السبت 14 حزيران / يونيو 2025
Close

تداعيات غير متوقعة.. كيف يؤثر تغير المناخ على نوعية وساعات النوم؟

تداعيات غير متوقعة.. كيف يؤثر تغير المناخ على نوعية وساعات النوم؟

شارك القصة

التغير المناخي وتأثيره على النوم
قد يؤدي تسارع ظاهرة الاحترار المناخي إلى خسارة ما يصل إلى ما بين 50 و58 ساعة من النوم للشخص الواحد سنويًا بحلول عام 2099- غيتي
الخط
تشير دراسات ومراجعات علمية إلى أن ارتفاع درجات الحرارة والتوسع المدني يشكلان تهديدًا عالميًا للنوم من خلال تقليص ساعاته.

يُرجَّح، مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب التغير المناخي، أن تزداد مشاكل المرء المتعلّقة بالنوم، لذا تستكشف مجموعة من العلماء الآليات التي تتيح للجسم التكيّف بشكل أفضل مع هذه التغييرات.

وأوضح الباحث في جامعة باريس سيتي فابيان سوفيه، أن "هناك عددًا متزايدًا من المنشورات عن النوم ودرجات الحرارة، وآخرها دراسة تعود إلى العام 2024 تركز على نظافة النوم في ظل الحرّ".

ويُعتبر المخ حيث ترتبط الخلايا العصبية التي تنظم درجة الحرارة والنوم بشكل وثيق، حساسًا جدًا على الحرّ، فمن شأن الحرارة العالية أن ترفع منظّم الحرارة المركزي في الجسم وتنشّط أنظمة التوتر.

وخسر البشر، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما معدّله 44 ساعة من النوم سنويًا خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين مقارنة بالفترات السابقة، بحسب دراسة نُشرت عام 2022 في مجلة "وان ايرث".

خسارة ساعات نوم بسبب التغير المناخي

وقد يؤدي تسارع ظاهرة الاحترار المناخي إلى خسارة ما يصل إلى ما بين 50 و58 ساعة من النوم للشخص الواحد سنويًا بحلول عام 2099، بحسب هذه الدراسة التي ترأسها كيلتون ماينور من جامعة كوبنهاغن، استنادًا إلى بيانات أكثر من 47 ألف شخص وضعوا أساور متصلة في 68 دولة، تمت مقاطعتها مع بيانات مناخية.

وتشير مراجعة للأدبيات العلمية نشرت في منتصف عام 2024 في مجلة "سليب ميدسين" إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن التغير المناخي والتوسع المُدني يشكلان تهديدًا عالميًا للنوم". ويقول معدّو الدراسة، ومن بينهم كيلتون ماينور إن "ثمة حاجة ماسة إلى مزيد من الدراسات والتجارب لتعزيز التكيف".

ولكي ينام الشخص ويحصل على نوعية نوم أفضل، يتمثل أحد الشروط في خفض جهاز تنظيم الحرارة الداخلي في منزله.

ويقول سوفيه "إن التأقلم الفسيولوجي مع الحرّ له انعكاس على الجسم: فنحن نتعرق أكثر وبسرعة أكبر على سبيل المثال، لكننا نحتاج إلى ترطيب أكثر. ولهذا التأقلم حدود، لذا خلال موجة الحر، تكمن الأهمية في تعديل سلوكنا (الأنشطة، والملابس...)".

ومع ذلك، يؤكد أنّ المرء "يمكنه تحمل درجات حرارة أعلى مما يُعتقد".

ويقول سوفيه إنّ "عددًا كبيرًا من الدراسات المخبرية كتلك التي أُجريت على رياضيين قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 2024، تُظهر أنّ فترة جيدة من النوم ممكنة عندما تكون حرارة غرفة جيدة التهوية بين 24 و26 درجة مئوية، وتصل حتى إلى 28 درجة إذا كان الشخص نائمًا وهو يرتدي سروالًا قصيرًا وقميص تي شيرت ومغطى بملاءة فقط".

وينفي "الاعتقاد الخاطئ بضرورة أن تكون حرارة غرفة النوم بين 18 و20 درجة". ويقول "إذا كنّا ننام دائمًا مع تشغيل مكيف الهواء، فلن نتمكن من التكيف مطلقًا".

فوائد القيلولة القصيرة

وتقول أرميل رانسيّاك، الباحثة في علم الأعصاب في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية في كوليج دو فرانس: "صحيح أنّ المرء بإمكانه أن ينام بشكل جيّد في ظل حرارة تصل إلى نحو 28 درجة، لكنّ هذا الأمر يزداد تعقيدًا".

ومن شأن الحرمان المفرط من النوم مقارنة بالاحتياجات أن يعطّل تعافي الجسم.

وتكون التأثيرات الرئيسية على المدى القصير معرفية: نعاس، وتعب، وخطر التعرض لحوادث في العمل أو لحوادث مرور. أما على المدى البعيد، فقد يؤدي ذلك إلى "آثار" ضارة، ليس فقط للفئات الأكثر ضعفًا (كبار السن، والأطفال الصغار، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة...).

وتقول عالمة الأعصاب: "هذا يؤثر على عملية التمثيل الغذائي لدينا، ويعزز زيادة الوزن، ومخاطر الإصابة بالسكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر".

وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى خفض القدرة على مقاومة التوتّر وزيادة خطر الانتكاس أو الإصابة بمرض نفسي.

وللحصول على نوعية نوم أفضل في ظل حرارة مرتفعة، ينبغي "تعزيز الآليات التي تسبب تقلبات في درجات حرارتنا خلال دورات الليل والنهار والقضاء أو أقلّه الانتباه إلى أعداء النوم"، بحسب رانسيّاك.

وقبل الخلود إلى النوم، يُنصح بأخذ دش بارد ولكن ليس مثلجًا، والتقليل من استهلاك المنبهات مثل القهوة، والحد من تناول الكحول التي تساعد على النوم لكن ترفع من درجة حرارة الجسم قليلًا.

ويقول سوفيه "بعد ممارسة الرياضة، تجنّبوا الجاكوزي وبدل ذلك عرّضوا أنفسكم لدرجة الحرارة الخارجية أو خذوا حمامًا باردًا".

وللحدّ من تأثير قلة النوم ليلًا، ثبتت فوائد القيلولة خلال ساعات النهار الأكثر حرًّا.

ويوضح الباحث أنّ المثالي هو "قيلولة قصيرة، لمدة 30 إلى 40 دقيقة، وقبل الساعة الثانية بعد الظهر".

ويضيف "ما المانع من أخذ القيلولة على أرجوحة، وهي على عكس فرشة الإسفنج لا تتراكم فيها حرارة الجسم على مدار الساعات"، أو داخل صندوق نوم كذلك الموجود أصلًا في بعض المستشفيات للموظفين.

تابع القراءة

المصادر

أ ف ب
تغطية خاصة