الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

تدفّق الأسلحة إلى أوكرانيا.. مخاوف من تهريب محتمل إلى "أطراف ثالثة"

تدفّق الأسلحة إلى أوكرانيا.. مخاوف من تهريب محتمل إلى "أطراف ثالثة"

Changed

تقرير يرصد تفعيل "قانون الإعارة والتأجير للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022" (الصورة: غيتي)
ستُصبح أوكرانيا أكبر متلقٍ للمساعدة الأمنية والعسكرية الأميركية في العالم، أكثر مما قدّمته واشنطن لأفغانستان أو العراق أو إسرائيل في عام واحد.

خلال الأيام المقبلة، من المتوقّع أن يصادق الرئيس الأميركي جو بايدن على حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 40 مليار دولار، تشمل صواريخ وقذائف مدفعية وطائرات مسيرة، دعمًا لكييف من أجل صد الهجوم الروسي عليها.

لكن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ذكرت أن المخاوف تتزايد من عدم قدرة واشنطن على تتبّع مسار هذه الأسلحة، أثناء دخولها إلى أوكرانيا التي تعتبر أحد أكبر مراكز تهريب وتجارة السلاح في أوروبا، وخطر تهريبها أو وقوعها بأيدي مسلحين آخرين أو جماعات إرهابية بالتالي استخدامها في صراعات مقبلة.

وقالت الخبيرة في مجال الحدّ من التسلّح راشيل ستول للصحيفة إنه "من المستحيل تتبع وجهة الأسلحة، أو الجهة التي ستستخدمها، وكيفية استخدامها أيضًا".

من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية للصحيفة، دون ذكر اسمه: إن "الولايات المتحدة أجرت فحصًا شاملًا للوحدات الأوكرانية التي تزوّدها بالأسلحة، وفرضت على كييف توقيع اتفاقيات لا تسمح بإعادة نقل الأسلحة والمعدات إلى أطراف ثالثة دون إذن مسبق من الحكومة الأميركية".

لكن الصحيفة، اعتبرت أن تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات والعقود سيكون "ضعيفًا نسبيًا"، وزاد من هذا الضعف، بسبب التاريخ المختلط لواشنطن في الامتثال لمثل هذه العقود.

تهديد خطير

 وفي منتصف أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستنقل أسطولًا من طائرات الهليكوبتر (مروحيات) "ميل مي 17" إلى أوكرانيا التي اشترتها في الأصل من روسيا منذ حوالي عقد من الزمان.

وأوضحت أن واشنطن بذلك لم تلتزم بالعقود المبرمة مع الجانب الروسي أثناء شراء المروحيات، حيث تطلّبت عملية الشراء من الولايات المتحدة توقيع عقد تتعهّد فيه بعدم نقل طائرات الهليكوبتر إلى أي دولة ثالثة "دون موافقة الاتحاد الروسي"، وفقًا لوثائق روسية.

وشجبت روسيا عملية نقل المروحيات، قائلة إنها "تنتهك بشكل صارخ أسس القانون الدولي".

واعتبر خبراء الأسلحة أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يبرر الدعم الأميركي، لكن انتهاك عقود الأسلحة يقطع أسس جهود مكافحة الانتشار.

وقال جيف أبرامسون، الخبير بعمليات نقل الأسلحة التقليدية في "رابطة الحد من الأسلحة": "يعد انتهاك الاتفاقيات والعقود تهديدًا خطيرًا لقدرة الدول على التحكم في كيفية استخدام الأسلحة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "مهمة ضمان استخدام الأسلحة الأميركية للغرض المقصود منها-وهي مسؤولية مشتركة لوزارتي الخارجية والدفاع- أصبحت أكثر صعوبة بسبب الحجم الهائل للأسلحة التي تتدفق إلى أوكرانيا".

وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأميركية "تدرك جيدًا التحديات التي تواجهها في ما يتعلق بانتشار الأسلحة، رغم أنها كانت غامضة في وصف الاحتياطات التي تتخذها".

وستُصبح أوكرانيا أكبر متلقٍ للمساعدة الأمنية والعسكرية الأميركية في العالم، حيث ستتلقّى عام 2022 أكثر مما قدّمته الولايات المتحدة لأفغانستان أو العراق أو إسرائيل في عام واحد.

وتعتبر صواريخ "ستينغر" المحمولة على الكتف، القادرة على إسقاط الطائرات التجارية، واحدة من أنظمة الأسلحة التي يخشى خبراء أن تصل إلى الجماعات الإرهابية التي من الممكن أن تستخدمها في حروب مقبلة.

وقال ويليام هارتونغ، خبير الحد من التسلح في معهد "كوينسي للأبحاث": "المساعدة تتجاوز ذروة المساعدة العسكرية الأميركية لقوات الأمن الأفغانية خلال تلك الحرب التي استمرت 20 عامًا".

وأوضح أنه "في أفغانستان، كان للولايات المتحدة وجود كبير، الأمر الذي سمح على الأقل بإمكانية تتبع الوجهة الأخيرة للأسلحة. لكن بالمقارنة مع أوكرانيا، فإن الإدارة الأميركية لا يمكنها مراقبة الأسلحة التي يتمّ تصديرها للميليشيات المدنية والجيش في أوكرانيا".

أوكرانيا مركز لتجارة الأسلحة

وتحوّلت أوكرانيا إلى مركز لتجارة الأسلحة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، عندما ترك الجيش السوفييتي وراءه كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في أوكرانيا دون الاحتفاظ بالسجلات الكافية ومراقبة المخزون.

وأفاد مسح الأسلحة الصغيرة، وهي منظمة بحثية مقرها جنيف، بتحويل "جزء من مخزون الأسلحة الصغيرة للجيش الأوكراني البالغ 7.1 مليون قطعة عام 1992، إلى مناطق النزاع، مما يؤكد "خطر التسرّب إلى السوق السوداء المحلية".

وتفاقمت المشكلة بعد احتلال شبه جزيرة القرم عام 2014، الذي شهد قيام المقاتلين بنهب الأسلحة ومنشآت تخزين الذخيرة التابعة لوزارات الأمن والداخلية والدفاع في أوكرانيا.

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة "مسح الأسلحة الصغيرة" عام 2017، "تمكّن المقاتلون غير النظاميين من الجانبين، من الوصول إلى مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك مجموعة كاملة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، حيث تم نهب أو فقدان الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة بين عامي 2013 و2015 ، مما وفر نعمة للسوق السوداء للبلاد التي تديرها مجموعات على غرار المافيا في منطقة دونباس وشبكات إجرامية أخرى".

وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأميركية تدرك جيدًا التحديات التي تواجهها البلاد فيما يتعلق بانتشار الأسلحة، على الرغم من أنها كانت غامضة في وصف الاحتياطات التي تتخذها.

مخاوف إضافية

وبعد أسابيع من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، اجتمع مسؤولون من عدة وكالات في إدارة بايدن مع خبراء خارجيين في الحد من التسلح، لمناقشة خطر انتشار الأسلحة الصغيرة في الصراع.

 وذكرت ستول، التي حضرت أحد الاجتماعات، أن المسؤولين الأميركيين قدّموا تأكيدات بشأن فحص قوات الأمن الأوكرانية ومعالجة تقارير النقل غير المصرح به، لكن التفاصيل ضئيلة حول كيفية إجراء التدقيق أو المراقبة.

وقالت ستول: إن "ذلك لا يوحي بالكثير من الثقة".

وهناك مخاوف إضافية أيضًا لدى "مجموعات مراقبة" بشأن انتشار الأسلحة الأميركية، في ظل تقارير عن تجنيد موسكو لمرتزقة من ليبيا وسوريا والشيشان، بالإضافة إلى مجموعة فاغنر في أوكرانيا.

وقالت آني شيل، كبيرة المستشارين في مركز المدنيين: "ليس من الواضح ما هي خطوات التخفيف من المخاطر أو المراقبة التي اتخذتها الولايات المتحدة ودول أخرى، أو الضمانات التي حصلت عليها، لضمان حماية المدنيين من خلال عمليات النقل الكبيرة جدًا هذه".

وتتضمّن بعض الخطوات التي تُوصي بها "مجموعات المراقبة"، تعيين محقّق خاصّ كما فعلت الحكومة الأميركية في أفغانستان، والتأكد من احتواء أي عمليات نقل للأسلحة على إجراءات تتبع قوية، وإضافة التزامات حقوق الإنسان في شروط البيع، وإدراج تفاصيل حول الوحدات التي يمكن السماح لها بتلقي مثل هذه التحويلات. (عام 2018، منع الكونغرس "كتيبة آزوف" الأوكرانية، وهي جماعة قومية يمينية متطرفة مرتبطة بالنازية الجديدة، من تلقي الأسلحة الأميركية).

وأشارت الصحيفة إلى أن إنخراط المقاتلين الأجانب في نزاع ما، يؤدي إلى مخاطر عودة الأسلحة إلى بلدانهم الأم عند انتهاء القتال في أوكرانيا.

وفي ظل التقارير المتضاربة حول عدد المقاتلين الأجانب المشاركين في الهجوم على أوكرانيا، كانت هناك دعوات للحصول على إجابات من الإدارة الأميركية حول مصير الأسلحة المقدمة لأوكرانيا.

وفي هذا الإطار، قال أبرامسون: "من المرجح أن تبقى بعض الأسلحة في أوكرانيا لسنوات، وربما بعد عقود. ويجب أن يطرح قادة الكونغرس هذه الأسئلة، ولو في إحاطات سرية إذا لزم الأمر".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close