لطالما شكّل التخلص من الديون عبئًا على الأشخاص، الذين يستدينون المال في مرحلة معيّنة من أجل تغطية النفقات الشخصية أو التجارية أو لشراء أصول مثل منزل أو أثاث أو سيارة.
وبمعزل عن هوية الدائن، سواء كان صديقًا أو شريكًا، أو مصرفًا أو مؤسسة مالية، فإنّ العديد من المستدينين يتعثّرون في تسديد الدفعات الشهرية في وقتها.
ويتعقّد الأمر أكثر في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، مع وصول مستوى التضخّم في العالم إلى أعلى مستوى له منذ 40 عامًا، ما يؤدّي إلى تراكم الديون والفوائد المترتبة عليها.
لكن رغم ذلك، يؤكد العارفون أنّ التخلص من الديون ممكن، ويتطلب ذلك اعتماد إستراتيجيات معينة، يفنّدها هذا التقرير، استنادًا لمقال في صحيفة "الغارديان" البريطانية.
رتب أولوياتك
تؤكد المتحدثة باسم جمعية استشارات الديون الخيرية البريطانية "ستيب تشاينج" سو أندرسون، ضرورة اتخاذ إجراءات لإدارة الدين، أولها تحديد الديون ذات الأولوية والتأكد من معالجتها اولًا.
ووفقًا للمتخصصين، من المحتمل أن تكون عواقب التخلف عن سداد بعض الديون خطيرة للغاية، مثل التأخر عن تسديد إيجار المنزل أو الرهن العقاري وفواتير الطاقة وغيرها، ولذلك يجب إعطاء هذه الأنواع من الديون الأولوية.
اتصل بالمقرضين
تنقل "الغارديان" عن جيمس جونز، رئيس شؤون المستهلك في شركة المراجع الائتمانية "إكسبيريان"، قوله إن المؤسسات المالية تعرف المشهد الاقتصادي الحالي، وستفعل ما في وسعها لمساعدة العملاء.
لكنّ جونز يعتبر أنّه "في المقام الأول، من المهم التحدث إلى الدائنين أو مقدمي الخدمات".
وقد يقترح الدائنون حلولًا مختلفة - وستعتمد الخيارات على ظروف المدين ومدى المشكلة وحجم الدين.
استعن باستشارة متخصص
وقد يكون طلب المشورة بشأن الديون أمرًا جيّدًا، فهناك مؤسسات متخصصة تساعد الفرد على تحديد ميزانيته وتعطيه بعض النصائح حول كيفية إدارة ديونه.
وأظهر بحث أجرته جمعية استشارات الديون الخيرية البريطانية "ستيب تشاينج" أن 55% من عملائها قد انتظروا أكثر من عام قبل طلب المساعدة في ديونهم. وتقول سو أندرسون، المتحدثة باسم "ستيب تشاينج": "لقد انتظر الكثير من الناس وعانوا بصمت. إنهم يحاولون استخدام آليات التأقلم الأخرى، قبل أن يتصلوا بنا".
وتختلف أسباب التأخير لكن الأبحاث التي أجرتها هيئة السلوك المالي البريطانية تظهر أن 42% من الأشخاص الذين كانوا يكافحون ماليًا وتجاهلوا محاولات المقرضين للتواصل معهم بشأن المدفوعات الفائتة، فعلوا ذلك لأنهم شعروا بالخجل.
ويعتقد المتعثرون عن دفع الديون أن الآخرين سيعتقدون أن المشكلة ناتجة عن سوء إدارة الأموال. وتقول "ستيب تشاينج": "إن الغالبية العظمى من عملائها واجهوا صعوبات مالية بسبب تغير في حياتهم أدى لانخفاض مفاجئ في دخلهم مثل حدوث طارئ صحي أو التعرض لحادث". لكن ارتفاع فواتير الطاقة والغذاء والوقود فرض الكثير من الصعوبات المالية في الآونة الأخيرة.
ابحث عن عمل إضافي
ومن الإستراتيجيات التي قد تكون مفيدة أيضًا للتخلص من الديون، البحث عن عمل إضافي لزيادة المدخول، علمًا أنّ الخبير الاقتصادي مروان مخايل أشار في حديث سابق إلى "العربي" إلى أن الديون تسهّل على الفرد القيام بمشتريات، من دون أن ينتظر حتى أن يوفر الأموال اللازمة لذلك.
ولفت إلى أن الاستدانة أصبحت أسهل ولفترات أطول في ظل توفر أنواع مختلفة من القروض ولكن البعض قد يتعثّر في تسديدها.
وشرح مخايل أن التخلص من الدين يجب أن يكون على مراحل، حيث يمكن اعتماد ثلاث إستراتيجيات، أولاها السعي إلى تخفيض النفقات وبالتالي توفير أموال إضافية لسداد المستحقات، أو السعي إلى إيجاد عمل إضافي، حيث يساعد المدخول الإضافي الفرد على التخلص من ديونه بشكل تدريجي. كما يمكن التفاوض مع الدائن لإعادة جدولة الديون المستحقة.
لكن الخبير الاقتصادي اعتبر أن اعتماد إستراتيجية معينة يرتبط بوضع الفرد، وقال: "في بعض الأحيان يتعذّر تخفيض النفقات".
وأكد على أهمية التخلّص من القروض الشخصية في بادئ الأمر لأنها تعطى بفوائد مرتفعة.
كما حذّر مخايل من الإنجرار إلى تكديس الديون لأن سدادها يصبح أصعب بسبب تراكم الفوائد.