السبت 24 مايو / مايو 2025
Close

تراكم النحاس المهدد للحياة.. ماذا نعرف عن داء ويلسون؟

تراكم النحاس المهدد للحياة.. ماذا نعرف عن داء ويلسون؟ محدث 28 نيسان 2025

شارك القصة

غالبًا ما يُصاب المرضى بداء ويلسون بأعراض التهاب الكبد- غيتي
غالبًا ما يُصاب المرضى بداء ويلسون بأعراض التهاب الكبد- غيتي
الخط
داء ويلسون هو حالة وراثية نادرة حيث يتراكم النحاس في الجسم نتيجة عيب جيني، وقد يُسبب ارتفاع النحاس بتلف في الأعضاء وقد يُهدد الحياة في حال عدم علاجه.

في عام 1912، نشر صموئيل ألكسندر كينير ويلسون وهو طبيب وأخصائي أعصاب بارز، مقالته الرائدة بعنوان "التنكس العدسي التدريجي: مرض عصبي عائلي مرتبط بتليف الكبد".

وعلى الرغم من وجود تقارير متفرقة سابقة عن أمراض عصبية لدى المرضى الذين وُجد أنهم مصابون بتليف الكبد، إلا أنه لم يتم التعرف رسميًا على هذا الارتباط الخاص بأمراض الكبد، حتى عمل صموئيل ألكسندر كينير ويلسون في أطروحته لدكتوراه الطب عام 1911 في كلية الطب بجامعة إدنبرة، بحسب موقع "باب ميد".

وهكذا بدأت قصة ما أصبح يُعرف باسم مرض ويلسون حيث لم يكن صموئيل ألكسندر كينير ويلسون مصابًا بالاضطراب ولم يكن يحمل جينات غير طبيعية.

ما هو داء ويلسون؟

داء ويلسون هو حالة وراثية نادرة، حيث يتراكم النحاس في جسم الذين يعانون من هذا المرض. وتؤثر هذه الحالة على الكبد والدماغ والعينين وأعضاء أخرى. وقد يُسبب ارتفاع النحاس في الجسم تلفًا في الأعضاء يُهدد الحياة في حال عدم علاجه.

وينتقل داء ويلسون من الآباء إلى الأبناء، ويتطلب وجود نسخة من الجين غير الطبيعي من كلّ من الوالدين. من الصعب جدًا معرفة من سيُصاب به، لأن الآباء غالبًا لا تظهر عليهم أعراض تُشير إلى حملهم للجين غير الطبيعي.

ويُصيب هذا الداء شخصًا واحدًا من كل 30,000 شخص، بحسب مكتبة الولايات المتحدة الوطنية للطب. وهو أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة به. فبعض السكان لديهم معدل أعلى للإصابة بداء ويلسون نتيجةً لتزايد حالات زواج الأقارب.

ويُصاب الذكور والإناث على حد سواء بداء ويلسون. وفيما يبلغ معدل عمر ظهور المرض عادةً 44 عامًا، تم اكتشاف هذا الاضطراب لدى أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات، وكذلك لدى بالغين تصل أعمارهم إلى 70 عامًا، بحسب مكتبة الولايات المتحدة الوطنية للطب. 

تراكم النحاس

يحتاج الجسم إلى النحاس كعامل مساعد لبعض الإنزيمات مثل السيرولوبلازمين، وأوكسيديز السيتوكروم سي، ودوبامين بيتا هيدروكسيلاز، وفائق أكسيد ديسميوتاز، وتيروسيناز. يدخل النحاس الجسم عبر الجهاز الهضمي بمساعدة بروتين ناقل في خلايا الأمعاء الدقيقة، ويساعد هذا الناقل على حمل النحاس داخل الخلايا.

داء ويلسون هو حالة وراثية نادرة ويحمل المصاب به نسخة من الجين غير الطبيعي من كلٍّ من الوالدين- غيتي
داء ويلسون هو حالة وراثية نادرة ويحمل المصاب به نسخة من الجين غير الطبيعي من كلٍّ من الوالدين- غيتي

واستجابةً لارتفاع مستويات النحاس، يُطلق إنزيم يُسمى ATP7A النحاس في الوريد البابي إلى الكبد حيث يزال النحاس الزائد عن طريق إفرازه في الصفراء. ولدى مرضى ويلسون، تتعطل وظيفتا ATP7B. ويتراكم النحاس في الكبد، ويُفرز السيرولوبلازمين بشكل يفتقر إلى النحاس، ويتحلل بسرعة في مجرى الدم.

ويُعد النحاس معدنًا انتقاليًا، وتؤدي مستوياته الزائدة إلى تكوين مجموعة هيدروكسيل سامة وزيادة الإجهاد التأكسدي في الخلايا. يُلحق هذا الإجهاد التأكسدي الضرر بالخلايا ويؤدي إلى ظهور أعراض سريرية، وهي فشل الكبد، ومشاكل سلوكية، واضطرابات حركية، ومشاكل القرنية.

ما هي أعراض داء ويلسون؟

تختلف أعراض داء ويلسون اختلافًا كبيرًا من شخص لآخر. يُولد البعض مصابين بالداء، لكن الأعراض لا تظهر إلا بعد تراكم النحاس في الكبد أو الدماغ أو العينين أو أعضاء أخرى. عادةً ما تظهر أعراض داء ويلسون على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و40 عامًا. ومع ذلك، قد تظهر الأعراض على بعض الأشخاص في أعمار أصغر أو أكبر، بحسب "كليفلاند كلينك".

ويتم تشخيص بعض الأشخاص باضطرابات كبدية أو نفسية أخرى في حين أنهم مصابون بالفعل بداء ويلسون. ويرجع ذلك إلى أن الأعراض قد تكون غير محددة ومتشابهة مع حالات أخرى حتى يتم قياس مستويات النحاس.

وغالبًا ما يُصاب المرضى بداء ويلسون بأعراض التهاب الكبد، وقد يعانون من انخفاض مفاجئ في وظائف الكبد، وقد تشمل هذه الأعراض:

  • التعب؛
  • الغثيان والقيء؛
  • ضعف الشهية وفقدان الوزن بشكل غير متوقع؛
  • ألم فوق الكبد، في الجزء العلوي من البطن؛
  • لون بول داكن؛
  • لون براز فاتح؛
  • اصفرار بياض العينين والجلد (اليرقان)؛
  • حكة في الجلد.

أعراض الجهاز العصبي المركزي

كما يظهر على الأشخاص المصابين بداء ويلسون أعراض في الجهاز العصبي المركزي تؤثر على صحتهم النفسية نتيجة تراكم النحاس في أجسامهم. هذه الأعراض أكثر شيوعًا لدى البالغين، ولكنها قد تظهر أيضًا لدى الأطفال.

وقد تشمل أعراض الجهاز العصبي ما يلي:

  • مشاكل في الكلام أو البلع أو التنسيق الحركي؛
  • تصلب العضلات؛
  • ارتعاش أو حركات لا إرادية.

كما تشمل أعراض داء ويلسون التي تؤثر على الصحة النفسية ما يلي:

  • القلق؛
  • تغيرات في المزاج أو الشخصية أو السلوك؛
  • اكتئاب؛
  • اضطرابات في الأفكار والمشاعر تُصعّب التمييز بين الواقع والخيال (الذهان)؛
  • أعراض العين.

إلى ذلك، يعاني العديد من المصابين بمرض ويلسون من ظهور حلقات خضراء أو ذهبية أو بنية اللون حول حافة قرنية العين (حلقات كايزر-فلايشر) جراء تراكم النحاس في العين. 

ويمكن أن يؤثر داء ويلسون على أجزاء أخرى من الجسم، ويسبب أعراضًا تشمل:

  • فقر الدم الانحلالي؛
  • مشاكل العظام والمفاصل (التهاب المفاصل أو هشاشة العظام)؛
  • مشاكل القلب (اعتلال عضلة القلب)؛
  • مشاكل الكلى (الحماض الأنبوبي الكلوي أو حصوات الكلى).

تشخيص الإصابة بداء ويلسون

ويعد تشخيص الإصابة بهذا المرض صعبًا، ويتضمن فحوصات دم وبول وخزعة كبد، بالإضافة إلى التقييم السريري. يمكن استخدام الاختبارات الجينية لفحص أفراد عائلة المصابين.

وبحسب "هوبكنز ميديسن "قد يخضع المريض أيضًا لفحوصات لتأكيد إصابته من عدمها ومنها:

  • فحص العين للتأكد من وجود حلقات كايزر فلايشر؛
  • فحوصات الدم لرصد مستوى النحاس في الدم؛
  • فحص البول على مدار 24 ساعة لتحديد كمية النحاس في البول؛
  • خزعة الكبد؛
  • الفحوصات الجينية لتحديد الجينات غير الطبيعية التي تسبب داء ويلسون.
يعاني العديد من المصابين بمرض ويلسون من ظهور حلقات حول حافة قرنية العين جراء تراكم النحاس فيها- غيتي
يعاني العديد من المصابين بمرض ويلسون من ظهور حلقات حول حافة قرنية العين جراء تراكم النحاس فيها- غيتي

علاج ويلسون

يحتاج المصابون بداء ويلسون إلى علاج مدى الحياة. ويمكن أن يسبب داء ويلسون فشلًا كبديًا حادًا، وهي حالة يتوقف فيها الكبد عن العمل بسرعة دون سابق إنذار. ويتعرّض حوالي 5% من المصابين بداء ويلسون لفشل كبدي حاد عند تشخيص حالتهم، علمًا أنّ مثل هذا الأمر قد يتطلب عملية زرع كبد.

يركز علاج داء ويلسون على خفض مستويات النحاس السامة في الجسم، والوقاية من تلف الأعضاء والأعراض التي تظهر عند اختلال وظائفها. ويشمل العلاج:

  • تناول أدوية تُزيل النحاس من الجسم (عوامل استخلاب، د-بنسيلامين، رباعي ثيوموليبدات)؛
  • تناول الزنك لمنع امتصاص الأمعاء للنحاس؛
  • اتباع نظام غذائي منخفض النحاس.

أطعمة يجب تجنبها

عمومًا، قد ينصح الطبيب مرضى ويلسون بتغيير نظامهم الغذائي لتجنب بعض الأطعمة الغنية بالنحاس، ومنها:

  • المحار؛
  • الكبد؛
  • الشوكولاتة؛
  • الفواكه المجففة؛
  • الفاصوليا والبازلاء المجففة؛
  • الفطر؛
  • المكسرات وغيرها من الأطعمة الغنية بالنحاس.
تابع القراءة

المصادر

ترجمات

الدلالات