البلدية والولائية، بينما يعيّن الرئيس الثلث الباقي (48).

حملة دعائية واسعة

وتميّزت الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع بالفتور في العاصمة كما في المناطق الأخرى، وعُلقت بعض الملصقات وعُقدت تجمعات داخل قاعات مغلقة، ولم ينشط كثيرًا المرشّحون لشغل مناصب في مجالس 1541 بلدية و58 ولاية.

وانطلقت عملية التصويت الأربعاء الماضي في المناطق النائية في أكبر بلد في القارة الإفريقية، غداة نهاية الحملة الانتخابية، كما ينصّ القانون.

وتقدّم لانتخابات مجالس البلديات 115230 مرشحًا، بمعدل أربعة مرشحين عن كل مقعد، بينما ترشح للمجالس الولائية 18910 أشخاص، أي ثمانية مرشحين عن كل مقعد. ولا تمثل النساء سوى 15% من المرشحين، بحسب إحصاءات السلطة الوطنية للانتخابات.

وقامت السلطات بحملة دعائية واسعة عبر المساحات الإعلانية في المدن ووسائل الإعلام تحت شعار "تريد التغيير، ابصم وأتمم البناء المؤسساتي" لحضّ الجزائريين على التصويت.

وينتقد المحلل السياسي محمد هنّاد هذا الشعار، و"الثقافة السياسية" التي يحملها.

ويوضح لوكالة فرنس برس: "هذه ليست من قبيل المعاملة الشريفة المستندة إلى قيم المواطنة. لقد بلغ عناد السلطة مستوى مرَضيًا حقيقة بحيث صارت أكثر تماديًا في فرض إرادتها، على الرغم من النتائج غير المشرّفة المسجلة في المواعيد الانتخابية الثلاثة السابقة".

الانتخابات الثالثة

وهذه ثالث انتخابات تجري في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، الذي تعهّد بتغيير كل المؤسسات الدستورية الموروثة عن عشرين سنة من حكم بوتفليقة، الذي دفعه حراك شعبي بدأ في فبراير/ شباط 2019 إلى الاستقالة.

ثم توفي في 17 سبتمبر/ أيلول 2021 بعد مرض طويل أقعده لسنوات.

وانتُخب تبون في ديسمبر/ كانون الأول 2019 بنسبة 58% من أصوات الناخبين، وبمشاركة لم تتعد 40%.

وفي مرحلة أولى، أجرى استفتاء على تعديل الدستور في نوفمبر 2020 وافق عليه فقط 23,7% من الناخبين.

في 12 يونيو/ حزيران، جرت انتخابات تشريعية مبكرة شهدت نسبة امتناع عن التصويت هي الأكبر في تاريخ الانتخابات الجزائرية، إذ لم ينتخب سوى 23% من أكثر من 23 مليون ناخب.

ولكن يتوقع أن تجذب المحطة الانتخابية الثالثة عددًا أكبر من الناخبين.

الحراك والتغيير 

واعتبر تبون أن "نسبة المشاركة لا تهمّ" بقدر ما تهم مصداقية الانتخابات ونزاهتها، واستجابتها للتغيير الذي طالب به الحراك الشعبي.

وبعد تنحي بوتفليقة، واصل الجزائريون التظاهر بشكل كثيف رافضين وجود كل رموز نظام الرئيس السابق في السلطة، وبينهم تبون نفسه. لكن مع تفشي فيروس كورونا وتوسّع حملة القمع التي استهدفت الحراك، تراجع زخم الاحتجاجات.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن أستاذة العلوم السياسية نبيلة بن يحيى قولها: "تتميّز هذه الانتخابات عن التشريعية بالعلاقة المباشرة مع المواطن وانشغالاته".

وتضيف: "أعتقد أن الانتخابات المحلية هي التي تُقَيِّم أداء بناء الثقة بين المواطن والسلطات". 

وبرأي هنّاد "تدَّعي السلطة أنها تريد التغيير استجابة للحراك، لكنها لم تأخذ من هذا الأخير إلا كلمة التغيير من دون مدلول وراحت تفرض أجندتها السياسية في جو من المونولوغ السياسي، فلم تشرك القوى السياسية في مشروع الإصلاح السياسي إلا شكليًا".

مشاركة منطقة القبائل

ولعل مشاركة منطقة القبائل التي قاطعت الانتخابات الرئاسية ثم الاستفتاء والانتخابات التشريعية، في الانتخابات المحلية، قد يرفع نسبة التصويت.

وقرّر حزب جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم حزب معارض، تقديم مرشحين عنه في هذه المنطقة للدفاع عن الأغلبية التي يملكها في المجالس المحلية في ولايتَي تيزي وزو وبجاية، أكبر مدينتين في المنطقة الواقعة في شمال شرق البلاد.

كما يشارك مرشحون أحرار، بعضهم قياديون سابقون في حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية (علماني ليبرالي)، ثاني أكبر حزب في المنطقة، وقد قاطع كل الاقتراعات منذ بداية الحراك.

لكن رهان المشاركة القوية ليس الرهان الحقيقي بالنسبة لأستاذ الإعلام بجامعة الجزائر رضوان بوجمعة، لا سيما بعد أن قرّرت الحكومة التراجع عن الدعم المباشر والعام للمواد الاستهلاكية الأساسية وتحويله إلى إعانات نقدية لصالح المحتاجين فقط.

ويقول بوجمعة: "الرهانات الحقيقية تتعلّق بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة العام القادم، وانهيار القدرة الشرائية التي تنذر باتساع الاحتجاجات النقابية، لا سيما وأن مؤشرات عديدة تدل على أن السلطة لا تملك لا الرؤية ولا الاستراتيجية لإيجاد إجابات لعمق الأزمة".

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close