كشف تحقيق لـ"العربي" عن توسيعات كبيرة في قاعدة "حميميم" الروسية قرب مدينة اللاذقية السورية، واستخدامها قاعدة لنقل أسلحة ومرتزقة إلى إفريقيا، وتحديدًا إلى ليبيا والموزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وقدّم التحقيق، الذي عُرض عبر برنامج "شيفرة"، معطيات جديدة عن القاعدة، معتمدًا على المصادر المفتوحة وصور الأقمار الاصطناعية.
دعم النفوذ الروسي
وتُعتبر قاعدة "حميميم" أكبر رمز للنفوذ الروسي في سوريا، وأظهر تحقيق "العربي" التوسع الذي يفوق مهام القوات الروسية المساندة للنظام السوري.
ووفق التحقيق ذاته، فإن القاعدة الروسية، التي تم تأجيرها مجانًا إلى موسكو، تلعب دورًا أساسيًا في دعم النفوذ الروسي شرقي المتوسط.
وكشف الفيلم الذي بثه "العربي"، عن دور آخر للقاعدة العسكرية كنقل المقاتلين إلى إفريقيا، إسهامًا في بسط النفوذ الروسي في تلك القارة.
مكافحة الإرهاب
في هذا السياق، يرى الكاتب الصحافي يفغيني سيدروف أن "مهمة روسيا في سوريا المتمثلة في التصدي للإرهاب لم تنتهِ بعد، في ظل وجود خلايا نائمة واستمرار الهجمات الإرهابية".
ويوضح سيدروف، في حديث إلى "العربي" من موسكو، أن "روسيا تتعرض لهجمات عبر طائرات مسيرة على القاعدة، وموسكو بحاجة لبحث طريقة للدفاع عن نفسها، وقد يكون هذا هو سبب توسيع القاعدة".
ويؤكد سيدروف أن "روسيا تسعى إلى ضمان سلامة وأمن هذه القاعدة، التي تخدم ليس فقط مكافحة الإرهاب، بل الحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط أيضًا".
ويشير سيدروف إلى أن "اهتمام موسكو بالشرق الأوسط نابع من القرب الجغرافي لهذه المنطقة".
أهمية جغرافية
من جهته، يعتبر المحلل العسكري إلياس حنا أن سوريا تُعتبر محورًا أساسيًا بين شرق أوروبا الملاصق لروسيا، وقارة إفريقيا، "ومن هنا ينبع الاهتمام الروسي بتلك القاعدة".
ويرى حنا، في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن "الأهمية الجغرافية لسوريا تساعد موسكو على رسم حدود جديدة للمنطقة".
ويلفت حنا إلى أن "هناك تراجعًا أميركيًا في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الموضوع ساعد روسيا على توسيع نفوذها".
ويؤكد حنا أن "توسيع روسيا لقاعدة حميميم يظهر نيتها في البقاء في تلك المنطقة، حتى بعد انتهاء دور القوات الروسية".
إمبراطورية روسية
بدوره، يؤكد مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث مروان قبلان أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختار سوريا لبناء قاعدة عسكرية بسبب الضعف الأميركي، وبدأ ينطلق من هذه المنطقة لبسط نفوذه في شرقي المتوسط”.
ويعتبر قبلان، في حديث إلى "العربي" من الدوحة، أن "بوتين يحاول في هذه المرحلة ترك مكان له على طاولة الكبار عالميًا".
ويقول: "ما حصل في سوريا دليل على سوء تقدير الغرب، لكن هذا لا ينفي أن روسيا دولة عظيمة، وبوتين يحاول إقامة إمبراطورية روسية في العالم".
وعن عدم تدخل الغرب لوقف النفوذ الروسي، يضيف قبلان: "المناطق التي تتدخل فيها روسيا ليست ذات أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للغرب، لذلك لم تصعّد هذه الدول تجاه موسكو".