الجمعة 4 أكتوبر / October 2024

تداعيات "كارثية" على الاقتصاد.. النفط يدخل قلب الصراع السياسي في ليبيا

تداعيات "كارثية" على الاقتصاد.. النفط يدخل قلب الصراع السياسي في ليبيا

شارك القصة

المؤسسة الوطنية للنفط أعلنت توقف الإنتاج في حقل الفيل ( الصورة: غيتي)
يتأثر إنتاج النفط وتصديره من الحقول على ما يبدو بآفاق الصراع السياسي في ليبيا، وذلك على وقع مطالبة مجموعات قبلية وشبابية بتسليم السلطة لحكومة باشاغا.

حذرت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، اليوم الإثنين، من "موجة مؤلمة من الإغلاقات" بعد إعلانها حالة القوة القاهرة على الصادرات من ميناء الزويتينة النفطي حيث توسع قوات في الشرق نطاق حظر الإنتاج فيما يبدو بسبب أزمة سياسية.

ومع شح المعروض في أسواق الطاقة العالمية بالفعل بسبب الأزمة الأوكرانية ستضع المزيد من الخسائر في إنتاج ليبيا، الذي بلغ مؤخرًا 1.2 مليون برميل يوميًا في المتوسط، ضغوطًا إضافية على الأسعار.

إيقاف شامل للعمل في ميناء الزويتينة

وفي بيان جديد للمؤسسة الحكومية الليبية قالت إنّ هذه التوقفات "جاءت بسبب دخول مجموعة من الأفراد إلى ميناء الزويتينة ومنعت المستخدمين (العاملين) من الاستمرار في مباشرة الصادرات الأمر الذي جعل من تنفيذ المؤسسة لالتزاماتها التعاقدية أمرًا مستحيلًا".

وجاء في البيان: "اضطر العاملون بشركات الزويتينة، ومليتة والسرير والخليج يوم الأحد الموافق 17 أبريل 2022 إلى إيقاف شامل وتدريجي للإنتاج" في إشارة إلى وحداتها التي تُصدر عبر ميناء الزويتينة.

وقالت إن إغلاق المنشآت سيؤثر على "إنتاج الكهرباء بمحطات الزويتينة وشمال بنغازي جزئيًا علاوة على أن نقص المكثفات سيؤدي إلى نقص إمدادات غاز الطهي" في شرق ليبيا.

وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله في البيان: "نحث عموم الشعب الليبي على تكوين رأي عام محلي يهدف للحفاظ على تدفق النفط للأسواق العالمية والاستفادة من طفرة الأسعار الحالية".

إغلاق حقول نفطية أخرى

وتشهد ليبيا عمليات توقيف متفرقة لإنتاج النفط وتصديره من الحقول، من خلال مجموعات قبلية وشبابية، أصدرت بيانات بذلك في مناطقها الواقعة جنوب، وجنوب شرقي البلاد.

وصدر بيان عن مكونات اجتماعية وقبلية جنوبي البلاد من داخل حقل "الشرارة" النفطي، إضافة إلى بيان آخر عن مجموعة عرفت نفسها باسم "شباب الواحات" (جنوب شرق) من داخل حقل "النافورة".

وقالت مكونات الجنوب: "نعلن إيقاف إنتاج النفط وتصديره من حقل الشرارة"، وهو حقل يبعد نحو 900 كلم جنوب غربي طرابلس. ويعد أكبر الحقول النفطية ويقع في صحراء مرزق، وينتج 300 ألف برميل يوميًا ويمثل إنتاجه أكثر من ربع الإنتاج الليبي من الخام البالغ حاليًا مليون و200 ألف برميل، بحسب تصريحات رسمية.

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث الاقتصادي وحيد الجو في حديث إلى "العربي" من طرابلس، أن ما يحدث لا يخدم الاقتصاد الليبي، وأن هذه العمليات لن تؤدي إلا إلى انهيار اقتصادي، ولا سيما أنها تتزامن مع ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ما قد يفوت على البلاد فرصة لتدعيم اقتصادها.

بين باشاغا والدبيبة

أما "شباب الواحات" فقالت في بيانها: "نقرر قفل الحقول النفطية الواقعة في نطاق المنطقة قفلًا كاملًا مع إيقاف ضح النفط إلى الموانئ النفطية حتى تتم الاستجابة لمطالبنا". 

ويقع حقل "النافورة" بين مدينتي "جالو" و "اجخره" جنوب شرقي البلاد ويضخ ما يقارب 60 ألف برميل يوميًا من الخام، بينما تحوي تلك المنطقة حقولًا أخرى بينها حقل "الآمال" الذي ينتج حاليًا 10 آلاف برميل يوميًا.

وحمل البيانان المطالب نفسها بشكل متطابق في الصيغة والكلمات والتي منها "خروج حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة من المشهد وتسليمها السلطة للحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا".

وتوجد في ليبيا حاليًا حكومتان متنافستان منذ مارس/ آذار عندما عين البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرًا له فتحي باشاغا ليحل محل الدبيبة لتتجدد المواجهة بين شرق البلاد وغربها. ورفض الدبيبة تسليم السلطة لباشاغا الذي لم يدخل طرابلس حتى الآن.

وطالب البيانان أيضًا "بضمان التوزيع العادل للموارد النفطية بشكل متساو بين المناطق الليبية كافة ودعم الجهات المختصة للوصول إلى الانتخابات المقبلة بعيدًا عن طمع حكومة الدبيبة"، حسب قولهم. كما طالبوا أيضًا بـ"إقالة مصطفي صنع الله رئيس مؤسسة النفط".

"تجنيب الحقول الصراع"

ورأى الباحث الاقتصادي الجو في مداخلته، أن عمليات التوقف ستزيد من نسبة الفقر والبطالة، خاصة أنه خلال السنوات الماضية قد شهدت الميزانية الليبية عجزًا كبيرًا، ما يعني أن البلاد تحتاج لزيادة ضغط النفط لا العكس، لذا لا بد من تجنيب الحقول والموانىء النفطية التجاذبات السياسية. 

ويأتي البيانان بعد 24 ساعه فقط من إعلانات مماثلة صدرت مساء السبت عن أعيان منطقة الزويتينة، وأعيان الجنوب، أعلنوا فيها "إيقاف إنتاج وتصدير النفط من الحقول والموانئ بمناطقهم لحين تسليم حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة السلطة لحكومة باشاغا".

والأحد، كانت وزارة النفط بحكومة الوحدة الوطنية، قد دعت جميع الليبيين إلى "إعلاء المصلحة الوطنية وعدم الاستجابة لأي طرف سياسي للزج بقطاع النفط في أتون المعركة السياسية لتحقيق مكاسب".

وقالت الوزارة في بيان إنه "سينجم عن تلك الإقفالات خفض الإنتاج قسرًا ما يمنع الحصول على عوائد مجزية منتظرة عن بيع النفط والغاز مستفيدين بالارتفاع الحاصل في الأسعار العالمية ".

وتابعت: "ذلك يشكل تفويت فرص ربحية وإضاعة دعم الخزينة العامة والاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة".

وسيكون لذلك أيضًا "أضرار بموقع المؤسسة الوطنية للنفط في الأسواق العالمية نتيجة لعدم تمكنها من تنفيذ التزاماتها، وكذلك الإضرار بالمكامن والبنية التحتية والتسهيلات السطحية للمنشآت النفطية التي هي في حالة حرجة وتعاني من مشاكل فنية عدة وبحاجة إلى أعمال للصيانة".

"خسائر كبيرة"

وأضاف الباحث الاقتصادي الليبي في حديثه إلى "العربي" أنه خلال السنوات الماضية، وتحديدًا في عام 2013 قامت مجموعة مسلحة بقفل حقول وموانىء نفطية لمدة 3 سنوات، فخسرت الدولة الليبية أكثر من 100 مليار دولار، الأمر الذي أدى إلى عجز كبير في الميزانية، ودفعت بالمصرف المركزي لتغطية المرتبات والاحتياجات، الأمر الذي أدى إلى تآكل المخزون المالي الإستراتيجي. 

والأحد أيضًا أعلنت مؤسسة النفط الليبية، "حالة القوة القاهرة" بحقل الفيل النفطي الجنوبي بسبب توقف الإنتاج الناجم عن إعلان قفل النفط بالحقل، السبت.

وحالة القوة القاهرة هي حماية قانونية ضد المسؤولية المترتبة على عدم قدرة أطراف التعاقد في قطاع النفط على الإيفاء بالالتزامات نتيجة أحداث خارجة عن سيطرة تلك الأطراف المتعاقدة.

و"الفيل" أكبر حقل نفطي في حوض مرزق جنوب غربي ليبيا بقدرة إنتاجية 125 ألف برميل يوميًا بينما تحوي منطقة الزويتينة حقولًا نفطية إضافة لأكبر، وأهم موانئ التصدير في البلاد وهو ميناء "الزويتينة" النفطي.

والأربعاء، أطلقت حكومة الوحدة الوطنية "الخطة الوطنية لتطوير قطاع النفط والغاز"، والتي تهدف إلى زيادة الإنتاج اليومي إلى 1.4 مليون برميل بنهاية العام الحالي في البلاد المستثناة من خفض الإنتاج الذي تفرضه منظمة دول النفط والغاز "أوبك".

وأكد الضيف الليبي أن انعدام الاستقرار والحل السياسي في قضية الصراع على السلطة سينجر عنه "عدم اسقرار في قطاعي النفط والغاز"، مشيرًا إلى أن "المشكلة سياسية وليست اقتصادية، لا سيما أن الصراع السياسي استخدم كل الوسائل الاقتصادية والمالية للضغط على الطرف الآخر". 

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close